في مبنى وزارة أمن الاحتلال، قبيل أعياد تشري اليهودية، وبحضور رئيس أركان الاحتلال هرتسي هليفي، نائب رئيس "الشاباك"، ورئيس شعبة العمليات في جيش الاحتلال، عوديد باسيوك، ومسؤولين كبار آخرين في المؤسسة الأمنية. ومن أجل التأكد من أن المستوطنين سيقضون فترة الأعياد بـ "أمان"، تستعد المؤسسة الأمنية والعسكرية الاسرائيلية بانتشار واسع في الاستخبارات، وفي حماية الطرق والمستوطنات، "إننا نمر بفترة أمنية معقدة في جميع القطاعات وإذا استلزم الأمر هجوم سنفعل ذلك بصورة ساحقة... لا تجرّبونا". بالطبع فإن عيد الفصح الماضي الذي بلور سيناريو الرعب حول تعدد الساحات، لا يزل ماثلًا أمام أعين هؤلاء.
التقاء سياقات التهديد الخارجية مع الداخلية، يجعل من شهر أيلول صعبًا جداً على المؤسسة الأمنية الإسرائيلية، فمن ناحية ستزداد مراكز الاحتجاجات التي تحمل عدة تحديات تتعلق بمعركة التشريعات، تصاعد موجة العمليات، قانون التجنيد، احتجاجات الجنود، التطبيع مع السعودية... كل ذلك من شأنه رفع مستوى التهديد الخارجي، ونقل الأزمة بين المعارضة والائتلاف إلى داخل الحكومة، في وقت تغرّد اتفاقات التسوية خارج السرب مع تمسك المعارضة برفض الحوار، ومناورة نتنياهو العقيمة لاحتواء الانزلاق. في المحصلة لن يقع الضرر الأكبر الا على الجيش في حال عدم قيام نتنياهو بخطة إنقاذيه يبدو أن تحقيقها خرج من يده.
على خلفية المواجهة التي تشتد بين الحكومة، والجهاز القضائي، والخشية من أزمة قانونية، أفاد موقع "واللا" الإلكتروني أن توترات غير عادية تهدد بتعطيل حفل وضع حجر الأساس لقاعة المحكمة الجديدة في القدس (المحتلة)، يوم الأحد المقبل. وأشار الموقع إلى أن وزير القضاء ياريف ليفين يعتزم مقاطعة الحفل احتجاجا على رفض إدارة المحاكم دعوة رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو لحضور الحدث الذي سيقام قبل يومين من جلسة الاستماع في المحكمة العليا بشأن الالتماسات المقدمة ضد قانون تقليص "حجة المعقولية". كما أعلن وزير المالية بتسلئيل سموتيريش، الذي تمت دعوته، عن إلغاء مشاركته في الحدث.
وكان نتنياهو قد شارك في حسابه على منصة إكس (تويتر سابقا)، تصريح رئيس الكنيست، أمير أوحانا، الذي حذّر فيه المحكمة العليا من شطب قانون - أساس، في إشارة إلى قانون تقليص "حجة المعقولية"، معتبرا أنه "لا يوجد أي نص قانوني يخول المحكمة شطب أو تغيير قانون - أساس".
ووصف وزير القضاء، ياريف ليفين، أقوال أوحانا، بأنها "موقف صلب". وقال: "آمل أن تجد أقواله آذانا صاغية لدى قضاة العليا، وأن تحترم المحكمة صلاحيات الحكومة والكنيست وسيادة الشعب". يأتي ذلك قبل أيام على جلسة المحكمة العليا التي ستنظر يوم الثلاثاء القادم، في التماسات تطالب بإلغاء قانون تقليص "حجة المعقولية".
على صعيد آخر، أعلن نتنياهو، أمام اللجنة الفرعية لتعزيز مكافحة الجريمة في "المجتمع العربي" إن "اللجنة الوزارية تروج لخمسة قوانين قوية للغاية من شأنها أن تعزز قدرتنا على مكافحة منظمات الجريمة"". وقال نتنياهو: "نحن في حرب حقيقية ضد الجريمة الخطيرة في الوسط العربي. قمت اليوم (أمس) بتعيين روي كحلون مفوّضا على رأس وحدة مكافحة الجريمة في المجتمع العربي، وآمل أن يتم إقرار هذه القوانين في الأسابيع المقبلة". وفي السياق، ذكر موقع "ماكو" أن الحكومة الإسرائيلية تدرس تأجيل الانتخابات في 12 "سلطة محلية عربية"، خشية من تدخل منظمات إجرامية في الانتخابات.
الواقع أنّ هذه الخطوات تقع بين حد الاحتواء لأغراض إعلامية وعدم تغير السياسة المبطنة لدعم عالم الجريمة، إذ أن سياسة نتنياهو تقتضي إطفاء الحرائق التي يشعلها شركاؤه في الحكومة، ليس لأن سياسة الحكومات السابقة تختلف عن السياسة الحالية بدعم عالم الجريمة، بل لإن سياسة الحكومة الحالية ساهمت بنقل عالم الجريمة إلى مستوى غير مسبوق بحيث تحول إلى فلتان أمني تضررت معه سمعة الشرطة والأمن.
الكاتب: غرفة التحرير