أثارت بريطانيا وفرنسا وألمانيا إمكانية إعادة فرض العقوبات على إيران لمنعها من تطوير برنامجها النووي. ففي رسالة إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، قالت هذه الدول الثلاث المعروفة باسم E3 إنها "لا تزال ملتزمة بحل دبلوماسي للقضية النووية الإيرانية". وأضافوا "نؤكد عزمنا على استخدام جميع الأدوات الدبلوماسية لمنع إيران من الحصول على سلاح نووي، بما في ذلك استخدام آلية إعادة فرض العقوبات إذا لزم الأمر".
إنّ اقتراح هذه الدول الثلاث تفعيل "آلية الزناد" تشير إلى بند ضمن خطة العمل الشاملة المشتركة لعام 2015، والذي يسمح للموقعين بإعادة فرض العقوبات الدولية على إيران إذا "اعتُبر" وفق زعمهم أنها تنتهك التزاماتها بموجب الاتفاق بشكل كبير.
في هذه الدراسة المرفقة أدناه نتحدث عن التهديد الأوروبي لإيران بالعودة لآلية "الزناد" وإسقاط لخطة العمل الشاملة المشتركة لعام 2015.
في الخلاصة:
على الرغم من البروباغندا المصاحبة للرغبة الأوروبية في إعادة تفعيل العقوبات على الجمهورية الإسلامية إلا أن البعض منهم في الغرب، يرى أنّ:
- تفعيل آلية الزناد لن يوقف تقدم إيران نحو امتلاك سلاح نووي، ولن يكون له في حد ذاته تأثير مدمر على اقتصاد إيران.
- الحفاظ على خطة العمل الشاملة المشتركة من شأنه أن يترك لإيران وسيلة لقبول المراقبة والقيود المتجددة على برنامجها النووي.
- سيترك للولايات المتحدة وشركائها إطاراً دبلوماسياً جاهزاً إذا حدث أي تغيير.
- نجحت إيران في انشاء منظومة احتواء فاعلة لمجرى العقوبات وتداعياتها داخلياً وإقليمياً وبالتالي، لن تغير هذه الخطوة الأوروبية شيئاً، ولن تستطيع أن تفرض أي سياسات جديدة على إيران، كما أنها بالقطع لن تنجح في تعطيل تفوقها النووي الذي بدأ بالفعل ومستمر.
لكن يرى البعض الاخر ممن يؤيد العودة لتفعيل الآلية أنّ:
- نقل إيران للطائرات بدون طيار والصواريخ وغيرها من الأسلحة إلى جهات فاعلة غير حكومية لا يزال يزعزع استقرار الشرق الأوسط، ومن خلال تزويد روسيا بالطائرات بدون طيار - وربما الصواريخ الباليستية - فإن إيران تعمل على تفاقم أكبر تحد حالي للتعددية والنظام العالمي المستقر، والذي يدعم نظام منع الانتشار النووي.
- إطلاق عملية إعادة فرض العقوبات من شأنه أن يمنح أوروبا والولايات المتحدة ودول أخرى مجموعة أخرى من الأدوات لمواجهة المشكلة الملحة المتمثلة في عمليات نقل الأسلحة الإيرانية لأطراف إقليمية ودولية معادية للسياسة الأوروبية والأمريكية-الإسرائيلية.
- من شأن توسيع السلطة القانونية الدولية لتفتيش الشحنات أن يزيد من احتمالات الحظر ويرفع تكلفة التهريب على إيران.
- العقوبات المفروضة على شركة الخطوط البحرية الإيرانية ورفض تقديم خدمات التزويد بالوقود للسفن المشتبه بها من شأنه أن يجعل من الصعب على إيران نقل الأسلحة باستخدام سفنها الخاصة.
- التقارب بين نظام العقوبات الأوروبية على إيران ونظام العقوبات الأمريكية من شأنه أن يكون ذا قيمة. فمن شأنه أن يتيح تنسيقاً أكثر فعّالية لقطع الأنشطة المالية والمشتريات الإيرانية غير المشروعة في أوروبا وخارجها، وتوفير معيار للعقوبات للدول الأخرى.
- أن العودة إلى فرض العقوبات تحمل مخاطر التصعيد التي قد يكون من الصعب إدارتها، فإن هذه المخاطر قائمة رغم ذلك، وتعتمد احتمالات تحققها على الحسابات في طهران وأماكن أخرى والتي تتأثر بعوامل خارج مفاوضات خطة العمل الشاملة المشتركة.
يمثل تفعيل آلية إعادة فرض العقوبات منعطفاً حاسماً في الدبلوماسية الدولية فيما يتعلق بالبرنامج النووي الإيراني. وهو يسلط الضوء على التوترات المستمرة بين إيران والقوى الغربية ويعكس ديناميكيات جيوسياسية أوسع تؤثر على الأمن في الشرق الأوسط. ومع تطور الأحداث، وخاصة في ضوء نتائج الوكالة الدولية للطاقة الذرية والمناورات السياسية بين الموقعين على خطة العمل الشاملة المشتركة، فإن إمكانية استعادة العقوبات تظل مصدر قلق كبير لجميع الأطراف المعنية.
من هذا المنطلق يجب التأكيد على أنّ هذه الخطوة المعلنة أوروبياً، لن تغير من الواقع شيئاً (وهذا باعتراف العديد من المراقبين الغربيين)، بل إنها ستزيد إيران إصراراً على حماية برنامجها النووي وإنشاء آليات جديدة لتحصين اقتصادهاً ومواردها وفق سياسات احتواء للأزمات وسد الثغرات. فما لا يدركه الغرب أنّ الضغط بالعقوبات لم يجدي ولن يجدي نفعاً، بل إنه محفز للتطور والابتكار على كل المستويات.