يعدّ الشهيد اللواء محمود باقري، أحد كبار قادة القوة الجوفضائية في حرس الثورة الإسلامية، الذي كان يعيش في الظل طوال 41 عاماً من الجهاد والمقاومة. ولهذا وصفه البعض بالمهندس الصاروخي، ومنهم من وصفه بـ "قائد الوعود الصادقة" (نسبة الى عمليات الوعد الصادق الصاروخية). وكانت عملية الوعد الصادق 3 رغم شهادته، بعض بأسه مع رفاقه، باستخدام صواريخ "سجيل" و"خيبرشكن" و"خرمشهر"، التي استطاعت زرع الفرح في قلوب ملايين البشر المنشدين للعدالة والحرية، من غزة إلى القاهرة، ومن بيروت إلى بغداد، ومن أوروبا إلى أمريكا، وهم يشاهدون صواريخ الجمهورية الإسلامية تدكّ الكيان المؤقت وتُرعب مستوطنيه.
فما هي أبرز وأهم المعلومات والمحطات في مسيرة القائد باقري؟
_ وُلد في 26 حزيران / يونيو 1965، في قرية ركن آباد التابعة لمدينة ميبد بمحافظة يزد.
_ تزوج عام 1987 من شقيقة أحد أصدقائه، وأثمر هذا الزواج عن ولدين وحفيد.
_كان من مجاهدي حرب الدفاع المقدس (حرب صدام ضد إيران بين 1980- 1988)، وشارك منذ شبابه في جبهات القتال.
وبعد الحرب، لم يتوقف عن الجهاد، وكان له نشاط مهم في دعم حركات وفصائل المقاومة في سوريا ولبنان أيضاً.
_تولى مسؤولية قيادة منظومة الصواريخ في قوة الجوفضاء في حرس الثورة الإسلامية منذ العام 2009، واستمر في ذلك لسنوات عديدة كان يوصف فيها بـ "المهندس الصاروخي". فكان هو المسؤول التنفيذي عن إنشاء المدن الصاروخية وتطوير القدرات العملياتية والردعية للصواريخ وكل ما يتعلق بهذا المجال. ولكن لم يكن أحد يعلم أنه هو المنفّذ والمشرف على هذا المشروع العملاق في مجال الهندسة العملياتية، والعنصر التنفيذي لهذا المشروع الوطني المولِّد للقوة. وقد تولى مؤخراً مهمة نائب رئيس جهاز الاستخبارات في القوة.
_ خلال العدوان الإسرائيلي الأمريكي على إيران، وتحديداً في فجر الـ 13 من حزيران / يونيو 2025، قام الكيان المؤقت باستهداف قيادة قوة الجوفضاء في حرس الثورة الإسلامية، فاستشهد العميد محمود باقري برفقة قائده الشهيد اللواء أمير علي حاجي زادة وغيرهم من رفاقه القادة في القوة.
_جرت مراسم تشييع جثمانه مع جثمان الشهيد القائد أمير علي حاجي زاده، صباح يوم الاحد 29/06/2025 في مقبرة "بهشت زهرا" (جنة الزهراء "عليها السلام"). وسط هتافات المشاركين في التشييع الذين رددوا شعار "الموت لإسرائيل"، وحضر مراسم التشييع مستشار ومساعد قائد الثورة الإسلامية محمد مخبر والعديد من مسؤولي الجمهورية الإسلامية.
_نقل ابنه بعض ملامح علاقة والده بالشهيد القائد حسن طهراني مقدم في تصريح لإحدى وسائل الإعلام قائلاً: "قال الحاج حسن في أحد الأماكن إن محمود باقري شخص مناسب جداً لمستقبل برنامجنا الصاروخي، وأريده لهذا المستقبل"، ثم أضاف بأن الفريق المكوّن من الشهيد القائد حاجي زاده، ووالده، والشهيد القائد طهراني مقدم، وقائد قوة الجوفضاء الحالي مجيد موسوي، كانوا يعملون معاً".
مختتماً بالقول: "بدأ كل شيء منذ عام 1984 (1363 هـ ش)، واستمر بفضل الله وبهذه الهمة. لقد مرّوا بأيام صعبة وشهدوا أحداثاً عظيمة. رأينا الحلقات الأخيرة من هذه المسيرة في حرب الأيام الاثني عشر، حيث رأينا ماذا فعلت قوتنا الصاروخية، وما الأحداث التي صنعتها. لا شك أن كل هذا هو من غرس الشهيد طهراني مقدم. هؤلاء الأحبة، القائد حاجي زاده، القائد محمود باقري، جعلوا ذلك الغرس شجرة شامخة نرى ثمارها وشهاداتهم في حرب الأيام الاثني عشر المفروضة".
مكانته العسكرية والروحية
اللواء الشهيد محمود باقري كان من نوابغ المؤسسة العسكرية في الجمهورية الإسلامية. ولم يكن الشهيد باقري مجرد قائد عسكري بارز وصاحب كفاءة تقنية عالية، بل كان أيضاً من الشخصيات النادرة في المجال المعنوي والأخلاقي والسلوكي، وعُرف بحبه الكبير لعائلته وأصدقائه وللناس عموماً.
وتقول زوجته: "كان دائماً يتمنى الشهادة، وكنا نعلم أنه في يوم من الأيام سينالها". كما كشفت عن حالته منذ استشهاد سيد شهداء الأمة السيد حسن نصر الله " لقد تغير محمود تمامًا بعد استشهاد سيد المقاومة. كأنني لم أعد خديجة التي يعرفها دائمًا. وكأن الأولاد والكنّات لم يعودوا أولئك الذين كان يشتاق لرؤيتهم في أشدّ لحظات تعبه بعد عودته من المهمّات. أصبح أقلّ كلامًا، أقلّ طعامًا، وأكثر وحدة من ذي قبل".
لذا ليس مستغرباً نيله ما كان دوماً يتمناه أي الشهادة وهو الذي كان يردّد دوماً بأنه "من المؤسف أن يغادر الإنسان هذه الدنيا بموت غير الشهادة".
فهذا الرجل الميداني، ورجل الصحراء، كان هاربًا من كل ادعاء وتظاهر. وحسب ابنه، لم يُخبر عائلته حتى بحصوله على أعلى وسام عسكري في البلاد من القائد العام للقوات المسلحة الإمام السيد علي الخامنئي. فلم يكن يبحث عن أي شهرة أو ترقية أو مديح، ولم يكن يسعى لأي منصب أو منصب أو منفعة شخصية سوى الله وخدمة شعب إيران والمستضعفين في منطقتنا.
الكاتب: غرفة التحرير