لقد خلَّفت السياسات الرأسمالية التي تتبعها الدول الكبرى مآسي وكوارث لشعوب كثير من الدول تحت اسم "تحقيق التنمية وتعزيز الديموقراطية وحقوق الإنسان والأعمال الإغاثية"، إذ أن النتائج دائماً ما كانت سلبية، وبعيدة عن المخطط له، فضلاً عن أنها حاولت إطالة أمد هذه الكوارث، ليصبح الأمر أشبه ما يكون بتجارة كبرى تدر البلايين على الشركات والمقاولين.
ذلك هو موضوع كتاب "رأسمالية الكوارث: كيف تجني الحكومات والشركات العالمية أرباحاً طائلة من ويلات الحروب ومصائب البشرية؟"، الكتاب تأليف أنتوني لوينشتاين، وهو من كتّاب صحيفة الغارديان البريطانية ويصنف ضمن فئة "الصحافيين الجوالين"، ترجمة أحمد عبد الحميد، سلسلة "عالم المعرفة"، المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب- الكويت.
في خاتمته يقتبس المؤلف قولاً للكاتبة الهندية أرونداتي روي: "في مكان ما على الطريق اختزلت الرأسمالية فكرة العدالة، لتعني "حقوق الإنسان" فقط، وأصبحت فكرة الحلم بتحقيق المساواة كفراً. نحن لا نقاتل من أجل إصلاح هذا النظام بل يجب استبداله".
هذا الكتاب الذي يعد نتاجاً لبيئة ما بعد هجمات 11 سبتمبر 2001 في نيويورك، يكشف الوجه القبيح للنظام الرأسمالي الغربي، ويسقط القناع الذي يخفي وراءه هذا النظام لكي يستمر في ممارساته لاستغلال الشعوب الضعيفة في العالم، والاستفادة من المآسي الإنسانية للاجئين والكوارث الطبيعية والصراعات من أجل الربح، ومواصلة النهب الممنهج لخيرات هذه الشعوب ومواردها، واستنزاف ثرواتها الطبيعية لمصلحة الحكومات الغربية والشركات متعددة الجنسيات.
كتاب لوينشتاين الذي يتألف من 439 صفحة، يهدف إلى إحداث صدمةً واستفزازاً، وإماطة اللثام عن عالم قد تطور خلسةً. وهو يهدف كذلك إلى الإصرار على أن البدائل ممكنة، ورغم خلو الكتاب من نماذج لكوارث عربية، إلا أن ورودها على الذهن أثناء قراءته يعتبر أمراً حتمياً، ومتسقاً في الوقت نفسه مع عالمية "رأسمالية الكوارث" باعتبارها حالة يمكنها التغلغل في ظل الفساد المعولم، حتى في أنظمة تزعم أنها تحارب الرأسمالية، وتعمل على إفشاء العدالة الاجتماعية والتنمية المستدامة.
الكاتب: غرفة التحرير