بنسبة 95 بالمئة انتخب الشعب السوري الرئيس بشار الأسد لولاية رابعة، لتدخل سوريا في مرحلة جديدة، مرحلة العمل لتعزيز الأمل ببناء الدولة وقيادتها نحو الإعمار وبناء الاقتصاد. انتخابات حملت رسائل سياسية عديدة في الشكل والمضمون، حيث أراد الشعب السوري من خلالها تتويج صموده في مواجهة الإرهاب -على مدى عشر سنوات عجاف حملت الكثير من التضحيات - بنصر سياسي يفتتح معه سنوات حصاد الصبر والصمود والنصر لبناء دولة قوية عزيزة، خاصةً في ظل التغير في التوازنات التي طرأت على الصعيد العسكري في الفترة الماضية، فضلاً عن الجهود المبذولة للوصول إلى تسوية سياسية نهائية للأزمة تحفظ استقلال سوريا وسلامة أراضيها.
أولاً: دلالات ورسائل في الشكل
تحمل هذه الانتخابات ووصل الرئيس الأسد إلى الحكم بولاية رابعة، دلالات عدة في الشكل والمضمون، فهي على مستوى الشكل تأتي في ظل اتساع المنطقة الجغرافية المشمولة بالعملية الانتخابية، حيث شملت الانتخابات للمرة الأولى مناطق كانت تسيطر عليها مجموعات المعارضة المسلحة، كما كان لافتاً مشاركة المناطق النائية في مختلف المحافظات خصوصا في الشمال والشرق والساحل فضلاً عن العاصمة، الأمر الذي يؤكد عمق الانتماء للدولة السورية.
وفي الشكل ايضاً أتى اقتراع الرئيس بشار الأسد وعقيلته في مدينة دوما في الغوطة الشرقية، ليحمل دلالات سياسية مهمة، حيث دخلت كل دمشق العاصمة في كنف الدولة ومنها دوما، بعد أن اتخذت هذه المدينة سابقاً عاصمة لـ"جيش الإسلام" الإرهابي الذي كان يتزعمه زهران علوش، والتي كما ظهر لم تعد تشكل بيئة حاضنة للمسلحين، بل تبرّأت من وزر هذه التهمة، عبر استقبالها الرئيس الذي أدلى بصوته الانتخابي في مجلس المدينة.
بالإضافة إلى ما تقدم تأتي المشاركة الكثيفة للناخبين السوريين في الخارج، فضلاً عن الاحتفالات التي تحدت الإرهاب وعمت مختلف المناطق، ما يؤشر إلى عودة الحياة لسوريا، واستعادة الدولة عافيتها وحيويتها السياسية، والمضي قدماً نحو خيار سوريا الموحدة.
ثانياً: الدلالات والرسائل السياسية
من أبرز الدلالات السياسية التي نستخلصها ويمكن الإشارة إليها هي اقتراع الشعب السوري لخيار الدولة السورية السياسية القوية، ورفضه الدولة المزعومة التي أرادها الغرب والقوى الداعمة للإرهاب، بل اختيار الدولة السورية الوطنية القومية العروبية، وقد ظهر خيار الشعب السوري، من خلال المشاركة الكثيفة، الأمر الذي يعكس انتماء هذا الشعب لوطنه، وعدم تخليه عن دولته القوية والعزيزة.
ويدرك المتباع أن هذا الشعب يتمتع بشعور الانتماء الوطني والحفاظ على هويته وتاريخه الثقافي العريق، وهو ما يضمن بناء حاضره ومستقبله.
لقد كشفت الانتخابات الرئاسية السورية دون أدنى شك عن خيار الشريحة الأكبر من الشعب السوري والذي عبر عن إرادتته بالأمن والاستقرار، والحرص على وحدة الأرض والشعب وصيانة مؤسسات الدولة، ورفض التدخلات الخارجية والإرهاب، في مقابل اعتماد الحوار والخيار السياسي السيادي.
ومن دلائل نتائج الانتخابات كما ظهر أنها عبرت عن إرادة صانعي النصر من السوريين، واستعادة سوريا لدورها الريادي في العالم العربي، وبالتالي اسقاط المخططات والمؤامرات التي حيكت ضد الشعب السوري، وفشل الرهانات السياسية المعادية لسوريا ومحورالمقاومة الذي أثبت وأكد انتصاره على الإرهاب والمخططات الأميركية، كما جاءت المشاركة الشعبية رداً على التصريحات الغربية بخصوص عدم شرعية الانتخابات.
وبالتالي ستعزز هذه الانتخابات والمشاركة الشعبية الكثيفة فيها والاحتفالات التي عمت المدن السورية الموقف السوري في المفاوضات السياسية، وسيعزز الحوار الداخلي، كما سيدفع ذلك الدول العربية والغربية إلى السعي لفتح صفحة سياسية جديدة مع سوريا، تكون تحت سقف صيانة الاستقلال السوري ووحدة الأراضي السورية، والقبول بالواقع السوري الذي يقوم على ثوابت سياسية عربية لا يمكن تجاهلها، وذلك بقيادة الرئيس بشار الأسد الذي هو خيار الشريحة الأكبر من الشعب السوري، وهو ما سيدفع الإدارة الأميركية والأوروبيين إلى اعتماد خارطة سياسية جديدة للحل السياسي بعيداً عن خطاب الاستعلاء الذي كان يعتمد سابقاً.
كما أن من الدلالات السياسية الهامة لهذه الانتخابات، أنها ستغير بنسبة المشاركة الكثيفة التي حصلت ونتائجها، الرأي العام العالمي، كما ستسقط قناع الديمقراطية وحقوق الإنسان الذي ترفعه الدول الغربية وتستخدمه كشماعة في مواجهة الدولةالتي ترفض إملاءاتها وتدخلاتها في شؤونها.
كل ما تقدم سيعيد الوهج إلى دور سوريا العربي والإقليمي، وإعادة التعامل معها كدولة قوية لم تنكسر بحرب ضروس شنت عليها، وسيؤكد على أن الدولة المنتصرة لا يمكن التعامل معها بنبرة استعلائية وفرض الإملاءات ضدها، بل سيؤكد على ضرورة اعتماد الحل السياسي العادل وإعادة العلاقات مع دمشق من الند إلى الند.
هذا المقال يعبر عن رأي الكاتب ولا يعكس بالضرورة رأي الموقع