30 آذار / مارس، يوم الأرض في فلسطين المحتلة، وقد أُعلن تخليداً لذكرى أول انتفاضة شعبية لفلسطيني الـ 48 - اندلعت عام 1976 - الذين يحصلون على عيشهم من الأرض، وانطلقت شرارتها مع مصادرة الاحتلال لأكثر من 21 ألف دونم من أراضي قريتي عرّابة وسخنين. أدت الانتفاضة الى استشهاد 6 فلسطينيين وجرح واعتقال المئات، وقد تضامنت الضفة الغربية كما فلسطينيو "الشتات" مع فعالياتها ما أجبر حكومة الاحتلال ووزيرها آنذاك إسحاق رابين بالتراجع عن قرار المصادرة.
يستعيد فلسطينيو الدّاخل الذكرى هذه السنة بتصعيد عمليات المقاومة النوعية حيث نفذّت 3 عمليات في الدّاخل المحتل في ثمانية أيام، أدت الى مقتل 11 اسرائيلياً وإصابة آخرين، وآخرها عملية "بني براك" – قرب "تل أبيب" - النوعية حيث نجح الشهيد الشاب ضياء حمارشة (مواليد 1995، من سكان قرية يعبد قضاء جنين) من إطلاق 5 رصاصات أصابت رؤوس وأجساد 5 مستوطنين بدقة!
لا أمان للمستوطنين في الشوارع!
دقّ كيان الاحتلال المؤقت ناقوس الخطر على "أمنه" أمام أسبوع لم تشهد له "إسرائيل" مثيلاً منذ سنوات فهي تواجه "حالة طوارئ أمنية"، حسب ما وصف الاعلام العبري الذي نقل أيضاً حالة الذعر التي أصابت المستوطنين بالإضافة الى "شعور صعب بعدم الأمن في الشوارع". ومن ناحية ثانية تتوالى إخفاقات الأجهزة الأمنية للاحتلال وخاصة "الشاباك" في توقّع عمليات المقاومة فعلى الرغم من حالة التأهّب نتيجة عمليتي بئر السبع والخضيرة الا أن أحداً من المسؤولين الإسرائيليين لم يتوقع أن تحدث عملية في "بني براك"، فكانت مفاجئة تعرّض فيها وزير "الأمن الداخلي" عومر بارليف للمهاجمة والشتائم من المستوطنين المحتجين على التقصير الأمني. فيما اكتفى وزير حرب الاحتلال بيني غانتس بالقول إن ليلة العملية "كانت صعبة جداً" وكذلك وصفها رئيس حكومة الاحتلال السابق بنيامين نتنياهو.
تدابير أمنية لم تتخذها الشرطة منذ "سيف القدس"
وعلى مستوى جيش وشرطة الاحتلال فقد اتّخذت "تدابير" لأول مرة منذ معركة "سيف القدس"، حيث تم:
_ حظر تنقل الجنود منفردين
_ منع التدريبات في القرى والبلدات الفلسطينية
_ زيادة الحراسة و"التأمين" في القواعد العسكرية الكبيرة
_ تحديد مسار تنقلات آليات الجيش والشرطة بشكل مسبق خشية من كمائن المقاومة الشعبية
كما طالب "مسؤول كبير في الشرطة" الحكومة بتوفير ميزانية لتجنيد 4000 شرطي إضافي "حتى نتمكن من التعامل بشكل جيد مع موجة العمليات". وقاد باتت المقاومة الشعبية تهديداً جدياً لكل مؤسسات ومحطات الاحتلال والأماكن المزدحمة حيث استدعى المفتش العام في الشرطة "آلاف القوات في تعزيزات لمهام التأمين".
على المقلب الفلسطيني في الضفة وغزّة عمّت الأجواء الاحتفالية والمبارِكة للعملية، فكانت التكبيرات في المساجد والمسيرات والهتافات المشجعة على مواجهة الاحتلال واعتبار المنفّذ الشهيد ضياء أحد ابطال فلسطين، وقد أّكدت حركة حماس في بيانها حول العملية أن "الشعب الفلسطيني لن يبقى مكتوف الأيدي أمام انتهاكات الاحتلال وجرائمه، وسيتصدّى لإرهابه بكلّ الوسائل، وسيحمي قدسه وأقصاه وكامل أرضه المحتلة، وسيدافع عنها بالمقاومة الشاملة، التي ستتواصل ردعاً للاحتلال، وكبحاً لجماح عدوانه، حتّى رحليه عن أرضنا".
اسمها يافا لا "تل أبيب"
أعاد الشهيد ضياء – بخمس رصاصات فقط – تذكير الكيان الإسرائيلي المؤقت أن هذه الأرض فلسطينية، وأنه محتل مهما توالت العقود. فتغيير أسماء المُدن، أو منح الفلسطينيين "البطاقات الزرقاء" لن يسلخهم عن هويتهم وهوية أرضهم أو يحدّ من مقاومتهم.
فعام 2009 أصدر كيان الاحتلال "قراراً" يقضي بنقل أسماء ألفي مدينة فلسطينية من العربية الى "العبرية". وعلى سبيل المثال "تل أبيب" (مكان العملية) التي يعتبرها الاحتلال العاصمة الاستراتيجية ومركز "ثقله"، هي جزء مقتطع من مدينة يافا. وفي شهر نيسان /أبريل 1950، أعلن كيان الاحتلال إلغاء بلدية يافا، وضمّها الى "تل أبيب" تحت بلديةٍ واحدة تسمى "تل أبيب - يافا"، ممارساً التهويد فبدّل أسماء الشوارع الى أسماء عبرية كما هدّم وغيّر في معالم بنائها وهندستها بهدف القضاء على طابعها المعماري العربيّ، بالإضافة الى استهدافه للمباني التاريخية والآثار القديمة فيها.
الكاتب: غرفة التحرير