الأربعاء 03 أيلول , 2025 03:27

عمليات الاستطلاع الفرنسية فوق لبنان: تعاون استخباري وخرق للسيادة

طائرة MQ-9 Reaper

وفقًا لبيانات مراقبة الحركة الجوية لعام 2025، لوحظ نشاط مكثف ومنتظم لطائرات مُسيَّرة فرنسية من طراز MQ-9 Reaper في الأجواء اللبنانية. تُعدّ هذه الطائرات منصات استطلاع وهجوم متقدمة. وقد تصاعد هذا النشاط بشكل واضح بعد وقف إطلاق النار في 27 تشرين الثاني/نوفمبر 2024، ما يمثل تحولًا نوعيًا في طبيعة المراقبة الدولية في لبنان.

تتمتع طائرة MQ-9 Reaper بقدرة على التحليق لفترات طويلة تصل إلى 27 ساعة، وعلى ارتفاعات شاهقة تصل إلى 50,000 قدم. ورُصدت عملياتها في الأجواء اللبنانية بين 22,000 و26,000 قدم. تمنحها هذه الارتفاعات القدرة على مسح مساحات جغرافية شاسعة باستخدام كاميراتها وأجهزة الاستشعار عالية الدقة، كما تبقى خارج مدى معظم أنظمة الدفاع الجوي قصيرة المدى.

طبيعة العمليات والأهداف

تشير البيانات إلى أن مسارات الطيران لا تقتصر على جنوب لبنان فحسب، بل تمتد لتشمل مناطق استراتيجية وحيوية مثل سهل البقاع والعاصمة بيروت. يوضح هذا النمط أن المهمة ليست مجرد مراقبة تكتيكية للخط الأزرق، بل تمثل عملية استخباراتية استراتيجية شاملة. يتمثل الهدف الأساسي في بناء صورة استخباراتية متكاملة ومحدثة باستمرار عن الأنشطة العسكرية والبنى التحتية للمقاومة، بما في ذلك تحركات القوات، ومواقع الأسلحة، وشبكات الاتصالات، وطرق الإمداد.

يُعدّ وجود هذه الطائرات تهديدًا استراتيجيًا خطيرًا لحرية عمل المقاومة، حيث إن المراقبة الجوية المستمرة تُصعّب عليها تحريك قواتها أو نقل أسلحتها بسرية. وبوصفها طائرة "صائدة-قاتلة"، يمكن تسليحها بصواريخ دقيقة، ما يعني أن أي هدف يُرصد يمكن استهدافه فورًا. تعمل هذه الطائرات أيضًا على تحديث "بنك الأهداف" لدى الجيوش الغربية، ما يعني أن الضربات المستقبلية ستكون أكثر دقة وتدميرًا.

التعاون الاستخباراتي وانتهاك السيادة

يُشير التزامن بين تحليق الطائرات الفرنسية والغارات الجوية وعمليات الاغتيال التي ينفذها جيش الاحتلال في نفس المناطق أو في أوقات متقاربة، إلى وجود تعاون استخباراتي وعملياتي عميق ومنهجي. فعلى الرغم من أن هذه الطائرات لا تعمل تحت قيادة إسرائيلية مباشرة، إلا أن فرنسا والكيان حليفان غربيان بينهما آليات متقدمة لتبادل المعلومات الاستخباراتية. ونتيجة لذلك، فإن المعلومات التي تجمعها الطائرات الفرنسية تُعد "كنزًا استخباراتيًا" للاحتلال، وتصب بشكل مباشر في صالح الأمن القومي الإسرائيلي.

خلاصة واستنتاجات عامة:

- يوجد نمط منهجي من التزامن الجغرافي والزمني بين عمليات التحليق المكثفة لطائرات الاستطلاع الفرنسية المتقدمة (MQ-9 Reaper) فوق مناطق استراتيجية في لبنان (البقاع، بيروت، والجنوب)، وبين الغارات وعمليات الاغتيال الدقيقة التي ينفذها جيش الاحتلال ضد أهداف بزعم أنها للمقاومة في نفس المناطق.

- إن التزامن بين النشاط الجوي الفرنسي والغارات الإسرائيلية ليس من قبيل الصدفة، بل هو دليل على وجود تعاون استخباراتي عميق ومنهجي بين فرنسا والكيان المؤقت على الأراضي اللبنانية.

- تحت غطاء تفويض الأمم المتحدة (القرار 1701) واتفاق وقف إطلاق النار لعام 2024، تقوم هذه الطائرات بعمليات جمع معلومات استخباراتية استراتيجية تتجاوز بكثير الدور التقليدي لقوات حفظ السلام. وتساهم في بناء بنك أهداف وتأكيد المعلومات قبل تنفيذ الضربات، الأمر الذي يشكل تهديداً خطيراً لحرية عمل المقاومة ويجردها من ميزتي السرية والمفاجأة.

- هناك مؤشرات قوية ترجح تحول الدور الفرنسي من "حفظ السلام" السلبي إلى دور استخباراتي هجومي نشط، حيث أصبحت طائراته المسيرة جزءاً لا يتجزأ من "سلسلة القتل الإسرائيلي". وبالتالي، فإن مفاهيم السيادة اللبنانية والتفويض الأممي تُستخدم كـ "غطاء شكلي" لعمليات عسكرية منسقة، مما يمثل تحولاً خطيراً في طبيعة التدخل الدولي في لبنان.





روزنامة المحور