الخميس 04 أيلول , 2025 04:06

الاقتصاد اليمني بين التدخلات الخارجية والمشاكل الداخلية

العملة اليمنية وحكومة عدن وأنصار الله

يواجه الاقتصاد اليمني تحديات عميقة ومتعددة الجوانب، تعود جذورها بالدرجة الأولى إلى حالة عدم الاستقرار السياسي والأمني التي يعيشها البلد منذ سنوات طويلة، وتزداد هذه الأوضاع تعقيدًا بفعل التدخلات الخارجية المباشرة وغير المباشرة، والتي تهدف إلى إضعاف اليمن وإبقائه في حالة هشاشة مستمرة، الأمر الذي يسهّل التأثير على قراره السيادي والتحكّم بمسار تطوره الاقتصادي.

وقد انعكست هذه الظروف على مختلف القطاعات الاقتصادية، من تراجع في الإنتاج المحلي، وتعطّل في الاستثمارات، وانكماش في سوق العمل، وصولاً إلى انهيار العملة الوطنية وتفاقم معدلات الفقر والبطالة.

وخلال السنّوات الماضية، وتحديدًا منذ بداية العدوان على اليمن عام 2015، شهد الاقتصاد الوطني تدهورًا متسارعًا، نتيجة تعرّضه لضربات مباشرة طالت معظم ركائز البنية التحتية الاقتصادية، بما في ذلك الموانئ والمطارات والمصانع والمزارع وغيرها من القطاعات الحيوية، ولم يقتصر الأمر على التدمير المادّي فحسب، بل اتخذ التحالف بقيادة السعودية إجراءات منظمة للسيطرة على مفاصل الاقتصاد اليمني، ولا سيما في المناطق الخاضعة لسيطرة القوى الموالية له.

ففي سبتمبر 2016، أصدر الرئيس الموالي للتحالف عبد ربه منصور هادي قرارًا يقضي بنقل عمليات البنك المركزي اليمني من صنعاء إلى عدن، في خطوة اعتُبرت حينها محاولة مكشوفة لاستخدام الاقتصاد كسلاح في الحرب الدائرة، وضربة قاسية قصمت ظهر المنظومة الاقتصادية اليمنية برمتها، أعقب هذا القرار اضطراب مالي واسع النطاق، بلغ ذروته مع الانقسام النقدي والمالي الذي تفاقم في عام 2019، حين أعلن البنك المركزي في صنعاء وقف التعامل بالأوراق النقدية الجديدة التي طُبعت في عدن منذ عام 2017، والاكتفاء بتداول الطبعات القديمة للعملة المحلية، جاء هذا الإجراء كخطوة احترازية تهدف إلى الحد من انهيار الريال اليمني، خصوصًا بعدما أقدم بنك عدن في عام 2018 على طباعة كميات إضافية من العملة دون غطاء نقدي، ما سرّع وتيرة التضخم وأدى إلى انهيار قيمة العملة في تلك المناطق.

وقد أثبت الواقع لاحقًا أنّ قرار صنعاء كان عاملًا حاسمًا في الحفاظ على قدر من الاستقرار النقدي داخل المناطق التي تسيطر عليها، حيث بقيت العملة أقل عرضة للتدهور مقارنة بالمناطق الواقعة تحت سيطرة القوى الموالية للتحالف، والتي استمر فيها مسلسل الانهيار وعدم الاستقرار، وهكذا أصبح الانقسام الاقتصادي والنقدي أحد أبرز سِمَات الأزمة اليمنية الراهنة، ومؤشرًا على مدى عمق الأثر الذي خلّفه العدوان على اليمن.

المقال المرفق أدناه، يوضح أن الاقتصاد اليمني يعاني أزمة عميقة بفعل الحرب المستمرة منذ 2015 والتدخلات الخارجية التي جعلت منه ساحة صراع أكثر من كونه مجالًا للتنمية. فقد اتخذت دول التحالف بقيادة السعودية والإمارات سياسات اقتصادية تقوم على استنزاف الثروات النفطية والمعدنية والسمكية، وتقديم ودائع مالية للبنك المركزي في عدن بهدف شراء الولاءات لا دعم التنمية، فيما استخدمت الولايات المتحدة الاقتصاد كسلاح ضغط عبر العقوبات والتهديد المباشر بانهيار العملة.

انقسم النظام النقدي بين صنعاء وعدن منذ 2016، حيث استطاعت صنعاء الحفاظ على قدر من الاستقرار بفضل سياسة نقدية موحدة ومنع تداول الطبعات الجديدة للعملة، بينما شهدت مناطق عدن انهيارًا حادًا بفعل الفساد والانقسامات بين الفصائل الموالية للتحالف، وتوجيه الموارد لمصالح شخصية وصرف ملايين الدولارات لمسؤولين مقيمين في الخارج.

أما موارد حكومة عدن فهي قائمة أساسًا على الودائع الخارجية، الضرائب والجمارك، إيرادات النفط والغاز، إضافة إلى عوائد النقل والجوازات، لكنها لم تُستثمر في تحسين الخدمات أو البنية التحتية، بل ذهبت في معظمها إلى قنوات الفساد. وفي المقابل، تمكنت صنعاء من تثبيت سعر الصرف عند حدود معينة عبر إدارة مركزية للموارد ورقابة صارمة على الصرافة وتشجيع التجارة الداخلية.

الخلاصة أن الاقتصاد اليمني يظل رهينة للتدخلات الخارجية والانقسام الداخلي، ولا يمكن أن يتعافى إلا بوقف استغلاله كورقة ضغط سياسي، وتوحيد المؤسسات النقدية والإيرادية، وإعادة استثمار الثروات الوطنية لصالح التنمية بدلًا من بقائها أداة للصراع.

لتحميل الدراسة بشكل كامل من هنا


الكاتب: رضوان العمري




روزنامة المحور