الثلاثاء 13 آب , 2024 03:35

أمريكا اللاتينية وطوفان الأقصى.. بين عدم الاستقرار والضغوط الأميركية

ورقة علمية: جماعة دول أمريكا اللاتينية ومنطقة البحر الكاريبي (سيلاك CELAC) وطوفان الأقصى … أ. د. وليد عبد الحي

في سنة 2010 تمّ تأسيس جماعة دول أمريكا اللاتينية ومنطقة البحر الكاريبي (سيلاك) واكتملت المصادقة عليها سنة 2011، وبلغ عدد الأعضاء في هذا التنظيم الإقليمي الدولي 33 دولة، وطبقاً لبيانات المنظمة فإنها تهدف إلى "تعميق التكامل بين دول أمريكا اللاتينية، والعمل على تعزيز السلام الدولي واحترام حقوق الإنسان"، إلى جانب طموح "ضمني" لعدد من الأعضاء للحدِّ من النفوذ السياسي والاقتصادي الأمريكي في شؤون هذه المنطقة، وهو ما يظهر من سياق بعض بيانات المنظمة.

في هذه المادة المرفقة أدناه تحليلاً لموقف جماعة سيلاك من طوفان الأقصى وتوجهات الرأي العام داخل هذه الدول. وهي من إصدار "مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات" بعنوان "جماعة دول أمريكا اللاتينية ومنطقة البحر الكاريبي (سيلاك CELAC) وطوفان الأقصى".

الخلاصة:

يمكن اعتبار "عدم استقرار" التوجهات السياسية تجاه القضايا الدولية سمة أساسية في إجمالي سياسات دول الجماعة اللاتينية، ويعود ذلك إلى عدم استقرار النظم السياسية والتحولات التي تترتب على ذلك. وعند تتبع مواقف دول أمريكا اللاتينية من الصراع العربي الإسرائيلي، تبدو أربعة عوامل هي الأكثر تحديداً لطبيعة هذه العلاقة:

- التغير في النظم السياسية بين تيارات يسارية ويمينية؛ سواء نتيجة انقلابات أم عبر انتخابات رئاسية، والملاحظ أن هذه الدول تقع في معظمها ضمن مجموعة الدول "غير المستقرة" وخصوصاً الدول الأكبر في هذه المجموعة، البرازيل والمكسيك والأرجنتين وكولومبيا، وهو ما ينعكس على مواقف هذه الدول من الصراع العربي الإسرائيلي، حيث تميل أغلب النظم اليسارية نحو تأييد فلسطين خلافاً لخصومهم من اليمينيين الذين يساندون "إسرائيل".

- تؤثر المواقف الأمريكية بشكل واضح على مواقف هذه الدول من "إسرائيل"، فتحاول بعض هذه الدول مجاراة الموقف الأمريكي والاستجابة له خوفاً من الضغوط الأمريكية، وهو الأمر الذي بدأ منذ مبدأ مونرو Monroe Doctrine في السياسة الخارجية الأمريكية سنة 1823.

- تزايد التحول بين المسيحيين الكاثوليك باتجاه الإنجليكانية الأقرب في توجهاتها الدينية إلى الموقف الإسرائيلي.

- التغلغل الإسرائيلي خصوصاً في الجانب التكنولوجي في الاقتصاد الأمريكي اللاتيني، ففي الدول الأمريكية اللاتينية الأكبر، البرازيل والمكسيك والأرجنتين وكولومبيا، هناك أكثر من 450 شركة إسرائيلية تعمل في هذا القطاع.

إن المعطيات التي تناولناها تستوجب من قوى المقاومة التنبه لأهمية هذه المنطقة؛ من حيث:

- بالرغم من وجود انقسام واضح بين دول أمريكا اللاتينية في التفاعل مع طوفان الأقصى وتداعياته، إلا أن الكفة راجحة بقدر لا بأس به لصالح أنصار المقاومة بفعل تنامي النزعة اليسارية في هذا الإقليم خصوصاً في دوله الكبرى، وقد جرت تظاهرات في هذه المنطقة؛ في البرازيل، وبوليفيا، وفنزويلا، وكوبا، والبيرو، والتشيلي تأييداً لفلسطين.

- لعل قطع العلاقات مع "إسرائيل"، أو استدعاء السفراء منها، أو الانضمام إلى الدعاوى ضدّها في كل من محكمة العدل الدولية أو المحكمة الجنائية الدولية من قبل دول الجماعة الأمريكية اللاتينية هو الأكثر وضوحاً وأهمية من حيث دلالاته السياسية، وهو الأمر الذي يقتضي المتابعة وتزويد هذه الدول بالمعلومات وبكل ما يعزز هذا التوجه.

- إن توجهات الرأي العام في هذه الدول، على الرغم من النزعة الإنجليكانية فيها، يُشير إلى تعاطف واضح مع المعاناة الفلسطينية يفوق بأكثر من الضعف لدرجة التعاطف مع "إسرائيل"، وهو ما تعكسه نتائج الاستطلاعات للموقف من سياسات الرئيس بايدن المنحاز لـ"إسرائيل"، مما يستدعي التواصل مع القوى اليسارية في هذه المنطقة من منطلق التلاقي في النزعة التحررية.

- عند المقارنة بين حجم التجارة الأمريكية اللاتينية مع "إسرائيل"، 6 مليار دولار سنة 2022، وبين حجم التجارة العربية مع هذا الإقليم يتبيّن أن حجم التجارة الخليجية وحدها تعادل أكثر من ثلاثة أضعاف التجارة مع "إسرائيل"، ولكن الوزن السياسي لهذه العلاقات التجارية مع العالم العربي ما زال متواضعاً.

- من الضروري إيلاء أربع دول من دول الجماعة اللاتينية الاهتمام الأكبر في الديبلوماسية العربية والفلسطينية، وهي البرازيل والمكسيك والأرجنتين وكولومبيا، نظراً لثقلهم السياسي والاقتصادي والسكاني في هذا التنظيم الدولي.


المصدر: مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات

الكاتب: أ. د. وليد عبد الحي




روزنامة المحور