تتواصل الاحتجاجات في فرنسا لليوم السادس على التوالي على خلفية مقتل شاب يبلغ من العمر 17 عاماً. هذه الظاهرة التي باتت مألوفة لدى الفرنسيين والعالم، بعد ان سجلت جرائم قتل مشابهة، -أكثر من 138 حالة عام 2022- تعود أسبابها للعنصرية التي تغذيها قوانين البلاد، أشعلت تظاهرات في مختلف الشوارع، فشلت السلطات إلى حد الآن بإخمادها.
واعتقلت الشرطة 719 شخصاً في أنحاء البلاد، حتى يوم الأحد بعد انتشار أمني جماعي يهدف إلى إخماد أسوأ اضطراب اجتماعي تشهده فرنسا منذ سنوات.
تصدرت أعمال العنف نشرات الأخبار. وبينما كانت السلطات الفرنسية تروّج لانحسار الاحتجاجات، كانت صور اقتحام المحال وتكسير الأملاك العامة والخاصة، تظهر ان التظاهرات بدأت تشعل غضباً مزدوجاً، يتعلق بالطبقية والمهمشين.
كشفت السلوكيات تطور آخر في المسار الاحتجاجي. ونقلت وسائل اعلام فرنسية، ان سيارة محترقة اصطدمت بمنزل عمدة ضاحية لاهاي ليه روز في باريس. وقالت ان الحرائق وأعمال التخريب استهدف العديد من المدارس ومراكز الشرطة والبلدات والمتاجر في الأيام الأخيرة لكن مثل هذا الهجوم الشخصي على منزل رئيس البلدية أمر غير معتاد.
وقال رئيس البلدية فنسنت جانبرون إن زوجته وأحد أطفاله أصيبوا في الهجوم الذي وقع في الساعة 1.30 صباحا بينما كانوا نائمين بينما كان متواجداً في قاعة المدينة يراقب العنف.
رداً على "الادعاءات" التي روجت لها السلطات الفرنسية، نشر صديق الضحية، الذي كان برفقته بالسيارة مقطع فيديو "لإثبات الحقيقة ... لأن هناك الكثير من الأكاذيب على وسائل التواصل الاجتماعي". وقال الشاب " أريد إخبارك بالقصة من الألف إلى الياء"، ويوضح أنهم اقترضوا سيارة المرسيدس وقرروا الذهاب في رحلة حول نانتير: "لم نكن تحت تأثير أي كحول أو مخدرات". مضيفاً أنهم كانوا يقودون سيارتهم في ممر الحافلات عندما لاحظوا دراجات نارية تابعة للشرطة تتبعهم بأضواء وامضة وأوقفوا السيارة. مشيراً إلى إن ضابطاً اقترب من نافذة السيارة وطلب من الضحية إنزالها قبل ان يقول "اطفئ المحرك وإلا سأطلق النار عليك". وبحسب الشاب، فإن الضابط ضرب الشاب نائل مرزوق، بكعب بندقيته ثم وصل الضابط الثاني وضربه أيضا بعقب سلاحه.
من جهتها طلبت الأمم المتحدة، من باريس "معالجة مشاكل التمييز العنصري". وقالت المتحدثة باسم مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان، رافينا شامداساني، خلال مؤتمر صحفي في جنيف، "لقد حان الوقت لهذا البلد أن يعالج بجدية مشاكل العنصرية والتمييز العنصري المتجذرة في صفوف قوات الأمن".
في حين أشارت وزارة الداخلية في بيان لها، إلى ان أعمال العنف سمحت بالكثير من التجاوزات الأخرى وكشفت عن ان لصوص اقتحموا متجرا للأسلحة في مرسيليا ولاذوا بالفرار وبحوزتهم عدة بنادق صيد. موضحةً ان الاعتقالات وصلت إلى 1000 شخص في جميع أنحاء البلاد.
وشكلت الأزمة تحدياً جديداً للرئيس إيمانويل ماكرون وكشفت عن استياء قديم متجذر عند الفرنسيين الذين يعانون بشكل مستمر من التمييز العنصري والطبقي والذي كان السبب الأساس في التظاهرات الحاشدة التي شهدتها البلاد على مدى السنوات الماضية.
ودفعت الاضطرابات ماكرون إلى تأجيل أول زيارة لرئيس فرنسي إلى ألمانيا منذ 23 عاماً.
الكاتب: غرفة التحرير