في فرنسا أم الحريات، ثمة قانون يبدو أنه يرى عيوبًا في الديموقراطية، وهو القانون 49.3، والذي يعطي السلطة المطلقة للرئيس بإصدار قوانين من دون أن تمرّ على الهيئة التشريعية للتصويت. يستخدمه ماكرون اليوم لتمرير قانون إصلاح نظام التقاعد، الذي يعني الكثير للشعب الفرنسي، وكان قد أسقط سابقًا حكومة جاك شيراك عام 1995، وأسقط الرئيس السابق ساركوزي عام 2007، إلا أن ماكرون، وعلى الرغم من استمرار المظاهرات والمظاهرة المليونية التي جرت في 23 آذار/ مارس، والتي دعت إليها النقابات العمالية، يصرّ على المخاطرة، وهو يعرف قدرة هذه النقابات على الإطاحة بالأنظمة خاصة في ظلّ الحرب.
إلى ذلك، فإن أحد العوامل التي أدت إلى حجم وكثافة هذه التظاهرة، لا يقتصر على إدارة ماكرون للوضع، ومقترحاته للمعاشات التقاعدية، ثمة أصوات ارتفعت لتقول إنّ فرض الإصلاحات دون تصويت، أثار المخاوف بشأن حالة الديموقراطية الفرنسية، وعما إذا كانت قضية استخدام المادة 49.3، والتي تمكّن الرئيس الفرنسي من تمرير القوانين من دون تصويت، ستصبح عادة لماكرون لتأكيد سلطته.
لوموند تكشف عن مقطع صوتي يفضح قمع وعنصرية الشرطة
لأكثر من عشرين دقيقة، تم تسجيل مقطع صوتي بشكل سري خلال احتجاج ضدّ إصلاح المعاشات التقاعدية في فرنسا، يثبت السلوك الوحشي لعناصر الشرطة في قمع المحتجين، في ذلك المساء، خلال ليلة احتجاج ضد استخدام الحكومة للمادة 49.3 من الدستور في 16 مارس لتمرير إصلاح المعاشات التقاعدية لرفع سنّ التقاعد من 62 إلى 64، دون تصويت. في تلك الليلة تم اعتقال 12 شابًا على الرغم من أنه لا يمكن تحديد ما إذا كانوا متورطين في حوادث التخريب، بحسب صحيفة لوموند التي تمكنت من المصادقة على التسجيل، تقول إن الشرطة قامت بالتعنيف اللفظي والجنسي والعنصري، وقامت بتهديد المحتجزين بكسر أعناقهم وأرجلهم، وقد استهدفوا بشكل خاص شابًا واحدًا، وهو الرجل الأسود الوحيد في المجموعة.
منظمة العفو الدولية تدق ناقوس الخطر في فرنسا
انتقد مجلس أوروبا - الهيئة الرائدة في مجال مراقبة حقوق الإنسان في القارة - يوم الجمعة ، 24 مارس ، "الاستخدام المفرط للقوة" من قبل الشرطة الفرنسية خلال المظاهرات، وقالت مفوضة حقوق الانسان، "الأمر متروك للسلطات للسماح بالممارسة الفعلية لهذه الحريات من خلال حماية المتظاهرين السلميين والصحفيين الذين يغطون هذه الاحتجاجات ضد وحشية الشرطة وضد الأفراد العنيفين الذين يتصرفون داخل المسيرات أو على هامشها".
وقد دقت منظمة العفو الدولية ناقوس الخطر بشأن "الاستخدام الواسع النطاق للقوة المفرطة والاعتقالات التعسفية".
وقالت منظمة مراسلون بلا حدود إن الشرطة اعتدت على العديد من الصحفيين "الذين يمكن التعرف عليهم بوضوح". لكن مسؤولين أمنيين دافعوا عن أفعالهم قائلين إنهم يردون على مثيري الشغب العنيفين والجماعات الفوضوية التي كثيرا ما تتسلل إلى المظاهرات الفرنسية لإثارة الاشتباكات.
رائحة كريهة تنبعث من باريس
باريس أم الروائح الجميلة، ترتع في شوارعها 10 آلاف طن من النفايات على الرغم من الجهود المبذولة لإجبار العمال على العودة إلى العمل. حيث بدأ عمال النظافة إضرابًا ثم أحكموا حصارًا على محارق المدينة منذ 13 يومًا، لمنع عمال الشركات الخاصة من رفع النفايات، وذلك بسبب قانون إصلاح المعاشات الذي سيجعلهم مضطرين للعمل حتى سنّ 59 بدل 57.
العنف بين الشرطة والمتظاهرين
قال وزير الداخلية جيرالد دارمانين إن ما مجموعه 457 شخصا اعتقلوا وأصيب 441 من قوات الأمن يوم الخميس 23 مارس خلال احتجاجات على مستوى البلاد ضد إصلاح معاشات الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون. وفي حديثه إلى قناة CNews صباح يوم الجمعة، قال دارمانين أيضا إن 903 حرائق أشعلت في شوارع باريس خلال أعنف يوم من الاحتجاجات منذ أن بدأت في يناير.
ماكرون يصف المتظاهرين بالمتمردين
مخاطرة ماكرون وحكومته لم تنته كما يأمل بعد، خاصة أن المظاهرات والمسيرات، لم تعد محددة بمسألة المعاشات التقاعدية، فماكرون نفسه هو محور السخط. اتهم ماكرون في مقابلة تلفزيونية في اليوم السابق لتظاهرة 23 آذار / مارس، ووصف المتظاهرين بالمتمردين وقارنهم بأولئك الذين هاجموا مبنى الكابيتول في واشنطن عام 2021. ورأت النقابات في ذلك استفزازا، واعتبره العديد من المتظاهرين ازدراءًا. وقد شوهدت وسمعت لافتات وشعارات معادية للرئيس الفرنسي على الشكل التالي: "لويس السادس عشر ، لويس السادس عشر ، قطعنا رأسه. ماكرون، ماكرون، يمكننا أن نفعل ذلك مرة أخرى"؛ "الحكومة ، سوف تنفجر" ؛ "استقالة ماكرون؛" "ماكرون ، إذا كنت تعتقد أنك ملك ، فإن المقصلة ستكون في انتظارك".
الكاتب: زينب عقيل