يكشف هذا المقال الذي نشره موقع "ميدل إيست آي – Middle East Eye" وترجمه موقع الخنادق الالكتروني، أنه تم تهميش مصر في محادثات وقف إطلاق النار في غزة وسط مخاوف من انجرارها إلى الحرب. ونقل المقال عن مصادر استخباراتية مصرية قولها بأن إسرائيل تتجاهل القاهرة وتستعد لتهجير مئات آلاف الفلسطينيين نحو حدودها. مبيناً بأن المفاوضات حاليًا تجري بين إسرائيل والولايات المتحدة الأمريكية، بينما يقتصر الدور القطري على الوساطة المحدودة، دون أي نتائج ملموسة.
النص المترجم:
تم تهميش مصر في مفاوضات وقف إطلاق النار الآخذة في الانهيار بشأن غزة، فيما تخشى القاهرة أن يؤدي هجوم إسرائيلي واسع على القطاع إلى إجبار الفلسطينيين على اجتياز الحدود نحو سيناء وإحداث فوضى، بحسب ما أفاد به مسؤولون كبار في الاستخبارات المصرية لموقع ميدل إيست آي.
وقال أحد كبار المسؤولين إن المراسلات بين مصر وإسرائيل انقطعت تمامًا، دون أي تقدم في المباحثات للتوصل إلى هدنة في غزة.
وتجري المفاوضات حاليًا بين إسرائيل والولايات المتحدة الأمريكية، بينما يقتصر الدور القطري على الوساطة المحدودة، دون أي نتائج ملموسة.
وقال المصدر: "المهام الاستخباراتية المصرية المتكررة إلى إسرائيل عادت مؤخرًا خاوية الوفاض. آخر وفد لم يتلق أي ردود واضحة أو إيجابية، بل وعودًا فارغة بالرد على المقترح الأخير لواشنطن". وأضاف: "رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو عازم على غزو غزة وتدميرها واحتلالها".
وكانت حماس قد وافقت هذا الأسبوع على أحدث مقترح لوقف إطلاق النار، لكن إسرائيل رفضته – رغم أنها وافقت عليه مبدئيًا في وقت سابق.
وقد حاول بعض حلفاء إسرائيل إلقاء اللوم في الجمود على هجمات حماس الناجحة الأخيرة على الجنود. مع ذلك، تقول مصادر مصرية إن هذه الهجمات لم تكن عاملاً رئيسياً.
وأوضحت: "حتى قبل عمليات حماس، كان واضحًا من زيارات الوفود الأمنية المصرية الأخيرة أن الجانب الإسرائيلي لم يكن جادًا في السعي لوقف إطلاق النار أو التعامل مع القضية بالجدية التي تستحقها".
وقد ضغط المسؤولون المصريون والقطريون مرارًا على الولايات المتحدة لدعم هدنة، والسماح بدخول المساعدات الإنسانية إلى غزة، وتأمين إطلاق سراح الأسرى لدى حماس. لكن المصدر أشار: "لم يكن هناك أي تجاوب، فواشنطن منحت مباركتها الكاملة لكل خطوة إسرائيلية".
ومع ذلك، أوضح أن الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي أصدر تعليماته لرئيس جهاز المخابرات العامة حسن رشاد ومسؤولين آخرين يشاركون في مفاوضات غزة "بمواصلة الاتصالات مع جميع الأطراف الإقليمية والدولية من أجل تأمين هدنة".
وكان موقع ميدل إيست آي قد كشف الشهر الماضي أن مصر درّبت على مدى أشهر فلسطينيين من الضفة الغربية لتولّي الأمن في غزة في حال التوصل إلى وقف إطلاق النار.
موعد رمزي
مصدر استخباراتي رفيع آخر كشف لـ ميدل إيست آي أن القادة الإسرائيليين يفكرون في موعد رمزي: السابع من أكتوبر، بمناسبة الذكرى الثانية لاندلاع الحرب.
وقال إنهم يخططون في ذلك التاريخ لرفع العلم الإسرائيلي فوق مدينة غزة وإعلان احتلالها بالكامل.
وأوضح: "بالنسبة لنتنياهو، النجاح في السيطرة على غزة مسألة كرامة لاستعادة هيبته – حتى لو كان الثمن التضحية بالأسرى. لهذا السبب تجاهلت إسرائيل المقترح الأميركي لوقف إطلاق النار، الذي وافقت عليه حماس أصلًا".
ورغم أن إسرائيل تزعم أن هدف الحرب تحرير الأسرى الذين اختطفتهم حماس في 7 أكتوبر 2023، إلا أن وزراء بارزين أكدوا أنهم ليسوا أولوية، بينما يحذّر القادة العسكريون من أن التوصل إلى اتفاق هدنة هو السبيل الوحيد لإطلاق سراحهم.
في الأثناء، تعهّد نتنياهو باحتلال مدينة غزة بالكامل إلى أجل غير مسمّى.
وتتوقع أجهزة الاستخبارات المصرية أن تتعامل واشنطن مع الأسرى الإسرائيليين كأضرار جانبية، تمامًا كما فعلت الحكومة الإسرائيلية.
وقال المصدر: "نتوقع تصعيدًا مدمّرًا، معارك شوارع وحشية وهجمات انتحارية من قبل حماس قد تختبر قدرة جيش الاحتلال على مواجهة المقاومة – أو تجبره على العودة إلى طاولة المفاوضات إذا تكبد خسائر فادحة".
تهديد معاهدة السلام
كانت مصر أول دولة عربية تطبّع العلاقات مع إسرائيل. ورغم التعاطف الشعبي الواسع مع القضية الفلسطينية، حافظت القاهرة وتل أبيب على علاقات قوية منذ توقيع معاهدة السلام برعاية أميركية عام 1979.
وبموجب المعاهدة، قُسّمت شبه جزيرة سيناء إلى مناطق بحدود صارمة على انتشار القوات والأسلحة الثقيلة. وعلى مر السنوات جرت تفاهمات لتجاوز هذه القيود، خصوصًا بعد انقلاب 2013 حين عزز الجيش المصري وجوده في شمال سيناء لمكافحة التمرد.
لكن الإبادة في غزة دفعت بالعلاقات الثنائية إلى أدنى مستوياتها منذ عقود. إذ ترى القاهرة أن الحرب الإسرائيلية على غزة تهدد استقرار الحدود، وتضرب جهودها الدبلوماسية، وتشكل خطرًا على صلابة معاهدة السلام.
ومن أبرز نقاط الخلاف بين مصر وإسرائيل سيطرة الأخيرة على ممر فيلادلفيا، وهو شريط ضيق على الحدود بين غزة وسيناء، استولت عليه في أيار / مايو 2024.
بينما تؤكد مصر أن الخطوة تنتهك المعاهدة، تقول إسرائيل إنها ضرورية لمنع تهريب السلاح.
كما أن السيطرة الإسرائيلية على هذه المنطقة الحدودية شدّدت الحصار على غزة بالكامل، حيث أُعلنت المجاعة بعد شهور من التجويع القسري.
تهديد التهجير قائم
تدهورت العلاقات المصرية الإسرائيلية أكثر مؤخرًا مع ترويج مسؤولين إسرائيليين وأميركيين لفكرة طرد الفلسطينيين من غزة إلى سيناء – وهي فكرة مرفوضة تمامًا من القاهرة.
وكشف المصدر الاستخباراتي الثاني أن "الجيش الإسرائيلي فكر حتى في شن ضربات على طول السياج الحدودي مع مصر لتدميره جزئيًا ودفع الفلسطينيين نحو معبر رفح المصري ضد إرادة القاهرة".
وأضاف: "القوات المسلحة المصرية تعارض بشدة فكرة نقل الفلسطينيين إلى مصر. وقد أوضحت القاهرة أن أي ضربة عسكرية على حدودها ستستدعي ردًا مباشرًا وقد تزج الجيش المصري في حرب مع إسرائيل".
وفي 19 آب / أغسطس، كشف ميدل إيست آي أن مصر نشرت نحو 40 ألف جندي على طول حدودها مع غزة لمنع أي احتمال لتسلل الفلسطينيين إلى سيناء.
ويبدو أن هناك ردًا غير مباشر على محاولة مصر لتأمين حدودها؛ إذ أفادت تقارير غير مؤكدة في الإعلام الإسرائيلي أن تل أبيب تفكر في تجميد صفقة الغاز الطبيعي مع مصر البالغة قيمتها 35 مليار دولار.
وبحسب هذه التقارير، ستبرر إسرائيل القرار بما تزعم أنه "انتهاكات" للمعاهدة مرتبطة بنشر مصر قوات إضافية في سيناء. ولم يعلّق أي من الحكومتين رسميًا.
وقال محلل أمني فضّل عدم الكشف عن اسمه لـ ميدل إيست آي إن هذه التقارير أقل ارتباطًا بالسياسة الطاقوية وأكثر بالضغط السياسي.
وأوضح: "صفقة الغاز هي الأكبر في تاريخ إسرائيل مع مصر؛ ليس أمرًا يفرّط فيه نتنياهو بسهولة".
وأضاف: "لكن بالتلويح بتجميدها، يوجه رسالة: اقبلوا تدفقًا جماعيًا للفلسطينيين إلى شمال سيناء بعد اجتياح كامل لغزة أو ادفعوا الثمن اقتصاديًا".
وتابع المحلل: "الأمر يتعلق بالإكراه لا بالتجارة. نتنياهو يعلم أن مصر تعاني أصلًا من نقص في الطاقة. وتهديده بقطع الإمدادات الغازية يهدف إلى إجبار القاهرة على قرارات رفضتها حتى الآن".
المصدر: Middle East Eye
الكاتب: غرفة التحرير