بالتزامن مع جلسة "الكنيست"، كانت الأزمة السياسية بين أطرافه تترجم عمليًا على مقربة منه وفي شوارع "تل أبيب" حيث خرجت مظاهرات اليسار الرافضة لـ "قانون الاصلاحات القضائية" التي تحاول حكومة بنيامين نتياهو اليمينية المتطرفة أن تقره بما يجعل الجهاز القضائي في قبضتها وقبضة نتنياهو المُدان بالعديد من ملفات الفساد. كما يجعل "النظام" برمّته تحت سلطة اليمين والتيار الديني حسب ادعاءات مسؤولي اليسار. فقد زعم النائب العام السابق، أفيخاي ماندلبليت، إنه "في الحقيقة نحن نمر بانقلاب على النظام كله وليس إصلاحاً قضائيًا".
الشرطة تقمع و"أمن" الكيان مهدّد
انقسم الشارع بين المستوطنين المتظاهرين وبين شرطة الاحتلال وسط قمع واشتباكات، اذ استخدمت الشرطة المياه العادمة والقنابل الصوتية والمسيلة للدموع لتفريق المظاهرات. كذلك استدعت الشرطة الخيول، وسُجّلت الاصابات. فيما وصفت عضو "الكنيست" عن حزب "العمل" ميراف ميخائيلي النشطاء اليساريين الذين رشقوا عناصر الشرطة بالحجارة بـ "الارهابيين".
وأمام قمع الشرطة للاحتجاجات صرّح رئيس حكومة الاحتلال الأسبق، إيهود أولمرت "نحن أمام حكومة بلطجية تتبنى العنف وتشكّل تهديد على المجتمع الإسرائيلي ومكانة إسرائيل واستقرارها وأمنها وآن الأوان ليخرج الشارع الإسرائيلي بقوة ضدها".
تتصاعد حدّة وخطورة الانقسامات السياسية مع استمرار الاحتجاجات ضد حكومة نتنياهو للأسبوع الثامن بما يبيّن أن "استعادة النظام في تل أبيب سيحتاج وقتًا طويًلا"، حسب ما صرّح ضابط كبير في الشرطة "للقناة "12 العبرية. وتقترب الأزمة أكثر نحو "الحرب الأهلية" التي تهدّد الكيان جديًا.
في كلمته في "الكنيست"، ادعى رئيس أمن الاحتلال السابق بيني غانتس أن "هذا المكان (الكنيست) يدمّر اسرائيل، بن غفير ورفاقه يفككون الدولة من الداخل، الحرب الأهلية على الأبواب، متى ستتوقفون؟ عندما تراق الدماء". بدوره زعم رئيس الكيان اسحاق هرتسوغ أن "الدولة والمجتمع الإسرائيليان يعيشان ساعة صعبة وأزمة داخلية عميقة وخطيرة تهددنا جميعًا".
نتنياهو يصف المعارضة بـ "حفنة"
ومع ادلاء نتنياهو بخطاب تعليقًا على الاحتجاجات ، خرج المستوطنون اليساريون في مظاهرة في القدس المحتلّة، ووقعت اشتباكات مع الشرطة أيضًا. وقد وصف نتنياهو المعارضة الحالية بـ "الحفنة"، زاعمًا بأنها "تُموّل من قِبل أطراف معنية بالفوضى بما في ذلك أطراف أجنبية".
الأزمة السياسية تتوسّع في الجيش
الأكثر خطورة في هذه الأزمة أنها بدأت تتسرّب الى داخل جيش الاحتلال وأفرعه، وهو ما عبّر عنه رئيس هيئة الأركان العامة في جيش الاحتلال، هرتسي هليفي، بالقول إن الخلاف السياسي "وصل أيضاً إلى الجيش الإسرائيلي".
اذ منذ الأسبوع الثاني على بدأ الاحتجاجات أشارت "القناة 7" العبرية أن جنود الاحتياط والضباط المعارضين للحكومة في جيش الاحتلال "سيقيمون خيمة احتجاج أمام منزل ياريف ليفين (وزير القضاء)". وتتزايد الدعوات من قبل وحدات في الاحتياط لرفض الخدمة إعتراضًا على خطة الحكومة. وفي هذا السياق، قال وزير أمن الاحتلال السابق، عومر بار ليف، إن "التوقف عن الخدمة في الاحتياط أمر وارد في حال جرت الموافقة على الثورة القضائية". وبذلك يدخل الجيش "أخطر أزمة احتياط منذ حرب الغفران (حرب اكتوبر 1973)"، على حدّ تعبير مسؤول في جيش الاحتلال لصحيفة "هآرتس" العبرية.
انضم سلاح الجو أيضًا الى سكة الاحتجاجات، و وقد اعتقلت شرطة الاحتلال جندي احتياط حسب ما نقل موقع "مكور ريشون" العبري عن منظمي المظاهرات. ولفتت "القناة 12" العبرية إلى أنّ "الخشية الأساسية والعميقة في الجيش الإسرائيلي، على الرغم من أنّهم لا يتحدّثون عن ذلك كثيراً، هي في سلاح الجو، الأكثر أهمية من أيّ وحدة أخرى في الجيش الإسرائيلي، لأنّ سلاح الجو يرتكز على طيّاري الاحتياط، الذين من دونهم لا يوجد سلاح جو".
على المستوى الاستخباراتي، وصلت الى وزير أمن الاحتلال ايتمار بن غفير رسالة من ضباط الاحتياط في وحدة الاستخبارات العسكرية 8200 مفادها "نحذركم من أننا نرصد تراكمًا مقلقًا لعلامات تنذر بوجود مخاوف حقيقية على سلامة اسرائيل أمنها".
الكاتب: مروة ناصر