يعد كتاب فلسفة التاريخ عند السيد الخامنئي دراسة فكرية تحليلية تبحث في رؤية الإمام الخامنئي للتاريخ كأداة للتحرر وبناء الحضارة الإسلامية المعاصرة.
ينطلق المؤلف من سؤال مركزي حول موقع المشروع الحضاري الإسلامي من التاريخ، وكيف يمكن للتاريخ أن يتحول من مادة دراسية إلى منهج في الفهم والعمل. يرى أن فهم السنن الإلهية في التاريخ يمثل جوهر هذا المشروع، إذ إن التاريخ ليس مجرد سرد للأحداث، بل مسار كوني يخضع لقوانين إلهية ثابتة تكشف عن علاقة الإنسان بالمجتمع والحضارة والدين.
يقدّم الكتاب قراءة مقارنة بين مدارس فلسفة التاريخ الغربية والإسلامية، لينتهي إلى أن الرؤية الإسلامية تضع التوحيد محوراً لفهم حركة التاريخ، بخلاف الرؤى المادية التي تفصله عن الغيب والقيم. ومن خلال تحليل مدرسة الإمام الخامنئي الفكرية، يوضح المؤلف كيف أن "القراءة التوحيدية للتاريخ" تدمج بين المادة والدين، وبين الفرد والمجتمع، لتصبح أداة لتجديد الوعي وتفعيل المقاومة وبناء الدولة.
كما يبرز الكتاب العلاقة الجدلية بين الفلسفة والتاريخ في فكر الخامنئي، ويبيّن أن فهم السنن الإلهية في مسار الأمم يمكّن الأمة من قراءة واقعها واستشراف مستقبلها، عبر إدراك قوانين النصر والهزيمة، والنهضة والانحطاط. لذلك يرى الإمام أن التاريخ ليس تفسيراً للماضي فقط، بل مشروعاً للمستقبل يُبنى على الوعي بالسنن الإلهية والعمل وفقها.
في الفصول اللاحقة، يناقش الكتاب أثر الثورة الإسلامية في إيران كنموذج تطبيقي لفهم فلسفة التاريخ الإسلامي، حيث تحوّل التاريخ من ماضٍ ميت إلى طاقة تحرك الأمة نحو "الحضارة الإسلامية الجديدة". كما يستعرض توظيف الإمام الخامنئي للقصص القرآني في خطاباته السياسية والثقافية، باعتباره وسيلة لغرس الوعي الرسالي وربط التجربة المعاصرة بجذورها الإيمانية.
ويخلص المؤلف إلى أن فلسفة التاريخ عند السيد الخامنئي تقوم على ثلاث ركائز:
- التوحيد كأساس معرفي يجعل كل حركة تاريخية مرتبطة بالله وسننه.
- الإنسان كفاعل حضاري مسؤول عن صناعة التاريخ لا مجرد متلقٍ له.
- السنن الإلهية كقوانين موضوعية تحكم مصير الأمم، ومن فهمها تنطلق نهضة الأمة الإسلامية.
بهذا الطرح، يتحول التاريخ في فكر الخامنئي من "حكاية الماضي" إلى "خطة للمستقبل"، ومن مادة أكاديمية إلى "منهج مقاومة وحضارة"، يجعل من الوعي التاريخي أداة لإحياء الأمة وإقامة العدل الإلهي على الأرض.
تحميل الدراسة من هنا
الكاتب: الدكتور شادي علي