الأربعاء 03 أيلول , 2025 04:26

العراق قد يواجه عدوانا إسرائيليا: تهويل أم خطر حقيقي؟!

تتزايد المؤشرات حول النوايا العدوانية الإسرائيلية ضد العراق، وآخرها قيام العديد من المؤسسات الإعلامية ومراكز الأبحاث العربية والعراقية، التي تدور في فلك المعسكر الأمريكي، بمهاجمة الجهود لإقرار قانون الحشد الشعبي في البرلمان العراقي، والتحذير من البلاد لن تكون بمنأى عن الاستهداف خلال أي عدوان إسرائيلي أو حتى أمريكي. كما يصرّون على تظهير العلاقات الوثيقة بين الدولة العراقية والجمهورية الإسلامية في إيران، كأنها حالة تبعية العراق لإيران مما يعرض مستقبل الأول للخطر، مشيرين إلى أن هذه العلاقة الوثيقة أصبحت تشكل نقطة ضعف متزايدة، في وقت تشهد فيه المنطقة تحولات جيوسياسية كبيرة.

وتركّز هذه المؤسسات على نقطة محدّدة، وهي وصف موقف العراق بالحرج، وأنه على عكس لبنان أو اليمن، نجا حتى الآن من المواجهة المباشرة مع كيان الاحتلال. كما يحاول المحللون التابعون لهذا المعسكر التهويل من مواقف العراقيين الداعمة للمقاومة وقضاياها في المنطقة، من خلال القول بأن دور العراق ضمن محور المقاومة "يجعل الحياد شبه مستحيل في حال اشتداد التصعيد الإقليمي".

وفي هذا الإطار، أشار أحد المحللين لوكالة شفق نيوز إلى إمكانية "استدراج العراق مباشرةً"، مشيرًا إلى مشاركة سابقة لقوات الحشد الشعبي في عمليات إقليمية ضد إسرائيل. وقال: "منطق وحدة الجبهات يجعل العراق عرضة للتورط". فيما أكد أكد الخبير الأمني ​​علي المعمري للوكالة بأن العراق يواجه ما وصفها بالمعضلة الفريدة: "الفصائل عالقة بين الإطار الاستراتيجي الأمريكي العراقي من جهة والضغط الإيراني من جهة أخرى. مع استبعاد العديد من قادة المقاومة في المنطقة، تواجه الفصائل العراقية ضغوطًا متزايدة، بالإضافة إلى تراجع الدعم من طهران". وأضاف المعمري بأن حكومة رئيس الوزراء محمد شياع السوداني "عاجزة عن تجاوز تحذير واشنطن - بأن أي فصيل عراقي يهاجم إسرائيل أو المصالح الأمريكية سيُواجَه بضربات مباشرة".

إعادة تموضع الأمريكي وقانون الحشد الشعبي

ويستدّل الخبراء على أن عملية إعادة تموضع القوات الأمريكية في العراق، بالتزامن مع ضغوط الإدارة الأمريكية المباشرة على الحكومة والبرلمان العراقيين لمنعهم من إقرار قانون الحشد، هي خطوات لإعادة تشكيل حضورها هناك، وأن الانسحابات غير المعلنة من القواعد في وسط البلاد، مع إعادة انتشارها في إقليم كردستان العراق أو في الدول المجاورة، ما هي إلا إعادة تموضع تكتيكي وليست انسحابًا كاملاً. أما الأسباب التي تدفع الأمريكيين الى تكثيف ضغوطهم لتعطيل قانون سلطة الحشد الشعبي، فهو بسبب الخشية من تكريس صفة هذه المؤسسة الحكومية وتمكينها من تطوير هيكليتها ومؤسساتها. وقد يكون الهدف الأمريكي أيضاً، التمهيد لاستهداف هذه المؤسسة العسكرية التابعة لرئيس الحكومة، خلال أي حرب إقليمية قادمة (أو خلال أي عدوان جديد ضد إيران)، مستفيدين من التصويب الإعلامي عليها.

العراق مرتكز الاستراتيجية الإسرائيلية ومشروع إسرائيل الكبرى

وفي سياق متصل، ينظر الكيان المؤقت إلى العراق كما راعيته الإدارة الأمريكية، كمجال حيوي وأساسي لإعادة تشكيل المنطقة (وفقاً لمخطط الشرق الأوسط الجديد أو حتى مخطط إسرائيل الكبرى). وبدلًا من قيام الكيان باحتلال مباشر مكلف للعراق – على غرار تجارب حروب أميركا في أفغانستان والعراق – قد يعمد على استراتيجية التفكيك والسيطرة غير المباشرة.

ووفقاً للبعض فإن خطة إسرائيل تجاه العراق تتلخص في عدّة مسارات أبرزها:

1)التحالف مع قوى محلية: من خلال عقد علاقات سرية وعلنية مع أطراف عراقية (مثلما بات معلوماً مع بعض الجهات الكردية وحتى السنية المتحالفة مع الإمارات)، وهو ما يمنح الكيان موطئ قدم أمني واستخباري.

2)التفكيك الناعم والمركّز للدولة: من خلال استثمار الانقسامات العرقية والطائفية والمذهبية (عرب، أكراد، سنة، شيعة) لإضعاف السلطة المركزية، وخلق الفوضى في البلاد، وتشجيع فكرة قيام الأقاليم ذات الحكم الذاتي، خاصةً إذا ما تبعه خطوات مماثلة في سوريا وحتماً في لبنان.

3)تشجيع بعض الدول العربية على زيادة نفوذها في العراق، من أجل تأسيس بيئة شعبية وسياسية وغيرها، تكون المتلقف لأي فتن ومخططات إقليمية (مثل صفقة القرن – التطبيع الأبراهيمي وغيره).


الكاتب: غرفة التحرير




روزنامة المحور