السبت 15 تشرين ثاني , 2025 12:54

هزيمة الغرب لإيمانويل تود

يعتبر كتاب "هزيمة الغرب" للمؤرّخ وعالم الأنثروبولوجيا الفرنسي إمانويل تود، واحداً من أبرز المؤلّفات النقدية في الأعوام الأخيرة، التي تستعرض بالمعطيات والحقائق – وليس بالشعارات – مدى التراجع البنيوي للحضارة الغربية المعاصرة، الى الحدّ الذي يُمكن من خلالها وصف هذا التراجع بالهزيمة.

والكاتب المعروف، بقدرته على الربط بين التحوّلات الديموغرافية والبُنى العائلية والأنظمة الاقتصادية والسياسية، استطاع سابقاً – أي في العام 1976 - استشراف سقوط الاتحاد السوفياتي قبل حصوله بـ 13 عاماً، يقدّم في هذا الكتاب رؤية متكاملة تصف التدهور المتسارع للغرب بوصفه منظومة حضارية، اقتصادية، فكرية، وروحية. فتود يستعرض الأزمة الديموغرافية، وتراجع التعليم، وفقدان المعنى، وتصدّع الديمقراطية الليبرالية، والغطرسة الجيوسياسية، وانهيار القدرة على إنتاج نموذج حضاري قابل للاستمرار.

وهنا لا بد التوضيح، بأنه عندما يستخدم تود كلمة "هزيمة"، فهو يقصدها بالمعنى البنيوي الحضاري، وليس بمعنى الانكسار العسكري المباشر. فالغرب بحسبه يهزم نفسه بنفسه. والهزيمة هنا ليست لحظة واحدة، بل عملية تراكمية تتفاعل فيها عوامل داخلية وخارجية. ويمكن تلخيص هذه الهزيمة في 4 مستويات رئيسية: الهزيمة الديموغرافية، والهزيمة الاقتصادية والاجتماعية، والهزيمة القيمية والمعرفية، والهزيمة الجيوسياسية.

ووفقاً لتود، فإن العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا، التي تحوّلت الى حرب غير مباشرة بين روسيا والغرب بقيادة أمريكا، ليست سوى أعراض مرض أعمق: خوف الغرب من خسارة مركزه التاريخي. لكنه يشير إلى مفارقة مهمّة: لقد كشف الصراع في أوكرانيا حدود القوة الغربية، وليس حدود القوة الروسية أو الصينية. فالعقوبات، التي كانت في السابق سلاحًا فاعلًا، فقدت تأثيرها في عالم تعدّدي. والغرب، الذي كان يسيطر على كل مفاصل النظام الدولي، بدأ يكتشف أنّ قدرته على فرض إرادته تتراجع يومًا بعد يوم.

أما بالنسبة لأمريكا، فيرى تود أنها تحوّلت إلى "إمبراطورية عدمية" (العدمية: هي وجهة نظر فلسفية ترى أن الوجود أو الحياة الإنسانية، أو كليهما، لا معنى له ولا هدف له)، وأنها لم تعد أمة وبلداً له حدوده الواضحة، بل اختلط الداخل بالمصالح الخارجية بشكل يهدد كيان الدولة. مضيفاً أن الاقتصاد الأمريكي بات مرهوناً بالآخرين، والعجز التجاري صار كبيراً، ويتصاعد بسرعة، لافتاً الى أن منحنى الانحدار بدأ منذ منتصف ستينات القرن الماضي. مشيراً الى أن الحمائية التي تنشدها أميركا اليوم، سببها انعدام المركزية الثقافية وفقدان القيادة الأمينة لماضيها وتاريخها وتقاليدها. وهو ما بات يُلاحظ الكثير من تجلياته في أوروبا أيضاً.

هذه الآراء الجريئة، جعلت كتاب "هزيمة الغرب" يتصدر الكتب الأكثر مبيعاً، ويثير نقاشاً واهتماماً في أوروبا وأميركا، حيث تُرجم إلى مختلف اللغات، ومنها العربية عبر إصدار نشره دار الساقي.

محتويات الكتاب:

_مقدمة: مفاجآت الحرب العشر

_الفصل الأول: الاستقرار الروسي

_الفصل الثاني: اللغز الأوكراني

_الفصل الثالث: في أوروبا الشرقية، رهاب ما بعد حداثي من روسيا

_الفصل الرابع: ما الغرب؟

_الفصل الخامس: انتحار أوروبي بمؤازرة أميركية

_الفصل السادس: في بريطانيا: نحو الأمة صفر (تداعي بريطانيا)

_الفصل السابع: الدول الإسكندنافية: من النسوية إلى الصقورية

_الفصل الثامن: الطبيعة الحقة لأميركا: أوليغارشية وعدمية

_الفصل التاسع: تنفيس الاقتصاد الأميركي

_الفصل العاشر: عصابة واشنطن

_الفصل الحادي عشر: لماذا بقية العالم اختارت روسيا

_خاتمة: كيف وقعت الولايات المتحدة في الفخ الأوكراني 1990 - 2022

_تذييل العدمية الأميركية: الدليل بغزة

لتحميل الكتاب


الكاتب: غرفة التحرير




روزنامة المحور