الإثنين 20 تشرين أول , 2025 02:58

عامان من الإسناد اليمني: أكثر من 758عملية فرضت معادلة ردع وقواعد اشتباك

جبهة الإسناد اليمنية

بعد عامين من الإسناد اليمني للمقاومة في غزة، حوّلت صنعاء البحر الأحمر والمحيطين العربي والهندي إلى مسرح عمليات مفتوح ضد السفن الإسرائيلية والأمريكية والبريطانية. ومن خلال أكثر من 758 عملية عسكرية متكاملة، نفّذت القوات المسلحة اليمنية 1835 هجوماً متنوعاً بين صواريخ باليستية ومجنّحة وفرط صوتية، وطائرات مسيّرة وزوارق انتحارية، في ما يشبه ولادة معادلة ردع جديدة في المنطقة.

بدأت العمليات البحرية في 19 نوفمبر 2023 حين استولت القوات اليمنية على السفينة الإسرائيلية غلاكسي ليدر وعلى متنها 25 بحاراً، لتتوالى بعدها الضربات التي استهدفت 25 سفينة إسرائيلية حتى أواخر سبتمبر 2025. شملت الهجمات استخدام الصواريخ الباليستية والمجنّحة والطائرات المسيّرة في مناطق مختلفة: خليج عدن، البحر الأحمر، البحر العربي، البحر الأبيض المتوسط، والمحيط الهندي.
في المحصلة، بلغ عدد السفن التي استُهدفت لانتهاكها الحظر اليمني على الملاحة الإسرائيلية 76 سفينة، بينها 41 سفينة في البحر الأحمر، و13 في خليج عدن والبحر العربي، و5 في البحر الأبيض المتوسط، إضافةً إلى هجومين على ميناء حيفا بالاشتراك مع فصائل المقاومة العراقية.

كما نفّذت القوات اليمنية أكثر من 100 مواجهة بحرية مع القطع الحربية الأمريكية، استهدفت خلالها حاملات طائرات ومدمرات وسفن إمداد في البحر الأحمر وخليج عدن والمحيط الهندي.
أبرز العمليات شملت استهداف حاملة الطائرات الأمريكية "آيزنهاور" في31 أيار 2024 بعدد من الصواريخ المجنّحة والباليستية والطائرات المسيّرة، تلتها سلسلة من الاشتباكات مع حاملة "يو أس أس هاري ترومان" التي تعرّضت لما يزيد على 30عملية استهداف بين كانون الثاني ونيسان 2025، شملت 18 صاروخاً باليستياً ومجنّحاً في إحدى المرات، وأدّت إلى إسقاط طائرتين F-18 وهروب الحاملة شمال البحر الأحمر. كما استُهدفت الحاملة الأمريكية "فينسون" في 18 و21 نيسان 2025 بعدد من الصواريخ المجنّحة والطائرات المسيّرة.

في الجانب التجاري، استهدفت القوات اليمنية 30 سفينة أمريكية خلال الفترة الممتدة من 7 أكتوبر 2023 إلى 31 ديسمبر 2024، بينها سفن تابعة لشركات "ميرسك" و"APL" و"TORM". بعض الهجمات استخدم فيها أكثر من 11 صاروخاً باليستياً في ضربة واحدة، كما حدث ضد السفينة الأمريكية OLYMPIC SPIRIT في 10 أكتوبر 2024. أما السفن البريطانية، فقد بلغ عددها 13 سفينة، بينها المدمرة "دايموند" التي استهدفتها القوات اليمنية في 9 يونيو 2024 بعدد من الصواريخ الباليستية، وسفينة الإنزال Anvil Point في 1 يوليو 2024.

بالمقابل، شنّت الولايات المتحدة وبريطانيا مئات الغارات الجوية لمحاولة تحييد القدرات اليمنية، إلا أن النتيجة كانت فشلاً ذريعاً في تحقيق أي هدف استراتيجي. إذ حافظت اليمن على زخم عملياتها، واستمرت بإطلاق الصواريخ من طراز "فلسطين 2" الفرط صوتي الذي أصاب أهدافاً في تل أبيب، حيفا، بئر السبع، وعسقلان، مسجّلاً خرقاً تاريخياً لمنظومات الدفاع الإسرائيلية مثل "باتريوت"، "ثاد"، "مقلاع داوود"، و"القبة الحديدية".

على المستوى الشعبي، تحوّلت التعبئة اليمنية إلى ظاهرة وطنية هائلة، إذ نُظّمت 354 مسيرة ومظاهرة و94,478 فعالية شعبية و549,769 ندوة و81,878 أمسية في مختلف المحافظات. كما شهدت الجامعات والمدارس 350,633 وقفة طلابية، إضافة إلى 317,785 وقفة شعبية قبلية مجتمعية.

أما على صعيد التدريب العسكري الشعبي، فقد بلغ عدد خريجي دورات التعبئة العامة
"طوفان الأقصى" 1,103,647 متدرباً، في حين وصل عدد المتدربين في المستوى الثاني إلى 132,046 متدرباً. كما أُجريت 5,148 مناورة عسكرية، و1,349 عرضاً عسكرياً، و3,362 مسيراً عسكرياً في مختلف المناطق.

أجبرت هذه المواجهات واشنطن على مراجعة قواعد الاشتباك، بعدما فشلت منظوماتها في اعتراض الهجمات، واضطرت حاملات الطائرات إلى الانسحاب من مسرح البحر الأحمر أكثر من مرة. في المقابل، تحوّل ميناء إيلات إلى ميناء مغلق منذ أواخر 2024 بعد توقف حركة السفن الإسرائيلية، وتضاعفت كلفة الشحن عبر رأس الرجاء الصالح، بما يقدّر بخسائر تجاوزت مليارات الدولارات.

تقرير العامين يرسم معادلة جديدة في الصراع الإقليمي: قوة يمنية ناشئة تتكئ على التكنولوجيا المحلية والإرادة السياسية، تمكّنت من تغيير خريطة الملاحة الدولية وإدخال واشنطن وتل أبيب في معركة استنزاف غير متكافئة. أكثر من 758عملية تحوّلت إلى رمز لعقيدة إسناد عربي فعلي لغزة، بعدما أثبت اليمن أن البحر الأحمر يمكن أن يكون سلاحاً بقدر ما هو ممراً للتجارة.
لقد أصبحت الصواريخ اليمنية والدرونات محركاً لمعادلة الردع الجديدة، ورسالة واضحة أن من يتواطأ مع الإبادة في غزة لن يمرّ عبر بحار العرب.


الكاتب: غرفة التحرير




روزنامة المحور