يبدو أن الأزمة السياسية والأمنية في الكيان المؤقت تمشي على خط مستقرّ، على الرغم مسارات التصادم بين المنظومتين السياسية والأمنية حول كفاءة الجيش. والخطاب الساخن العلني، وتكثيف الجلسات العسكرية السرية. إلا أن التقديرات لا تشير إلى وجوب وقوع الكارثة، خاصة أن عدد المتوقفين عن الخدمة قد انخفض مؤخرًا وستعود التدريبات في أيلول سبتمبر بالإضافة إلى قانون التجنيد الإجباري.
أما السياق الذي تسير عليه الأزمة اجتماعيًا فلم يفقد دافعيته لكنه أقل حدية من المعركة الدائرة بين الجيش والحكومة. وعليه فإن الحديث عن شرخ وانقسام داخلي مؤجل حتى وقوع المعركة القضائية الكبرى المنتظرة في جلسات الالتماس في أيلول سبتمبر أيضًا.
مسارات التصادم بين المنظومة السياسية والأمنية
في السياق تطرّق وزير الأمن الإسرائيلي، يوآف غالانت، إلى التهديدات الموجّهة ضد إسرائيل، خلال جولة على قاعدة وحدة "الشييطت 13" في عتليت (الأربعاء)، وقال: "في مواجهة التصريحات المتغطرسة لأعدائنا، نحن نستعد بجدية لكل سيناريو - في الجو والبحر والبر". ولمح غالانت إلى أهمية تماسك الجيش الإسرائيلي، موضحاً: "لا تدع الضوضاء الخلفية تحرفكم عن المهمة الأكثر أهمية: الحفاظ على أمن الدولة وسلامة مواطنيها". كلام غالانت يأتي على خلفية المداولات العاجلة بشأن كفاءة الجيش الإسرائيلي. إلى ذلك، تحدَّثت صحيفة "معاريف"، عن "سلسلة أحداث متفجرة: المداولات في المحكمة العليا وأزمة تشريعية يمكن أن تندلع في أعقاب قراراتها. استمرار التشريع دون توافقات واسعة مع انتهاء الإجازة الصيفية (في الكنيست)، وقضية قانون التجنيد. كل هذا من المتوقع أن يؤجج أكثر الفجوات والشروخ في المجتمع الإسرائيلي". ولفتت الصحيفة إلى أن الوقت الطويل الذي مر منذ أن اتخذ كثيرون قرارهم الدراماتيكي – خصوصًا في سلاح الجو (برفض الخدمة الاحتياطية)، فإن الأمر يتسبب في مفاقمة وتعميق أزمة الكفاءة في الجيش الإسرائيلي.
من جهته، أعلن محامي رئيس الحكومة، بنيامين نتنياهو، ووزير القضاء ياريف ليفين أن "لا سلطة للمحكمة العليا الإسرائيلية في إبطال قانون أساس"، وذلك في سياق دفاعه عن قانون تقليص "حجة المعقولية". وكانت المستشارة القضائية للحكومة، غالي بهاراف ميارا، وافقت (الأربعاء) بشكل استثنائي، لـ نتنياهو وليفين، الحصول على تمثيل منفصل أمام المحكمة، غير أنها لن تدافع على الأرجح عن موقفهما المؤيد لقانون تقليص "حجة المعقولية"، حسب موقع "واينت".
فيديو يبرز وجه الشبه بين بن غفير وسموتريتش وجماعة "كو كلوكس كلان" العنصرية
أما على المستوى الاجتماعي، فقد أصدر معارضو "التعديلات القضائية"، مقطع فيديو يقارن بين عضوي الحكومة اليمينية، وزير المالية بتسلئيل سموتريتش، ووزير الأمن القومي إيتمار بن غفير، بأعضاء جماعة "كو كلوكس كلان"، وهي جماعة أميركية عنيفة تؤمن بتفوق العرق الأبيض. وأصدرت الفيديو منظمة UnXeptable "لإنقاذ الديمقراطية الإسرائيلية"، وهي حركة "للمغتربين الإسرائيليين" المعارضين لـ"التعديلات القضائية"، وتبلغ مدته أقل من ثلاث دقائق، يفصلّون فيه أسباب احتجاجهم، ويسلطون الضوء على وجهات النظر المتطرفة لكلا الوزيرين. يقول راوي الفيديو، باللغة الإنجليزية: "تخيل لو كانت وزارة الدفاع الأميركية، ووزارة المالية يديرها أعضاء من كو كلوكس كلان، وهذا يعادل ما يحدث الآن في إسرائيل، مع اثنين من أكثر الفاشيين اليمينيين تطرفًا، بن غفير، سموتريتش، الجالسين في مناصب حكومية رئيسة". وصرح زعيم حركة UnXeptable العالمية ومقرها سان فرانسيسكو، أوفير غوتلزون، لموقع "واينت" أن الحركة تعمل في أكثر من 170 موقعًا في الولايات المتحدة وشمال إفريقيا وكندا وأستراليا. وعلى الرغم من أنها غير مرتبطة بشكل مباشر بالمنظمات الاحتجاجية في إسرائيل، إلا أن هدفها واحد.
مجموعة سيبرانية تُهدد بنشر معلومات وتقارير طبية تشمل نتنياهو
وجهت مجموعة سيبرانية كانت اخترقت حواسيب مستشفى "معياني هييشوعا"، في مدينة بني براك، تهديدا بأنها ستنشر اليوم معلومات شخصية وتقارير طبية بحوزتها حول أشخاص تلقوا العلاج في المستشفى، من بينهم رئيس الحكومة، بنيامين نتنياهو، وشخصيات عامة من الحريديم، وحاخامات كبار، في حال لم تحصل على فدية مالية تطالب بها، وتقدر بعشرات ملايين الشوكل. وقالت المجموعة إن بحوزتها معلومات تشمل مئات آلاف الوثائق مع تقارير طبية، من ضمنها نتائج فحوصات نفسية وصحية حساسة عن قياديين في مجتمع الحريديم، حسبما ذكر موقع صحيفة "إسرائيل هيوم" الإلكتروني. ويتوقع أن يؤدي كشف هذه الوثائق إلى هزة في مجتمع الحريديم. ولفت الموقع إلى أن أحد أسباب القلق المركزية يتعلق بتسرب معلومات طبية شخصية عن نتنياهو، الذي خضع لعلاج في هذا المستشفى يتعلق بالبروستاتا، في العام 2015. وتعالت مؤخرا شبهات حيال حالة نتنياهو الصحية، ويتوقع أن يبذل مكتب رئيس الحكومة جهودا من أجل منع تسرب المعلومات التي بحوزة القراصنة.
وعلى خلفية الهجوم السيبراني، كشف وزير الداخلية والصحة، موشيه أربيل، من حزب شاس، معلومات عن حالته الصحية، وقال إنه "خضع لعملية جراحية جرى خلالها استئصال قسم من كليته إثر ورم سرطاني". وأضاف إنه يجب رفض طلب القراصنة في الحصول على فدية.
الواقع أن التركيز على استغلال الأزمة الداخلية في الكيان لدوافع مادية، وتوقيت التهديد مع سطوة المطالب الحريدية، وهو ما دفع البعض منهم إلى الكشف عن الحالة الصحية تجنباً للابتزاز، إلا أن التقديرات تشير إلى أن المستوى الرسمي لن يرضخ للتهديدات رغم حساسيتها.
الكاتب: غرفة التحرير