تشهد منطقة الساحل السوري – محافظتا طرطوس واللاذقية - في الآونة الأخيرة أحداثاً دراماتيكية، تعكس التحديات الكبيرة تواجهها البلاد في مرحلة ما بعد نظام الرئيس بشار الأسد. فممارسات السلطة الحاكمة الجديدة أقل ما يمكن وصفها به هو "القمع الإرهابي بثوب رسمي". فانتهاكات "هيئة تحرير الشام" (جبهة النصرة سابقاً)، تؤدي الى زعزعة الاستقرار وإثارة الفتن الطائفية، فضلاً عن سياسات التهميش التي لن تؤدي في المستقبل، إلا إلى مزيد من الصراعات والمعاناة للشعب السوري.
هذا الواقع الأليم، دفع أبناء المنطقة خاصةً العسكريين ضمن الجيش السوري السابق، الى تشكيل "المجلس العسكري لتحرير سوريا"، بقيادة العميد غياث دلا، الذي أصدر بياناً حدّد فيه الأهداف التأسيسية للمجلس وهي:
_تحرير كامل التراب السوري من جميع القوى المحتلة والإرهابية.
_إسقاط النظام القائم وتفكيك أجهزته القمعية الطائفية المقيتة.
_حماية أرواح وممتلكات المواطنين السوريين.
_إعادة بناء مؤسسات الدولة على أسس وطنية وديمقراطية.
_تهيئة الظروف لعودة اللاجئين والنازحين إلى ديارهم.
_إقامة دولة سورية موحدة ذات سيادة، تحترم حقوق الإنسان وتضمن العدالة والمساواة لجميع أبنائها.
ثم دعا البيان جميع "أبناء الشعب السوري، من مختلف الطوائف والمناطق والأعراق إلى الانضمام إلى صفوفنا والوقوف معنا في هذه المرحلة التاريخية".
أحداث الخميس 06/03/2025 هي باكورة الأحداث
وما شهدته منطقة الساحل السوري مساء الخميس 06/03/2025، لا تشبه مثيلاتها التي حصلت في الفترة التي تلت سقوط نظام الرئيس بشار الأسد أواخر العام الماضي، كون ما حصل بالأمس كان منسقاً بشكل لافت. حيث قام عناصر هذا المجلس بشن هجمات متزامنة ضد قوات الأمن العام، مما أسفر عن مقتل أكثر من 30 عنصراً وإصابة آخرين. ولم يقتصر الأمر على ما سبق، إذ تمكن عناصر المجلس من السيطرة على مناطق تقع في مدينة جبلة من الجهة الشمالية، بينها الكلية الحربية. كما أقدموا أيضا على نصب كمائن في عدة مناطق ساحلية، أسفرت في غالبيتها عن قتلى من قوات إدارة دمشق، ما استدعى قيام وزارة الدفاع التابعة لإدارة أحمد الشرع الجولاني، الى إرسال تعزيزات عسكرية كبيرة الى هذه المنطقة.
أما شرارة هذه الهجمات المنسقة، فكانت بعد تمادي الحملات الأمنية الاستعراضية التي تعرّضت لها قرى هذه المنطقة وبعض أحياء مدنها، وآخرها في حي الدعتور باللاذقية - وما تخللها من عمليات تخريب للممتلكات العامة، ومنع للسكان من إقامة مجالس عزاء لضحايا هذه العمليات، مستخدمين في ذلك الرشاشات الثقيلة (المضادة للطيران).
ومع تصاعد الأحداث، بدا لافتاً تكثيف الطائرات الحربية الروسية لتحليقها في أجواء المنطقة، وعلى علو منخفض، بما أوحى أنه رسالة مباشرة من موسكو بأنها لا تزال موجودة وتتابع الأحداث عن كثب.
انتهاكات نظام الشرع الجولاني
ومع تولي السلطة الجديدة مقاليد الحكم، حاول الشرع الجولاني في بادئ الأمر، إشاعة آمال كبيرة، بأنه قد خلع ثوبه القديم وبأن نيته تحقيق العدالة والمصالحة الوطنية. إلا أن الحقائق الميدانية بددت هذه الآمال الزائفة، حينما كشفت حصول ممارسات قمعية كبيرة انتهجتها هذه السلطة، خاصة في مناطق الساحل السوري.
فقد شهدت هذه المناطق احتجاجات واسعة من قبل سكانها، خاصة من الطائفة العلوية، بعد أن شعروا بالتهميش والاستهداف. ففي مدينة حمص، اندلعت مظاهرات احتجاجًا على ممارسات السلطة الجديدة، مما أدى إلى سقوط شهداء مدنيين وجرحى بعد استخدام القوات الأمنية الرصاص الحي لتفريق المتظاهرين.
وقبلها في كانون الثاني / يناير 2025، شهدت المنطقة احتجاجات واسعة بعد اعتداء عناصر الهيئة على مقام ديني في حلب، مما أثار غضب سكانها ودفعهم للخروج في مظاهرات تندد بهذه الممارسات.
الكاتب: غرفة التحرير