الحرب الإلكترونية هي من أهم وأحدث وأخطر مجالات الحروب الحديثة بين الدول، فعندما تبني أي دولة قدرات نوعية ومتطورة في هذا المجال، ستستطيع التسبب بخسائر ضخمة لعدوها دون إطلاق رصاصة واحدة.
وتتلخص هذه الحرب بمجموعة إجراءات تتخذها وحدة عسكرية إلكترونية، تتم عبر استخدام الأنظمة والأجهزة الإلكترونية في الرصد والتأثير على الإجراءات الإلكترونية للعدو) هجوم إلكتروني)، بالتزامن مع حماية قوات جيشها من عمليات العدو الإلكترونية (حماية إلكترونية).
وفي الوقت الحاضر، تم إضافة تطبيقات جديدة أخرى لهذه الحرب مثل: توجيه الصواريخ وتعطيل رادارات ومنظومات الدفاع الجوي للعدو، واكتشاف حركة أجهزة الإرسال المختلفة، وتدمير أي أنظمة إلكترونية مهددة، وتنفيذ عمليات خداع الكتروني.
تشكيل وحدة الحرب الإلكترونية
بينما كان الجيش العراقي خلال الحرب على إيران، يملك 14 كتيبة حرب إلكترونية مجهزة بأفضل المعدات البريطانية الصنع، كانت القوى العسكرية الإيرانية لا تمتلك أي وسائل تكنولوجية حديثة، بسبب فرض العقوبات على استيراد الأسلحة، والحصار الاقتصادي عليها. لذا شجعت إيران مهندسيها وطلابها الجامعيين على الابتكار والتصنيع الذاتي، وأنشأت وحدة متخصصة بالحرب الإلكترونية سمتها "جنگل" أي الغابة.
تم توفير أغلب المعدات المطلوبة للوحدة، من خلال المعدات التي استولى عليها الجنود من الجيش العراقي خلال المعارك، وقد أظهر الحرس الثوري قدرة على استخدام المعدات الغربية المتطورة، فبدأت عملية إعتراض الإتصالات، للحصول على المعلومات. كما تم قطع وتعطيل الاتصالات، في مراحل معينة، وقد تحقق هذا الأمر من خلال اكتشاف خوارزمية التشفير للأجهزة الحديثة والمتقدمة لشركة Rockal البريطانية.
ومع مرور الوقت، طورت إيران هذه القدرات، عبر تحسين معدات الاتصالات في ساحة المعركة المضادة لتدابير الحرب الإلكترونية، ومن خلال إنشاء غرف قيادة وسيطرة عسكرية مختلفة، كما زودت قواتها بأجهزة التشويش على الأقمار الصناعية العسكرية وأنظمة التشفير.
وقامت مؤخرًا بتوسيع قدراتها، مشددة على تدابير الدعم الإلكتروني، والتدابير المضادة الإلكترونية، وتعطيل نظام تحديد المواقع العالمي واتصالات الأقمار الصناعية، حيث أصبح لديها نظام رادار يعمل بنطاق يصل إلى 500 كيلومتر.
وقد برز هذا التطور الإيراني بشكل كبير، عندما استطاعت الوحدة الالكترونية للحرس الثوري اختطاف الطائرة الأمريكية التجسسية والشبحية RQ-170 Sentinel في كانون الأول 2011، حيث استطاع الإيرانيون تجاوز نظام توجيه الطائرة بدون طيار، وقيادتها والهبوط بها من دون أن تتضرر، ولاحقاً قامت بتصنيع نسخ محلية عنها حملت إسم" شاهد".
كما أن إيران استطاعت تطوير تقنيات جمع المعلومات الاستخباراتية المفيدة، في شن حرب إلكترونية، وقد استخدمت المقاومة في لبنان بعض هذه القدرات، خلال حرب تموز عام 2006 لتحييد قدرات الحرب الإلكترونية الإسرائيلية، بدليل فشل الأنظمة الإسرائيلية في منع منظومة القيادة والسيطرة للمقاومة كما في معرفة أنظمة الاتصالات وأمكنتها، كما ظهر في الحرب قدرة للمقاومة على التنصت على الاتصالات "الإسرائيلية"، وخرق إرسال الطائرات بدون طيار ايضاً.
إيران باتت مستقلة في علم التشفير والبرمجيات الالكترونية
من خلال خبرتها المكتسبة في الحرب، لم تعد إيران تثق بالمعدات والأجهزة والبرامج الأجنبية، فشجعت القيادة الإيرانية على استثمار الطاقات الوطنية في إنشاء أنظمة تشفير وحرب إلكترونية محلية الصنع. فقامت الإدارات المتخصصة بدراسة كافة المجالات: من نطاق الاتصالات والطيف الكهرومغناطيسي وتطبيقاتهما، إلى أنظمة الاتصالات السلكية واللاسلكية القريبة والبعيدة، وأنظمة الاتصال عبر الأقمار الاصطناعية، وفي علم الليزر وتطبيقاته. فبات في إيران الآن جامعات تدرس مواد تخصصية في الحرب الإلكترونية (مثل علم التشفير والرادار...) كما أنه بات لديها مختبرات متخصصة للأبحاث في هذا المجال.
كما أصبحت تمتلك أحدث أنظمة التوجيه والتحكم والمسح والاستكشاف للطائرات بدون طيار.
والتكنولوجيا المضادة للرادار بخبرات وتصنيع محلي. وقد تم اختبارها في العديد من التجارب والمناورات العسكرية المختلفة.
الحرب الإلكترونية تدخل أيضًا في النظم الصاروخية
استطاعت إيران في دمج تكنولوجيا الحرب الإلكترونية مع توجيه الصواريخ الباليستية، حيث تمكنت في عدة عمليات من إصابة أهدافها بدقة، رغم وجود منظومات تشويش واعتراض للصواريخ الباليستية. أهم هذه الضربات كان في إصابة قاعدة عين الأسد الأمريكية، بحيث لم يستطع الأمريكيون استهداف أي من الصواريخ، وأصيبت الأهداف بدقة. وتم استكمال الهجوم الصاروخي بهجوم الكتروني، كما صرح بذلك قائد الحرس الثوري حسن سلامي بحيث لم تستطع أي طائرة عسكرية أمريكية من التحليق.
الكاتب: غرفة التحرير