دخل اليمن المعركة التي ينتظرها منذ زمن. كان التوقيت يتكلم عن نفسه بكل دلالاته التي يحملها. فصنعاء التي ترزح تحت الحصار منذ أكثر من 8 سنوات، ولم تفرغ بعد من تشييع شهدائها المدنيين الذين قضوا في أبشع المجازر، كان من بينهم أكثر من 4300 طفل، كان لها متسع من الوقت ووفرة في الهمّة وحزم في القرار أكثر من أي بلد عربيّ آخر، حتى تزود عن فلسطين، وبالسلاح هذه المرة، بعد استهدافها القواعد الإسرائيلية المحاذية، بضربات مباشرة كان القصد منها ايقاع القتلى والخسائر.
على ضوء عدم تبني حرطة أنصار الله هذه الهجمات، تضاربت الأنباء حول الوجهة والخسائر ونوع السلاح المستخدم. وبينما حاولت وسائل الاعلام الغربية التقليل من الخسائر التي نجمت عن الاستهداف، نقلت صحيفة "وول ستريت جورنال"، عن مسؤولين أميركيين، قولهم إنّ حركة "أنصار الله" في اليمن "أطلقت 5 صواريخ كروز"، كما "أطلقت نحو 30 طائرة من دون طيار في اتجاه إسرائيل، في هجوم كان أكبر ممّا وصفه البنتاغون في البداية".
وأضاف المسؤولون أنّ "سفينة الصواريخ الموجَّهة يو أس أس كارني، والتي كانت تعمل شمالي البحر الأحمر، أسقطت 4 من صواريخ الكروز، بينما اعترضت السعودية الصاروخ الخامس"..
وكان من اللافت اعتراف البنتاغون بالقدرات الصاروخية التي بحوزة الحركة، مؤكداً أنها باتت تمتلك صواريخ كروز يبلغ مداها أكثر من 2000 كيلومتر (حوالي 1240 ميلا)، مما سيمكنها من الوصول إلى أهداف في إسرائيل.
لم يكن هذا الاستهداف يتميماً. حيث أكدت مصادر عسكرية وقوع هجوم مسلح تعرضت له قوات إسرائيلية في قاعدة دهلك اريتريا"، ولفتت الى ان الهجوم استهدف أعلى قمة جبل "أمبا سوير" التي تتخذ منها القوات الإسرائيلية مركز مراقبة في البحر الأحمر.
وكانت صحيفة هآرتس العبرية قد كشفت عام 2012، عن وجود قاعدة عسكرية إسرائيلية في إريتريا على شاطئ البحر الأحمر. وأشارت إلى أن هذا ليس "مؤشر على وجود عسكري إسرائيلي سري في الدولة الأفريقية الصغيرة...لدى إسرائيل محطة تنصت على جبل أمبا ساوارا المنعزل، بالإضافة إلى أرصفة في أرخبيل دهلك".
ونقلت عن تقارير سابقة وجود هذه الأرصفة التي قالت أنها تستخدم من قبل غواصات وسفن البحرية الإسرائيلية المشاركة في حرب إسرائيل السرية ضد الشبكات الإيرانية التي تهرب الأسلحة إلى حماس وحزب الله.
وكانت حركة أنصار قد هددت عام 2017 باستهداف القواعد الإسرائيلية في إريتريا إذا فكرت في الانضمام والمشاركة في حرب التحالف على اليمن. وحذر المتحدث العسكري القوات المسلحة حينها، من أن الصواريخ الباليستية يمكن أن تستخدم لضرب القواعد العسكرية الإسرائيلية في إذا دخلت تل أبيب الحرب.
من جهته، أكد عضو المجلس السياسي الأعلى في اليمن، محمد علي الحوثي، إنّ "المعركة ضد العدو الإسرائيلي قائمة"، مؤكداً أنّ حركة "أنصار الله" على تنسيق دائم مع كل جهات محور المقاومة.
كان خبر الاستهداف أشد وقعاً على القيادة العسكرية الأمنية الاسرائيلية الأميركية المشتركة. وينسحب هذا الأمر على كيفية تعاطي الصحافة الغربية مع الحدث. حيث معهد واشنطن للدراسات، أن ما جرى يمثل "واحدة من اللحظات النادرة التي تشترك فيها الحكومة المدعومة من السعودية والحوثيون وجهة نظر مماثلة. لم يعرب القادة اليمنيون عن إدانتهم القاطعة لإسرائيل فحسب، بل خرج المواطنون من الأراضي التي يسيطر عليها الجانبان إلى الشوارع بأعداد كبيرة...لقد رفعوا العلمين اليمني والفلسطيني بينما أعربوا عن رفضهم الشديد للقصف الإسرائيلي لغزة. وعلى الرغم من خلافاتهم الداخلية، فقد ألهم الصراع في غزة موقفا مشتركاً"
وأعرب توماس فريدمان،الكاتب في صحيفة نيورك تايمز الأميركية،عن قلقه في أن كيان الاحتلال أصبح اليوم أمام مواجهة مختلفة متعددة الجبهات. وقال "إذا كنت تهتم بإسرائيل، فيجب أن تكون أكثر قلقاً من أي وقت آخر منذ عام 1967. في ذلك الوقت، هزمت إسرائيل جيوش ثلاث دول عربية – مصر وسوريا والأردن – فيما أصبح يعرف باسم حرب الأيام الستة. اليوم، إذا نظرت عن كثب، سترى أن إسرائيل تخوض الآن حرب الجبهات الست".
الكاتب: غرفة التحرير