الجمعة 31 كانون الثاني , 2025 02:34

ضغوطات لتهجير الغزيين: التطبيع لا ينقذ القاهرة من فكي الكماشة

صرح الرئيس الأميركي قال قبل أيام عن رغبته في "تطهير" قطاع غزة، موضحاً أنه سيطلب من الرئيس المصري ما طلبه من ملك الأردن بالسماح بدخول ما يصل إلى 1.5 مليون فلسطيني من غزة إلى الأراضي المصرية. هذه التصريحات التي كررها دونالد ترامب تأتي ضمن إطار مشروع أميركي اسرائيلي واضح ومعلن لتهجير الغزيين والبدء بالاستيطان وهو الأمر الذي رفضه الفلسطينيون أولاً والدولة المعنية أيضاً، دون أن يكون لذلك صدى في الآذان الأميركية.

رفض الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي بشدة ترحيل وتهجير الشعب الفلسطيني، ووصف ذلك بأنه ظلم لا يمكن أن تشارك مصر فيه.  خلال مؤتمر صحفي مع الرئيس الكيني وليام روتو في القاهرة، "لا يمكن أبدا التنازل عن ثوابت الموقف المصري التاريخي للقضية الفلسطينية"، مؤكدا أن "الحل هو إقامة دولة فلسطينية بحقوق تاريخية على حدود الرابع من يونيو لعام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية". واعتبر أن ما يتردد حول تهجير الفلسطينيين لا يمكن أبدا التساهل أو السماح به، لتأثيره على الأمن القومي المصري.

مصر التي وقفت إلى جانب كيان الاحتلال منذ عام 1977، تاريخ تطبيع العلاقات رسمياً، وشاركت مباشرة في الحرب ضد الشعب الفلسطيني بإغلاقها للحدود خاصة مع اشتداد زخم الابادة والتجويع، وصلت النيران إلى دارها اليوم. والأمر ينسحب على الأردن أيضاً.

فالولايات المتحدة وإسرائيل، التي وضعت مصالح القاهرة في آخر قائمة الاولويات، واعتبرت تحصيل الرضا المصري أمراً منجزاً، لم يكلف ترامب نفسه عناء طرحه ومناقشته مع السيسي مباشرة.

وعلى الرغم من العروض السخية التي قدمت للقاهرة مع بداية الحرب، ومنها قروض ميسرة من البنك الدولي والمساعدة في التغلب على الأزمة الاقتصادية فيها، لتشريع أبواب سيناء واستقبال الفلسطينيين فيها، والتي قوبلت برفض صريح غاضب من مصر، يعيد ترامب تقديم مشروعه التهجيري، معتبراً أن جهود إدارة سلفه جو بايدن غير ذات مغذى، ويمكنه البدء من جديد لفتح أبواب النقاش واقناع السيسي بالعرض، كأي صفقة تثير شهيته التجارية التي يدير بها البيت الابيض خلال ولايته.

تعتبر مصر أن تهجير الفلسطينيين إلى أرضها خطاً أحمر يمس بأمنها القومي على مستويات عدة. وعلى الرغم من تذرعها بانصاف القضية الفلسطينية، إلا أن دخول أكثر من مليون لاجئ إلى أرضها يعني سقوط نظام السيسي عاجلاً أم آجلاً -من وجهة نظره- ثم الذهاب نحو معضلة اقتصادية معقدة، وأسبابها قائمة منذ سنوات، وغيرها من الأزمات التي استقتها من تجربة الدول الأخرى.

وتقول صحيفة هآرتس العبرية رداً على مقترح ترامب "الرجل الذي بنى نصف حملته لإعادة انتخابه على كراهية اللاجئين يتوقع الآن أن تستقبل الدول العربية اللاجئين".

من الناحية النظرية، من الممكن أن يتم تنفيذ اقتراحه إذا قرر الرئيس المصري التعاون وفتح معبر رفح الحدودي، أو إزالة العقبات على طريق فيلادلفيا لتمكين الانتقال إلى سيناء من قبل جماهير الفلسطينيين. وتضيف الصحيفة، أن سيناريو انتشار الجيش المصري واقامة مخيمات مؤقتة قبل بناء منازل دائمة، وبموافقة ملك الأردن، بينما ترسل الدول العربية النفطية مليارات الدولارات للمساعدة في استيعابها في مصر والأردن، غير واقعي. موضحة "حتى لو احتفلوا في الأوساط اليمينية الإسرائيلية بتصريح ترامب. إن المشاهد التي بثت من ممر نتساريم – مئات الآلاف من الفلسطينيين الذين يحاولون العودة إلى شمال قطاع غزة على الرغم من الدمار الشامل الذي ألحقه الجيش الإسرائيلي هناك – تثبت أن هذه ليست أمة البدو الذين ينتظرون فرصة الهجرة جنوباً أو شرقاً، بل بشر ما زالوا يؤمنون بحقهم في حياة كريمة. مثل كل مواطن في العالم، على أرضهم في بلدهم ذي السيادة".


الكاتب: غرفة التحرير




روزنامة المحور