يعدّ كتاب "التوسع في الاستراتيجية الإسرائيلية" للدكتور عدنان حسين، نافذة مهمة لفهم حاضرنا بكل تعقيداته. فمن خلاله ندرك أن ما يجري اليوم في غزة والضفة وسوريا ولبنان ليس سوى حلقات متجددة في مشروع صهيوني قديم – جديد، ما زال يسعى إلى التمدد والهيمنة تحت عناوين متغيّرة، لكن بجوهر واحد: تحقيق حلم "إسرائيل الكبرى".
كما يُعَدّ هذا الكتاب، مرجعاً أساسياً لفهم البنية الفكرية والسياسية التي يقوم عليها المشروع الصهيوني منذ تأسيسه وحتى يومنا هذا. فالكتاب لا يقتصر على عرض جوانب من السياسات العسكرية والأمنية لدولة الاحتلال، بل يتجاوزها ليضع القارئ أمام رؤية متكاملة تكشف كيف تحوّل "التوسع" إلى مبدأ ثابت في العقيدة الإسرائيلية، وإلى أداة استراتيجية لتحقيق ما يُسمّى بـ"إسرائيل الكبرى".
ويستند المؤلف في دراسته إلى مجموعة من الوثائق والخطط والكتابات الفكرية والسياسية الصهيونية التي أرست أسس التوسع، سواء في فلسطين نفسها أو في الجوار العربي. ويُظهر كيف أن إسرائيل، منذ اللحظة الأولى، لم تكن تسعى إلى "دولة طبيعية" ضمن حدود محددة، بل إلى قاعدة متحركة تستند إلى التفوق العسكري والدعم الغربي من أجل إعادة تشكيل جغرافيا المنطقة بما يخدم مصالحها.
وتبرز أهمية هذا الكتاب اليوم أكثر من أي وقت مضى، في ظل التحولات الميدانية والسياسية التي تشهدها المنطقة:
ففي غزة: العدوان المستمر وما يرافقه من عمليات تهجير واسعة ودمار شامل وسياسات تهدف للإبادة الشاملة لسكان القطاع. ويكشف أن الاحتلال يتعامل مع القطاع باعتباره مساحة يجب إخضاعها أو إعادة صياغتها ديمغرافياً، بما ينسجم مع استراتيجيته التوسعية القديمة، حتى أن وسائل إعلام الإسرائيلية تتحدّث عن نية حكومة الكيان تعيين حاكم عسكري أو مدني للقطاع.
وفي الضفة الغربية: تسارع وتيرة الاستيطان ومصادرة الأراضي والاعتداءات على القرى الفلسطينية.
وفي سوريا ولبنان: تستمر الغارات الجوية على الأراضي السورية واللبنانية، والقضم المتسلسل والممنهج والاحتلال لأراضي البلدين، بما يؤكّد أن التوسع الإسرائيلي لا يقتصر على فلسطين بل يشمل المحيط العربي المباشر، انطلاقاً من رؤية أمنية تعتبر أن أمن كيان الاحتلال لا يتحقق إلا بالهيمنة على الجوار.
لتحميل الكتاب:
الكاتب: غرفة التحرير