فتحي إبراهيم الشقاقي، مؤسس حركة الجهاد الإسلامي في فلسطين، ولد عام 1951 في قطاع غزة في مخيم الشاطئ (غرب القطاع) لعائلة متواضعة هُجرت من بلدتها الأصلية "زرنوقة" (قرب يافا) بعد أحداث النكبة والاحتلال الإسرائيلي لمناطق الداخل الفلسطيني عام 1948.
أنهى دراسته بمدارس "وكالة الغوث" في مخيم "رفح" حيث انتقل الى السكن جنوب القطاع، والتحق بجامعة "بيرزيت" (قرب رام الله بالضفة الغربية) لدراسة الرياضيات، وتخرج فيها. عمل مدرسا بمدرسة "الأيتام" في القدس. ثمّ قرر دراسة الطب، فالتحق بجامعة "الزقازيق" في مصر عام 1974، وبعد تخرجه عمل بمستشفى "فيكتوريا" في القدس المحتلة ثم طبيباً للأطفال في قطاع غزة.
اهتم الدكتور الشقاقي بالجانب السياسي، وكما الشباب من جيله في فترة منتصف الستينيات، مال الى التوجّه اليساري والى حركة جمال عبد الناصر لكنّ هزيمة الجيوش العربية في حرب عام 1967 مع كيان الاحتلال غيّرت من توجهاته. بحث الشهيد الشقاقي في أسباب هذه الهزيمة وفي أصل وتوجهات حركات المقاومة آنذاك، كما تعمّق في فهم الدين الإسلامي الى أن توصّل لاتخاذه عنوناً للمقاومة وأن الإسلام يجب أن يكون محرّك الكفاح المسلّح.
بعد تلك الفترة، كانت الثورة الإسلامية في إيران بقيادة الامام روح الله الخميني تتصاعد، تأثّر الشهيد الشقاقي بها وبأفكارها وشكّلت منعطفاً مهماً في حياته دفعه لكتابة كتاب بعنوان "الخميني: الحل الإسلامي والبديل". كان الكتاب سبب اعتقاله في القاهرة عام 1979.
وأثناء تواجده في مصر، وخلال فترة التقائه بالطلاب، وتفرّغه لفهم الدين ودراسة الظروف السياسية آنذاك، بدأت تتبلور لدى الشهيد الشقاقي فكرة تأسيس حركة إسلامية مسلّحة تنطلق من فلسطين المحتلّة وتهدف الى تحريرها. وقد كان للشهيد الشقاقي في تلك الفترة العديد من الكتابات في الصحف والدراسة التي شرح فيها توجهاته وأفكاره ورؤيته، واعتقلته السلطات المصرية على هذه الخلفية لمدّة أربعة أشهر، فنشر أغلب كتاباته باسم وهمي هو "عز الدين الفارس"، لكنه ظل تحت ملاحقة السلطات المصرية.
عاد الى فلسطين في العام 1981 لتنظيم الحركة على الأراضي الفلسطينية وأصبح قائدها وأمينها الأول، وجعل من فلسطين القضية المركزية للحركة والأمة العربية والإسلامية داعياً الى توحدها، كما ناقش العديد من الإشكاليات في الساحة الفلسطينية.
تعرض الشهيد الشقاقي لحملة اعتقالات عديدة، كان أبرزها عام 1983، اذ اعتقله الاحتلال لمدّة 11 شهراً، ثم أعيد اعتقاله عام 1986 بتهمة نقل الأسلحة إلى قطاع غزة وحكم عليه بالسجن 4 سنوات.
على إثر اندلاع الانتفاضة الفلسطينية الأولى عام 1987، أبعده الاحتلال عن غزّة تحت ذريعة مشاركته ومساهمته في التحضير وتحريك الانتفاضة، فاستقر في العاصمة السورية دمشق وكان يتنقل بين بعض العواصم العربية لا سيما بيروت من أجل القضية الفلسطينية ومشروع المقاومة. وفي هذه الفترة شدّ من أواصر العلاقات والارتباطات العربية مع فلسطين وترك آراء حول قضايا المنطقة.
الشهادة
في 26 من شهر / تشرين الأول عام 1995 اغتال "موساد" الاحتلال الدكتور الشقاقي في جزيرة مالطا خلال طريق عودته من زيارته الى ليبيا، وكان في السنة الـ 44 من عمره.
بعد شهادته، جمع بعض الباحثين كلّ خطابات ومقالات ودراسات ومقابلاته التي تعكس رؤيته وجوانب من شخصيته وصدرت في القاهرة ضمن موسوعتين عن مركز "يافا" للدراسات.
الكاتب: غرفة التحرير