مفهوم التكيّف بعد الحرب يقوم على فكرة أن الإنسان والمجتمع قادران على إعادة تنظيم نفسيهما بعد التجربة الصادمة، وتحويل الألم إلى قوة بنّاءة. التكيّف هنا ليس تعايشاً مع الخسارة، بل بحثاً عن معنى جديد للحياة وإعادة بناء الروابط الاجتماعية والثقة الجماعية، وفق منظومة قيمية وثقافية تمكّن الفرد والمجتمع من الصمود والنمو رغم آثار الدمار والغياب والخوف.
يعتبر المقال المرفق أدناه، للكاتب إبراهيم شمس الدين أن آثار الحروب ليست مجرد خسائر مادية أو بشرية، بل تحولات بنيوية عميقة تُصيب النظام الاجتماعي والنفسي والاقتصادي، وتؤسس لتحديات ممتدة عبر الزمن. ويرى المقال أن الحرب تُحدث صدمة جماعية لا يمكن محوها بالكامل، بل يمكن فقط التخفيف من آثارها عبر آليات التكيّف وإعادة البناء النفسي والاجتماعي.
وتشير الدراسة إلى أن التكيّف بعد الحرب ليس حدثاً عابراً، بل عملية طويلة الأمد تتطلب بناء مرونة اجتماعية مسبقة، وتفعيل قدرات المجتمع على الاستجابة للصدمات. كما يوضح المقال أن التكيّف يتخذ أبعاداً بيولوجية ونفسية وفلسفية وروحية، تجعل الفرد والمجتمع قادرين على التعامل مع التغيير والتحول، وعدم الوقوع في شلل ما بعد الصدمة.
ويعتبر المقال أن التدخلات بعد الحرب يجب أن تشمل إعادة الإعمار، وخلق شعور بالأمان، ودعم الأسر الفاقدة للمُعيل، وتقوية الروابط الاجتماعية، إضافة إلى بناء استراتيجيات الوعي بالمخاطر لتفادي تجدد الصدمة. ويرى أن التماسك الاجتماعي ورأس المال الاجتماعي هما عنصران حاسمان لبناء القدرة الجماعية على النهوض.
كما يرى المقال أن معوقات التكيّف تشمل الصدمة النفسية، الانقسامات الداخلية، فقدان الثقة بالسلطات، والتدخلات الخارجية التي تُخضع عملية التعافي لشروط سياسية أو إقليمية، إضافة إلى الأزمة الاقتصادية والبطالة وانعدام الشعور بالأمن حتى بعد انتهاء العمليات العسكرية.
ويرى المقال أن الإسلام يقدم إطاراً أخلاقياً وروحياً يدعم قدرة المجتمعات على الصمود، عبر التكافل الاجتماعي، والمواساة، وعدم الغفلة، والاستعداد النفسي والمادي للتهديدات، بما يجعل المجتمع أكثر قدرة على التكيّف وتقليص آثار الصدمة.
ويعتبر المقال أن من أهم الدروس المستفادة بعد الحرب هي بناء سردية مشتركة للذاكرة الجماعية، واستخدام الإعلام كأداة مقاومة نفسية، وتفعيل مؤسسات الدعم المجتمعي، وتعزيز الهوية الثقافية والدينية كأسلحة ناعمة ضد الانهيار الداخلي. وتشير الدراسة إلى أن الرواية الموحدة تساعد على تحويل الألم إلى معنى، والخسارة إلى رمز، والهزيمة إلى ذاكرة نضال.
لتحميل الدراسة من هنا
الكاتب: إبراهيم شمس الدين