خلافاً للتوقعات، فاز اليسار الفرنسي بأكبر عدد من الأصوات، بعد أن بدا اليمين المتطرف قبل أسبوع أقرب ما يكون إلى السلطة بعد النتائج التي أظهرت تقدمه بشكل كبير في الدورة الأولى من انتخابات الجمعية الوطنية. إلا ان هذا الفوز الذي بنت عليه مارين لوبان زعيمة "التجمع الوطني" آمالاً تقوم على الاستحواذ على التأثير بالقرار الفرنسي وتضييق الطريق على الرئيس، سرعان ما تبدد في الجولة الثانية بعد أن حصد اليسار 182مقعداً. وهذا ما يصفه مراقبون بأنه إيقاف واحدة من أكبر الانقلابات السياسية في تاريخ فرنسا الحديث.
فازت الكتلة اليسارية ب 195 مقعداً من أصل 577 مقعداً في الجولة الثانية من الانتخابات التشريعية المبكرة في فرنسا، منها 182 مقعداً للجبهة الشعبية الجديدة و13 مقعداً لليسار، بحسب النتائج النهائية لوزارة الداخلية الفرنسية.
وحصل حزب الرئيس إيمانويل ماكرون وحلفاؤه على 168 مقعداً: 98 مقعداً لحزب النهضة، و34 مقعداً لحزب موديم و26 مقعداً لحزب هورايزونز. و6 مقاعد "وسطية مختلفة" تكمل هذه الكتلة الوسطية.
وتبعه التجمع الوطني المتحالف مع الجمهوريين بزعامة إريك سيوتي ب 143 نائباً، بما في ذلك 126 من الحزب الذي تقوده لوبان وجوردان بارديلا.
وتترك هذه النتائج مجلس النواب مصاباً بالشلل السياسي بعد ان فشل أي من الأحزاب نيل 289 مقعداً وهذا ما يسمح له بالاستئثار بالأغلبية.
اتبع اليساريون وحلفاؤهم استراتيجية أثبتت فعاليتها للإطاحة بحظوظ اليمين المتطرف وقطع الطريق عليه لنيل مزيد من الأصوات على غرار الجولة الأولى. وكانت السياسة الانتخابية تقوم على توحيد جهود الوسطيين واليسار لتشكيل "جبهة جمهورية" لمواجهة التجمع الوطني في الجولة الثانية من التصويت وانسحب المرشحون في جميع أنحاء فرنسا من السباقات الثلاثية ودعوا إلى الوحدة ضد حزب لوبان.
حيث سحب الائتلاف أكثر من 130 من مرشحيه من السباقات الثلاثية التي كان لليمين المتطرف فرصة للفوز فيها، ودفع أنصارهم للتصويت بشكل استراتيجي ضد مرشحي اليمين المتطرف. ويضم التحالف أربعة أحزاب يسارية: الشيوعيون والاشتراكيون والخضر وحزب اليسار المتطرف "فرنسا الأبية".
قامت الجبهة الشعبية الجديدة بحملتها الانتخابية على أساس برنامج من شأنه رفع الحد الأدنى للأجور الشهرية في فرنسا وخفض سن التقاعد القانوني من 64 عاماً إلى 60 عاماً وإعادة فرض ضريبة على الثروة وتجميد أسعار الطاقة والغاز. وبدلاً من خفض الهجرة، كما تعهد التجمع الوطني، قال التحالف إنه سيجعل عملية اللجوء أكثر سلاسة. وقال البرنامج إن الحلف يدعم "كفاح أوكرانيا من أجل الحرية ضد روسيا"، ودعا الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إلى "المساءلة عن جرائمه أمام العدالة الدولية". ولم يتضح كيف سيتم تمويل البرنامج الاقتصادي للحلف في وقت تواجه فيه فرنسا عجزاً متضخماً في الميزانية.
وعلى رغم الجهود المبذولة من قبل ماكرون لإبعاد الخضر والاشتراكيين عن الائتلاف اليساري لتشكيل ائتلاف يسار الوسط مع كتلته، إلا أن مؤشرات على تفكك وشيك للجبهة الشعبية الجديدة.
في حين أنه إذا لم يتم التوصل إلى اتفاق، ستدخل فرنسا منطقة مجهولة، حيث ينص الدستور على أن ماكرون لا يمكنه الدعوة إلى انتخابات برلمانية جديدة إلا بعد انقضاء 12 شهراً أخرى. كما ينص الدستور على أن يختار الرئيس من سيشكل الحكومة، ولكن أيّاً كان من سيختاره سيواجه تصويتاً على الثقة في الجمعية الوطنية في 18 تموز/ يوليو الجاري.
وكان من أهم الوعود الانتخابية الرئيسية التي أطلقها اليسار هو الاعتراف الاعتراف بدولة فلسطينية وفرض عقوبات على إسرائيل إذا لم تحترم القانون الدولي في غزة والضفة الغربية المحتلة.
الكاتب: غرفة التحرير