الخميس 04 أيلول , 2025 12:33

أسوشيتد برس: إسرائيل تكثّف أعمال بناء منشأة جديدة في مفاعل ديمونا

أعدّ مدير أخبار الخليج وإيران في وكالة أسوشيتد برس جون غامبريل تحقيقاً، ترجمه موقع الخنادق الإلكتروني، يكشف فيه بأن الكيان المؤقت يكثّف أعمال البناء في منشأة جديدة ضخمة ضمن موقع ديمونا النووي الذي يُعتبر أساسياً في برنامج الأسلحة الذرية الإسرائيلي، وفقاً لصور أقمار صناعية حلّلها خبراء. ويقول هؤلاء إن المنشأة قد تكون مفاعلاً نووياً جديداً أو منشأة لتجميع الأسلحة النووية، غير أن السرية التي تحيط بالبرنامج تجعل من الصعب الجزم بذلك.

وعليه فإن الأجدر بالوكالة الدولية للطاقة الذرية ومجلس الأمن الدولي وهيئة الأمم المتحدة وأمريكا ودول الترويكا الأوروبية، الّذين يدّعون الحرص على سلام وأمن منطقة غربي آسيا والعالم ويزعمون الحرص على منع انتشار الأسلحة النووية، مواجهة إسرائيل ووضع برنامجها النووي قيد المساءلة والتفتيش والمحاسبة، كونها الكيان الوحيد في منطقتنا الذي يمتلك برنامجاً نووياً عسكرياً وعشرات القنابل النووية، والتي تم التهديد باستخدامها مرات عديدة من قبل مسؤولين إسرائيليين!!

النص المترجم:

تكثّفت أعمال البناء في منشأة جديدة ضخمة ضمن موقع يُعتبر أساسياً في برنامج الأسلحة الذرية الإسرائيلي المشتبه به منذ زمن طويل، وفقاً لصور أقمار صناعية حلّلها خبراء. ويقول هؤلاء إن المنشأة قد تكون مفاعلاً نووياً جديداً أو منشأة لتجميع الأسلحة النووية، غير أن السرية التي تحيط بالبرنامج تجعل من الصعب الجزم بذلك.

أعمال البناء في مركز شمعون بيريز للأبحاث النووية في النقب قرب مدينة ديمونا ستجدد التساؤلات حول مكانة إسرائيل، التي يُعتقد على نطاق واسع أنها الدولة الوحيدة في الشرق الأوسط التي تمتلك سلاحاً نووياً.

وقد تثير هذه الأعمال أيضاً انتقادات دولية، خصوصاً أنها تأتي بعد أن قصفت إسرائيل والولايات المتحدة مواقع نووية في إيران في حزيران / يونيو، بدعوى الخشية من أن تستغل الجمهورية الإسلامية منشآت التخصيب في سعيها لامتلاك سلاح ذري. ومن بين المواقع المستهدفة كان مفاعل آراك للماء الثقيل الإيراني.

7 خبراء فحصوا الصور، وقالوا جميعاً إنهم يعتقدون أن البناء مرتبط ببرنامج إسرائيل النووي المشتبه به منذ عقود، نظراً لقربه من مفاعل ديمونا الذي لا توجد فيه محطة كهرباء مدنية. لكنهم انقسموا حول طبيعة المنشأة الجديدة.

_3 خبراء رجّحوا أن يكون المفاعل الجديد مفاعلاً للماء الثقيل، استناداً إلى حجم الموقع وعدد طوابقه تحت الأرض، حيث إن مثل هذه المفاعلات تنتج البلوتونيوم ومواد أخرى أساسية للأسلحة النووية.

_4 آخرون لم يستبعدوا هذا الاحتمال، لكنهم أشاروا أيضاً إلى إمكانية أن يكون البناء متعلقاً بمنشأة جديدة لتجميع الرؤوس النووية. وأوضحوا أنهم لا يستطيعون الجزم لأن المشروع ما يزال في مراحله الأولى.

قال جيفري لويس، الخبير في "مركز جيمس مارتن لدراسات منع الانتشار" التابع لمعهد ميدلبري: "على الأرجح أنه مفاعل – هذا الحكم ظرفي لكن هذه طبيعة الأمور. من الصعب جداً تخيّل أن يكون شيئاً آخر."

إسرائيل لا تؤكد ولا تنفي امتلاكها أسلحة نووية، وحكومتها لم ترد على طلبات التعليق. كما أن البيت الأبيض، الحليف الأوثق لإسرائيل، لم يعلّق هو الآخر.

بناء مستمر منذ سنوات

وكالة "أسوشييتد برس" كانت قد كشفت أول مرة عام 2021 عن أعمال حفر في الموقع، على بعد نحو 90 كيلومتراً جنوبي القدس. حينها أظهرت الصور حفرة بطول 150 متراً وعرض 60 متراً قرب المفاعل الأصلي للماء الثقيل.

الصور الملتقطة في 5 تموز / يوليو من قبل شركة Planet Labs PBC أظهرت تكثيف البناء، حيث ظهرت جدران إسمنتية سميكة قيد التشييد في موقع الحفر، مع طوابق تحت الأرض ورافعات ضخمة في المكان.

لم يُرصد حتى الآن قبة احتواء أو سمات تقليدية أخرى مرتبطة عادةً بمفاعلات الماء الثقيل، غير أنه يمكن إضافتها لاحقاً أو تصميم المفاعل بدونها.

مفاعل ديمونة الحالي، الذي دخل الخدمة في الستينيات، يعمل منذ فترة أطول بكثير من عمر المفاعلات المشابهة في تلك الحقبة، ما يشير إلى حاجته القريبة للاستبدال أو التحديث.

قال لويس: "إنه مرتفع، وهذا ما هو متوقَّع لأن قلب المفاعل سيكون عالياً. وبناءً على الموقع والحجم وغياب أي أعمال بناء أخرى هناك، فمن الأرجح أنه مفاعل."

الخبير النووي إدوين لايمن من "اتحاد العلماء المهتمين - Union of Concerned Scientists" في ماساتشوستس قال بدوره إن البناء قد يكون مفاعلاً ذا تصميم صندوقي لا يحتاج إلى قبة احتواء ظاهرة، لكنه أقرّ بأن غياب الشفافية يجعل الجزم صعباً.

وأضاف:  "إسرائيل لا تسمح بأي تفتيش أو تحقق دولي مما تقوم به، ما يدفع الجمهور إلى التكهنات."

رغم التكتّم الإسرائيلي، فإن تسريبات أحد المبلغين في الثمانينيات – مترافقة مع صور – قادت الخبراء إلى الاستنتاج بأن إسرائيل أنتجت عشرات الرؤوس النووية.

قال داريل ج. كيمبال، المدير التنفيذي لـ"جمعية الحد من التسلح" في واشنطن: "إذا كان مفاعلاً للماء الثقيل، فهذا يعني أنهم يسعون للحفاظ على القدرة على إنتاج الوقود المستهلك الذي يمكن معالجته لفصل البلوتونيوم بهدف صنع مزيد من الأسلحة النووية. أو أنهم يبنون منشأة لصيانة ترسانتهم أو إنتاج رؤوس جديدة."

اعتماد البرنامج الإسرائيلي على المفاعلات الثقيلة

يُعتقد أن إسرائيل، مثل الهند وباكستان، تعتمد على مفاعل ماء ثقيل لإنتاج أسلحتها النووية. فهذه المفاعلات يمكن استخدامها للأبحاث العلمية، لكن البلوتونيوم – المادة الأساسية للتفجير الذري – هو منتَج ثانوي للعملية. كما يُنتج التريتيوم الذي يمكن أن يُستخدم لزيادة قوة الرؤوس الحربية.

ونظراً للسرية التي تحيط بالبرنامج، يبقى من الصعب تقدير عدد الرؤوس النووية التي تمتلكها إسرائيل. وقد قدّرت "نشرة علماء الذرة" عام 2022 أن العدد يبلغ نحو 90 رأساً نووياً.

قد يكون الحصول على مزيد من التريتيوم لتعويض المادة المتحللة هو السبب وراء أعمال البناء في ديمونة، إذ أشار لايمن إلى أن التريتيوم يفقد 5% من فعاليته كل عام.

وقال: "إذا كانوا يبنون مفاعلاً جديداً للإنتاج، فهذا لا يعني بالضرورة أنهم يسعون لتوسيع كمية البلوتونيوم لديهم، بل ربما يهدفون إلى تصنيع التريتيوم."

سياسة الغموض النووي لدى إسرائيل

يُعتقد أن إسرائيل بدأت بناء موقعها النووي في الصحراء أواخر الخمسينيات، بعد أن خاضت عدة حروب مع جيرانها العرب منذ تأسيسها عام 1948 في أعقاب المحرقة.

ويُعتقد أن سياسة الغموض النووي التي تعتمدها ساعدت في ردع أعدائها.

إسرائيل تُعدّ من بين 9 دول مؤكدة أو يُعتقد أنها تمتلك أسلحة نووية، ومن بين 4 دول فقط لم تنضم أبداً إلى معاهدة حظر الانتشار النووي، وهي الاتفاقية الدولية الأبرز الرامية إلى منع انتشار الأسلحة النووية. وهذا يعني أن الوكالة الدولية للطاقة الذرية، الذراع النووي للأمم المتحدة، لا تمتلك الحق في إجراء تفتيشات على مفاعل ديمونا.

وعند سؤالها عن أعمال البناء، كررت الوكالة – ومقرها فيينا – أن إسرائيل "غير ملزمة بتقديم معلومات حول المنشآت النووية الأخرى في البلاد" باستثناء مفاعلها البحثي في سوريك.

صورة فضائية تجسسية أمريكية لمنشأة ديمونا النووية التُقطت في 29 سبتمبر/أيلول 1971


المصدر: أسوشيتد برس - Associated Press

الكاتب: غرفة التحرير




روزنامة المحور