الأربعاء 05 أيار , 2021 04:49

جهاز الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية "أمان"

أعلن السيد حسن نصرالله في خطاب يوم أمس الأحد 25 آب/أغسطس عن استهداف قاعدة غليلوت التابعة للمخابرات العسكرية الإسرائيلية المسماة شعبة أمان، والتي اعتبرها هدف في عمق إسرائيل، حيث تقع عند الأطراف الشمالية لتل أبيب وتبعد عن الحدود اللبنانية 110 كيلومترات. فما هي شعبة أمان التي استهدفتها المقاومة الإسلامية ضمن إطار الرد على اغتيال قائده العسكري فؤاد شكر.

جهاز "أمان" الإسرائيلي هو أهم جهاز استخباري في كيان الاحتلال، وهو المختص بجمع المعلومات الاستخبارية العسكرية. تم إنشاؤه عام 1950، بعد انفصال دائرة المخابرات عن هيئة الأركان العامة للجيش (التي كان أعضاؤها أغلبهم أعضاء سابقين في جهاز استخبارات الهاغاناه)، وأمان وحدة عسكرية مستقلة، لا تتبع لأي من القوات البرية أو البحرية أو الجوية. وهي أكبر وحدة في مجتمع المخابرات للكيان، إلى جانب الموساد والشين بيت.

تضم شعبة الاستخبارات العسكرية "امان":

- دائرة البحوث: وهي من أهم الدوائر في جهاز الاستخبارات العسكرية؛ حيث إنها تقوم برسم الصور الاستخبارية الكاملة، وتقدم تقارير عن مختلف الساحات بما فيها الساحة الدولية والساحات المحلية، ومهمتها الرئيسة رسمُ خريطة الخصومات، وتحديدُ الفرص والسيناريوهات التي تنتظر الكيان الإسرائيلي، ووضع بنية تحتية للرد التنفيذي والسياسي الإسرائيلي على السيناريوهات المتوقعة، وتقوم بتزويد التقييمات الاستخبارية الشاملة إلى المستوى السياسي، في إطار التقييم السنوي، وكذلك في الأحداث المعقدة والحروب، التي تتطلب تكاملًا بين مواضيع عديدة: عسكرية، وسياسية، واقتصادية، وتجاه جميع الدول والمنظمات المشاركة. فقط في وحدة البحث يتم إجراء بحث عميق تجاه جميع هذه المواضيع، وتشمل دائرة البحوث خمسة قادة لساحات مركزية، وهي: الساحة الفلسطينية، والساحة اللبنانية، والساحة الشمالية ـ الشرقية: سوريا، والعراق، وإيران.  

- دائرة المُخابرات البحريةNaval Intelligence Department : ويرمز لها بالعبرية أف أتش   FHوتعدُّ الدائرة تابعة مهنيًا إلى جهاز الاستخبارات العسكرية أمان، ويُديرها رئيس سلاح البحرية الإسرائيلي، وتعمل الدائرة على صياغة الصور، وتقديمها إلى أجهزة الاستخبارات الأخرى، وتُشارك في خلق صورة الوضع الاستخباراتي الشامل في أجهزة الاستخبارات الإسرائيلية، ومن مهام الدائرة أيضًا توفير الإنذار ضد الأعمال الهجومية والحربية في البحر، وتقييم صور المخابرات العامة والتنسيق والاتصال.

- وحدات المُخابرات القتالية Combat Intelligence Collection Corps أحدث سلك استخباراتي لجيش الاحتلال، لجمع المعلومات الاستخباراتية والقتالية، وللمحافظة على شبكات الرصد، وتتكون من وحدات عديدة من بينها: "كتيبة النسر 414"، التي تعمل على الحدود مع قطاع غزة، و"كتيبة النورس 869" التي تعمل على الحدود مع لبنان والحدود المصرية، و"كتيبة نيتسان 636" التي تعمل في الضفة الغربية، ويُعد الجهاز المسؤول الأول عن وحدات الاستخبارات من مستوى الكتيبة حتى القوة بأكملها، وهو تابع مهنيًا لجهاز الاستخبارات العسكرية.

- وحدات الاستخبارات البرية The intelligence units: وحدات استخباراتية تابعة للقيادات الإقليمية الأربعة للجيش الإسرائيلي: الوسطى، والشمالية، والجنوبية، والجبهة الداخلية، ومن مهامها جمع المعلومات وتهيئتها للجيش.

- وحدة جمع المعلومات من المصادر العلنية المفتوحة (حتساب): تتابع المصادر العلنية للمعلومات مثل: وسائل الإعلام المختلفة، ووسائل التواصل الاجتماعي، والمنتديات الحوارية، وشبكة الأنترنت بشكلٍ عام، وتستنبط من خلالها المعلومات الإستخبارية وتجمعها، وتصنِّفها وتتابعها، وتقوم بإرسال هذه المعلومات إلى جهة الاختصاص الإسرائيلية.

- وحدة استطلاع هيئة الأركان العامة في جيش العدو (سييريت ماتكال) Sayeret Matkal تأسست سنة 1957، تتبع لجهاز الاستخبارات العسكرية، ومن مهام الوحدة: جمع المعلومات الاستخبارية، والاستطلاع في عمق الأراضي المعادية للحصول على المعلومات الاستراتيجية، ومُكافحة العمليات المُسلحة، وتُعَد الوحدة هي اليد الضاربة في أجهزة الاستخبارات الإسرائيلية.

- وحدة الحرب النفسية: تشكلت هذه الوحدة لتخدم أهداف الجيش الإسرائيلي والقيام بمهام استخبارية هجومية، تهدف إلى كَيِّ وَعْيِّ العدو والخصم، وتثبيط وكسر معنوياته، ونشر الدعاية الإسرائيلية المضللة والإشاعات داخل صفوف من تصفهم الدولة العبرية بالأعداء، وصودق لها مؤخرًا بإضافة عشرات الكوادر الجديدة، وذلك في إطار تطبيق توصيات الحروب الأخيرة على قطاع غزة واستخلاصاتها، وقد مُنحت الوحدة مكانة قسم، وجُعل على رأسها ضابط استخبارات برتبة عقيد، وتخضع وحدة الحرب النفسية مباشرة لشعبة العمليات في هيئة الأركان، ولكن الموجه المهني فيه هو جهاز الاستخبارات العسكرية أمان.

- فيلق الإستخبارات البشرية وحدة 504: من أكثر الوحدات سريّة في الجيش الإسرائيلي، وهي من وحدات جهاز الاستخبارات التابع للجيش أمان، وتم تشكيلها لتعمل في المناطق الحدودية، من أجل تجنيد سكان الحدود في المناطق المختلفة، والتعرف على تطورات الأوضاع فيها، ويراوح النشاط السري للوحدة بين محورين، وهما: أولاً، تجنيد واستعمال عملاء في أراضي الضفة الغربية وفي الدول المحاذية لفلسطين المحتلة، مثل لبنان، ومصر، وسوريا، والأردن. وثانياً، التحقيق مع الأسرى في الحياة العادية وفي الحرب.

- تقاسم العمل مع جسمي جمع المعلومات الآخرين: الموساد، والشاباك جغرافيًا، فالموساد يعمل في أماكن أبعد، والشاباك في أماكن أقرب، وتعمل الوحدة 504 في منطقة الوسط، وتشترك مع جهازي الشاباك والموساد في طريقة ووسيلة جمع المعلومات التي تعتمد بالدرجة الأولى على العنصر البشري اليومنت، بخلاف بقية وحدات أمان التي تعتمد على وسائل مختلفة، ويرأس هذه الوحدة ضابط برتبة عميد، ويُسَمّى الضباط العاملون في هذه الوحدة كَتَميم: ضباط للمهمات الخاصة، ويتم تأهيل هؤلاء الضباط في مسارَيْن بحسب المهام، حيث إن جزءًا من الضباط يُؤهَّل لمهام تشغيل العملاء، والآخرين يُؤهلون لمهام التحقيق مع الأسرى.

- وحدة النخبة التكنولوجية: تُعتبر هذه الوحدة المعروفة باسم "الوحدة 8200"، من أشهر الوحدات الخاصة التي شكلها الجيش الإسرائيلي، وتعتبر أحدَ أهم نقاط التسلل الإسرائيلي إلى عالم التكنولوجيا الرفيعة والمتطورة هاي تيك، وتعتمد الوحدة على عدّة أنواع من العمل في المجال الاستخباري وهي: الرصد، والتنصت، والتصوير، والتشويش، وتهتم بجمع المعلومات الالكترونية واللاسلكية، ويتطلب هذا النوع من المهمات وسائل تقنية متقدمة، وتتصدر خط الجبهة الإلكترونية الإسرائيلية، وتزوِّد متخذي القرار في الكيان الإسرائيلي بالمعلومات القيِّمة التي يحتاجونها، وأنشأ مؤسسوها الكثيرَ من الأقسام والوحدات الالكترونية الرديفة العاملة في مجال حماية المعلومات وشبكات الاتصال، وكان الهدف من تأسيسها تتبع المقاومة الفلسطينية وتحركات المقاومين، من خلال التنصت وتقنيات التجسس الإلكتروني، وتطور عملها مع تطور وسائل التكنولوجيا في العالم والتوسع الذي يشهده في مجال التكنولوجيا الرقمية، واستقطب الكيان العديد من المؤهلين في المجال المعلوماتي والرقمي، وضمهم إلى صفوف هذه الوحدة، واهتمت الوحدة بالطلاب الإسرائيليين الذين لديهم قدرات خاصة في القرصنة والحوسبة، واعتنت بهم حتى وصولهم إلى الوحدة والعمل فيها، وأصبح خريجُ وحدة 8200 رديفًا لكلمة عبقري، وأصبحت الخدمة فيها جوازَ سفرٍ للشبان الصهاينة، ليصبحوا من أصحاب الملايين، بسبب استيعابهم في شركات التقنيات الرائدة، أو بفعل قيامهم بتدشين شركات.

أهمية الوحدة: معظم التقارير الصادرة عن طبيعة العمل، والدور الذي تقوم به وحدة 8200، التابعة لاستخبارات العسكرية الإسرائيلية أمان، جعل الكيان الإسرائيلي ثاني أكبر دولة في مجال التنصت في العالم بعد الولايات المتحدة، وتوازي هذه الوحدة نظيرتَها في الولايات المتحدة الأمريكية "وكالة الأمن القومي"، وإنَّ التقدم الهائل الذي حققته الدولة العبرية في مجال صناعة التقنيات المتقدمة قد وُظِّف بشكل كبير في تطوير عمليات التنصت التي تقوم بها الوحدة وتوسيعها.

أبرز مهام هذه الوحدة: التنصت على الهواتف، الفاكسات، والتسلل إلى الحواسيب، واعتراض الوسائط الرقمية، وحل الألغاز، وقتال السايبر، وسيتم بتفصيل بعض هذه المهام لخطورتها.

- التنصت: تشرف الوحدة 8200 على محطات تنصت عديدة، شمال فلسطين وجنوبها، ويُعدُّ التنصت على أجهزة الاتصال السلكية واللاسلكية من المهام الأساسية لها، فالهواتف الأرضية والنقالة وأجهزة اللاسلكي يتم التنصت عليها بشكل دائم، والذي يساعد الوحدة على أداء مهمتها بشكل تام، ولا يقتصر التنصت على فلسطين المحتلة والدول العربية المجاورة فقط، بل يمتد لدول عديدة بعيدة جغرافيًا عن الكيان الإرائيلي. وتعمل وحدة 8200 بشكلٍ وثيق مع وحدة سييرت متكال، وهي الوحدة الخاصة الأكثر نخبوية في الجيش الإسرائيلي، التي تتبع مباشرة لرئيس جهاز الاستخبارات العسكرية، وبالإضافة إلى تخصصها في تنفيذ عمليات الاغتيال التي تتم في العالم العربي، فإنَّ سييرت متكال تلعب دورًا مركزيًّا في جمع المعلومات الاستخبارية عبر زرع أجهزة تنصت وتصوير، بناءً على تنسيق مسبق مع وحدة 8200، وتوجد أكبر قاعدة تجسس وتنصت على مستوى الشرق الأوسط في "مستوطنة أوريم" شرق قطاع غزة، على بعد 16كيلو متر عند الحدود مع القطاع.

- المتنصت: وظيفة مهمة في وحدة 8200 وهي للذكور والإناث، وتتطلب مزيجًا من إتقان اللغة العربية، والقدرة على التحليل، والمتنصت أول من يتلقى المعلومة، وهو المسؤول عن تحديد قيمتها الاستخبارية، هل ستصبح معلومة استخباراتية أم لا؟، ويمتلك المتنصت الجيد طلاقة في اللغة العربية، ويؤدي وظيفة المتنصت في أجهزة استخبارات بلدان مختلفة حاملو الشهادات الجامعية، ولكن الجيش الإسرائيلي هو الجيش الوحيد في العالم الذي يُدرِّب جنودًا صغار السن لتأدية هذه الوظيفة ضمن جهاز استخباراتي عالي التكنولوجيا. وقدرات هذه الوحدة المتقدمة في مجال التنصت قديمة، ودلت الوثائق الجديدة التي كشف عنها مخزن الأرشيف الرسمي الإسرائيلي بمناسبة مرور أربعين عامًا على حرب أكتوبر / تشرين أول 1973 المجيدة، أنَّ: الوحدة مسؤولة عن الوسائل الخاصة، التي تتضمن زرع أجهزة تنصت في مكاتب ومرافق حيوية في عمق البلدان العربية، خصوصًا البلدان التي تكون في حالة عداء مع الكيان الإسرائيلي.

- الاختراق الإلكتروني هيئة السايبر: حدد عام 2009 رئيس هيئة الأركان الصهيونية في حينها الجنرال غابي إشكنازي الفضاء السبراني أنه: فضاء حرب إستراتيجي وعملياتي هام للدولة العبرية، وأُنشِئَت لاحقًا هيئة السايبر التابعة للجيش الإسرائيلي، لتشكِّل مكتب تنسيق تابع لهيئة الأركان العامة، مهمته التنسيق وتوجيه أنشطة الجيش في المجال السيبراني، وأنشئ المكتب داخل الوحدة 8200.

وقتال السايبر هو سلسلة من الأعمال يقوم بها الأفراد والمنظمات والدول، والمنظمات فوق دولية، وهدفها مهاجمة أو إلحاق ضرر بحواسيب العدو، ومنظومات المعلومات لديه، ويمكن أن يكون لمثل هذا الهجوم هدفان أساسيان: الحصول على معلومات، وإلحاق ضرر بالحواسيب ومنظومات المعلومات، يُحدِث رد فعل متسلسل ويمس بالبنى التحتية الاستراتيجية أو غيرها.

وتمثل هيئة السايبر في وحدة 8200 الأنشطة الهجومية، بينما تمثل هيئة السايبر في الشاباك الأعمالَ والأنشطةَ الدفاعية الهادفة للتحصين ومنع هجمات السايبر المعادية، وتُعدُّ الجهود المشتركة للولايات المتحدة والكيان الإسرائيلي للمس بالبرنامج النووي الإيراني مثالًا على هذا القتال، وكانت ذروة هذه الجهود، برنامج فيروس فتاك لُقِبَ بـ ستوكسنت، أُدخِل إلى منظومات حواسيب موقع لتخصيب اليورانيوم في ناتانز في إيران عام 2010، وكان البرنامج والحملة مشروعًا مشتركًا للمخابرات الإسرائيلية الموساد والأمريكية NSA.

- شعبة المعلومات الصورية visnit وحدة 9900: تختص بتحليل الصور ووضع الخرائط والاستخبارات القائمة على معلومات ضوئية متوقعة، وتشمل الوحدة 9900 العوالم الجغرافية، والضوئية القائمة في جهاز الاستخبارات التابع للجيش الإسرائيلي أمان، وتضم عدة أقسام متخصصة في مجال عملها، وتعمل أيضًا في مجال خلق حالة من تراكم التكنولوجيا، ويخدم فيها مئات الجنود، وبقيت هذه الوحدة طيلة السنوات الماضية بعيدة عن أعين الإعلام مختفية في ظلال المنطقة الرمادية الواقعة بين المعلوم والسري، ولم تكشف النقاب سوى عن النذر اليسير من نشاطاتها، وطرائق عملها، وتعدُّ بالنسبة للعاملين في مجال جمع المعلومات ومجالات التكنولوجيا والأجسام القيادية المتخصصة عالمًا مصغرًا قائمًا بذاته، ويختص هذا العالم بجمع المعلومات الضوئية القادمة من مصادر متنوعة، مثل: الأقمار الصناعية، وطائرات المراقبة، والاستشعار، إضافة إلى المعلومات الظاهرة والمعروفة للجميع "المنشورة"، ليقم بعدها بنقل وتحويل رؤيته الاستخبارية وتنبؤاته لمتخذي القرارات في الكيان الإسرائيلي والقوات العاملة في الميدان.

ويقف مشروع "نبني العوالم" وراء واحد من التطويرات المركزية التي شهدتها الوحدة، ومنحها جائزة من رئيس أمان لعام 2014، وهي الجائزة الأولى التي تُمنح بفضل الرؤيا والإنجاز، وأطلق على المشروع اسم "ّنبني العوالم"، ويقوم على رؤية ربط عالم الخرائط، وتحليل المعلومات، وإنتاج نموذج يسمح باستخدام نظارات واقعية من طبقات، مثل: نظارة غوغل، بهدف تزويد القوات الميدانية بمعلومات استخبارية في الوقت الحقيقي على خلفية صورة من الواقع الميداني، ما يسمح للقوة العسكرية برؤية ما يوجد داخل مبنى أو منزل، ويتم تحديد الجنود بإشارة معينة، والعدو بإشارة أخرى للتمييز بينهما، كما يمكن للجنود تلقي أكبر قدر ممكن من المعلومات المتعلقة بطبيعة المنطقة، وهذه التكنولوجيا تسمح حاليًا للجنود بالاستعداد قبل الخروج لتنفيذ عملية، وقبل وصولهم إلى الميدان.


الكاتب: غرفة التحرير




روزنامة المحور