الإثنين 27 تشرين أول , 2025 09:50

من اليمن إلى غزة: ستيفن فاغن وإدارة المصالح الاميركية بوجه دبلوماسي ويد استخبارية

kurdistan24

منذ تولّيه مهامه سفيراً للولايات المتحدة في اليمن في حزيران/ يونيو عام2022، مثّل ستيفن فاغن حالة خاصة في الدبلوماسية الأميركية بالمنطقة. فالرجل الذي أمضى سنوات طويلة في ملفات الشرق الأوسط، من العراق إلى الخليج، لا يُنظر إليه في صنعاء أو بغداد كمجرد دبلوماسي تقليدي، بل كشخصية ذات خلفية أمنية وسياسية تحمل بصمات واشنطن في ملفات حساسة.

قبل اليمن، كان فاغن نائب رئيس البعثة في السفارة الأميركية في بغداد (2020-2021)، وسابقاً مسؤولاً رئيسياً في القنصلية العامة الأميركية في أربيل منذ عام  2018إلى 2020، ومديراً لمكتب الشؤون الإيرانية بوزارة الخارجية منذ عام 2015 ولمدة 3 سنوات. وكذلك كان شغل منصب مدير لمكتب الشؤون الإقليمية في مكتب جنوب ووسط آسيا بالوزارة لمدة عامين منذ عام 2013. ومنذ انضمامه إلى السلك الدبلوماسي في 1997، خدم أيضاً في الخارج في بروكسل وإسلام آباد وأستانا والبوسنة والهرسك ومينسك وتبليسي والقاهرة، وفي واشنطن كمسؤول مكتب باكستان ومساعد خاص لوكيل وزارة الخارجية للشؤون السياسية آنذاك نيك بيرنز.

ونظراً للخاصية والحساسية التي تتسم بها دول المنطقة، كان العمل المنوط بالدبلوماسي المخضرم أكبر مما يعلن عنه، -كما جرت العادة مع معظم الدبلوماسيين الاميركيين أيضاً-. ففي العراق مثلاً واجه انتقادات من أطراف عراقية رأته يكرّس "الهيمنة الدبلوماسية" الأميركية عبر التدخل غير المباشر في تشكيل الحكومات أو في رسم السياسات النفطية والأمنية، خاصة في ما يتعلّق بالتعامل مع إقليم كردستان وإيران ثم السياسات المالية العملية السياسية الداخلية.

أما في اليمن، فقد جاء تعيينه بعد سنوات من غياب السفارة الأميركية عن صنعاء، في وقت كانت الحرب في ذروتها، والمشهد السياسي يتبدل بسرعة. حاول فاغن منذ البداية أن يقدّم نفسه كوسيط بين الأطراف اليمنية، مؤكداً في أكثر من مناسبة دعم واشنطن لـ"حل شامل بقيادة يمنية"، لكن تصريحاته لم تُقنع صنعاء التي رأت في الموقف الأميركي امتداداً لدعم التحالف العسكري الذي يشن حرباً غير مبررة على اليمن، والتي تسعى إلى إعادة فتح مسار التبعية السياسية والاقتصادية كما كانت قبل عام 2014.

وفي عدد من اللقاءات الصحفية والبيانات الرسمية، ركز فاغن على "ضرورة حماية الممرات البحرية" و"ضمان حرية الملاحة"، وهي عبارات اعتبرتها صنعاء تبريراً للوجود العسكري الأميركي في البحر الأحمر وبحر العرب. بل إن بعض المسؤولين اليمنيين وصفوا خطاب فاغن بأنه "إعادة إنتاج للسياسات الاستعمارية بغطاء دبلوماسي".

من اللافت أن فاغن لم يتردد في الحديث علناً عن العلاقات الإيرانية–اليمنية، مستخدما لغة تحذيرية أكثر صرامة مقارنة بسابقيه. ففي لقاءات مغلقة -تسرّبت مضامينها إلى الإعلام- شدد على أن واشنطن "لن تسمح بتهديد الملاحة أو مصالحها في الخليج". هذه اللغة المتشددة جعلت صورته في صنعاء مرتبطة بالدبلوماسية الصلبة التي تُغلف الرسائل العسكرية.

وبناء على تجربتهم في اليمن والتي اختبروها عن قرب، يرى البعض أن اختياره ليس صدفة. بل أن مَن يعرف سجله في اليمن يدرك أنه "لم يكن سفيراً بل مهندس لشق الصفوف وتجنيد المرتزقة وتوظيف العمل الإنساني كغطاء لأنشطة التجسس".

من ناحية أخرى، واجه فاغن أيضاً انتقادات تتعلق بموقفه من حرب الإبادة التي يشنّها كيان الاحتلال على الفلسطينيين في غزة. فخلال الأشهر الأولى من الحرب، تبنّى خطاباً متماهياً مع الموقف الرسمي الأميركي، مؤكداً "حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها"، من دون أن يصف ما يجري بأنه جرائم حرب أو تطهير عرقي، رغم التقارير الصادرة عن الأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية.

في المقابل، يرى بعض المحللين الأميركيين أن فاغن يمثل "الوجه الهادئ" للدبلوماسية الصلبة، فهو لا يرفع صوته لكنه يعبّر بوضوح عن أهداف بلاده، ويجيد تمرير الرسائل القاسية بعبارات دبلوماسية. ويشير هؤلاء إلى أنه من خريجي مدرسة الخارجية الأميركية التي توازن بين الانخراط الميداني وإدارة النفوذ من وراء الستار، وهو ما يفسر انتقاله المتكرر إلى المناطق الساخنة.


الكاتب: غرفة التحرير




روزنامة المحور