الأربعاء 03 أيلول , 2025 04:13

نقطة اللاعودة: هل يقطع تفعيل آلية الزناد الجسور بين أوروبا وإيران؟

رؤساء دول أوروبية وصاروخ إيراني

دخل الملف النووي الإيراني مرحلة جديدة بعد إعلان فرنسا وألمانيا وبريطانيا أمام مجلس الأمن الدولي أنها ستفعّل آلية العودة التلقائية للعقوبات، المعروفة بـ"آلية الزناد"، خلال 30 يوما ما لم يتم التوصل إلى اتفاق جديد مع طهران. تأتي هذه الخطوة بعد 10 سنوات من تجميد العقوبات الأممية عقب توقيع الاتفاق النووي عام 2015. وتُعتبر هذه الخطوة بمثابة تحفيز لإيران للعودة إلى المسار الدبلوماسي، وتحذير فعلي بضرورة التعاون الملموس أو مواجهة تفعيل الآلية تلقائيًا.

كشف تقرير فصلي للوكالة الدولية للطاقة الذرية (يونيو/حزيران) أن إيران تمتلك نحو 408.6 كغ من اليورانيوم المخصّب بنسبة تصل إلى 60% وتُحذّر تقديرات مستقلة من إمكانية تحويل هذا المخزون بسرعة إلى وقود عسكري إذا استؤنفت العمليات بكامل طاقتها. وقد توقفت زيارات مفتشي الوكالة إلى بعض المواقع بعد الصراع الذي وقع في يونيو/حزيران 2025.

آلية الزناد وتداعياتها

تسمح آلية الزناد لأي طرف مشارك في الاتفاق بإعادة عقوبات مجلس الأمن إذا رأى "عدم امتثال جوهري". فإذا أبلغت دولة طرف مجلس الأمن بـ"عدم الامتثال الجوهري" ولم يعتمد المجلس قرارًا بمواصلة رفع العقوبات خلال 30 يومًا، فإن جميع عقوبات الأمم المتحدة السابقة على إيران تعود تلقائيًا. وتتضمن هذه العقوبات حظرًا شاملًا على الأسلحة، وقيودًا صارمة على الصواريخ، وتجميدًا ماليًا، وقيودًا كبيرة على التجارة والطاقة. لا يمكن إجهاض عودة العقوبات هذه باستخدام الفيتو الروسي أو الصيني، لأنها تتم تلقائيًا بعد انقضاء المهلة.

المواقف الأوروبية والإيرانية

يُظهر الموقف الأوروبي أن صبرهم القانوني أوشك على النفاد، مع اقتراب الموعد النهائي لتفعيل الآلية. تهدف أوروبا إلى سدّ "نافذة الهروب" قبل 18 أكتوبر، وإعادة الوكالة الدولية كلاعب محوري، وتوحيد المقاربة عبر شرعية أممية. ومع ذلك، فإن تفعيل الآلية ينطوي على مخاطر، مثل قطع الجسور الدبلوماسية ودفع إيران لتعميق تعاونها العسكري والتقني مع روسيا والصين، بالإضافة إلى احتمالية حدوث ارتداد في أسواق الطاقة.

في المقابل، ترفض القيادة الإيرانية "الابتزاز"، وتتمسك بأن برنامجها النووي سلمي. ورغم أن الخطاب الأعلى في إيران يغلق باب التنازلات السريعة، إلا أنها عادت للجلوس مع الأوروبيين لوقف الانزلاق نحو تفعيل الآلية. وقد تُقدّم إيران حزمة "تحقق مقابل تجميد"، تتضمن استئناف وصول الوكالة وخفض مستويات التخصيب، مقابل تعهد أوروبي بعدم تفعيل آلية الزناد.

السيناريوهات المحتملة

هناك عدة سيناريوهات محتملة حتى 18 أكتوبر 2025:

- اتفاق "تحقق مقابل تجميد" (أفضل الحالات): يتم استئناف دخول الوكالة بسرعة، وتثبيت سقف التخصيب، وتُصدر الدول الأوروبية الثلاث بيانًا بعدم تفعيل الآلية في الوقت الحالي.

- تفعيل آلية الزناد (السيناريو الأرجح إذا تعثر التفتيش: تُخطر الدول الأوروبية الثلاث مجلس الأمن، وبعد 30 يومًا تعود العقوبات الأممية تلقائيًا. في المقابل، قد تردّ إيران بتوسيع برنامجها أو بخطوات إقليمية.

- المراوحة حتى انقضاء المهلة: قد تستمر المداولات دون أي اختراق، ما قد يدفع الأوروبيين إلى تفعيل آلية الزناد في اللحظات الأخيرة إذا لم تُستأنف عمليات التفتيش.

ماذا يعني ذلك للاتحاد الأوروبي والمنطقة:

للاتحاد الأوروبي: التفعيل سيعني انتقاله من "الوسيط" إلى "الطرف القاطع"، وتماهيًا أكبر مع المقاربة الأمريكية، لكنه يمنحه أيضاً مظلّة أممية تسهّل إنفاذ العقوبات عبر العالم.

للمنطقة: احتمالات توتر ملاحي في مضيقي هرمز وباب المندب إذا توسعت سياسة الضغط/الردع.


الكاتب: غرفة التحرير




روزنامة المحور