في السابع عشر من شهر شباط عام 1986، يوم من المحطات المفصلية في تاريخ المقاومة الإسلامية في لبنان التي أثبت تطورات ليس فقط على مستوى قدرة الاشتباك الميداني مع كيان الاحتلال الإسرائيلي إنما أيضاً على مستوى الذهنية العسكرية والتخطيط لعمليات ستكلّف الاحتلال الأثمان على المستوى البعيد.
فكانت أول عملية أسر لجنود إسرائيليين تدخل سجّل إنجازات حزب الله، ومن منفذيها الشهيد سمير مطوط وأشرف عليها في غرف عمليات المقاومة الأمين العام لحزب الله الشهيد السيد عباس الموسوي.
عملية "شيخ الشهداء"
خلال استهداف المقاومة لمواقع الاحتلال في المناطق الجنوبية، تم نصب كمين لدورية استخباراتية للاحتلال في بلدة كونين أدّت الى مقتل خمسة من الجنود وأسر اثنين آخرين. وعرفت العملية بأكثر من اسم: "عملية الأسيرين"، "عملية كونين"، عملية "شيخ الشهداء" تيمّناً بالشيخ الشهيد راغب حرب حيث أصدر بيان رسمي من حزب الله " في الذكرى الثانية لاستشهاد شيخ الشهداء الشيخ راغب حرب(قده) قامت مجموعة مسماة باسمه في المقاومة الاسلامية بنصب كمين لإحدى دوريات مخابرات العدو في بلدة كونين المجاهدة في تمام الساعة الثانية عشر والثلث من ظهر الاثنين الماضي. وتمكنت بعد التعامل مع القافلة التي كانت هدف العملية من قتل خمسة جنود للعدو وأسر اثنين آخرين تم نقلهما إلى مكان آمن حيث عمل على معالجتهما من جراحهما".
تفاصيل أحداث العملية
في مجريات أحداث العملية وكواليسها، فتروي المقاومة أن "فكرة أسر جنود العدو لم تكن حديثة، فقد راودتها طويلاً، وحاولت تنفيذها لمرات عدة. وكانت عملية كونين الاولى كانت إحدى هذه المحاولات.
تم رصد سيارة مخابرات اسرائيلية كانت تتولى تنظيم المرور على حاجز بيت ـ ياحون مرتين (ذهابا وايابا) لمدة 35 يوماً، وبعد اكمال عملية الرصد حاولنا تنفيذ العملية مرتين لكنها كانت تتأجل. وبعدها تم إدخال معدات أيضاً لاستكمال التحضيرات اللوجستية للعملية، وفي التاريخ المحدّد (14 – 2)، كان المجاهد الذي يتولى مهام الرصد يستطلع وصول سيارة المخابرات.
وعند الساعة الثانية الساعة الثانية عشرة والربع كانت السيارة قادمة مما طلّب رفع الجهوزية التامة تحضيراً للتنفيذ. وفي الساعة الثانية عشرة والدقيقة العشرين وصل الهدف إلى "نقطة المقتل": ثلاث سيارات، الاولى من نوع "مرسيدس "200 لونها "بيج" وفيها عنصران من عملاء ما يعرف بـ "جيش لحد"، والثانية "مرسيدس" 190 لونها "رمادي" داكن وفيها عدة من الجنود الاسرائيليين، والثالثة "مرسيدس" 200 حمراء اللون وفيها عدد من الجنود أيضاً.
عندئذ قامت مجموعة المقاومة باطلاق قذيفة صاروخية على السيارة الأولى ثم بادرت بإطلاق النيران الغزيرة، كذلك تم التعامل مع السيارة الثانية، أما الثالثة فتمت محاصرتها بسرعة وسحب الجنديين المصابين. الا ان العملية لم تنتهِ عند هذا الحد، بل عملت المقاومة على زرع المنطقة بالعبوات الناسفة وفجّرتها لحظت وصول تعزيزات وحدات الاحتلال، لتكون عملية مزدوجة بين أسر وتفجير.
صفقة التبادل الأولى
وعلى إثرها قام حزب الله بصفقة تبادل – بالوساطة – مع كيان الاحتلال أدت الى اطلاق سراح 45 أسيراً من معتقل الخيام واستعادة جثامين 123 شهيداً من بينهم رفات الشهيد مطوط الذي كان قد استشهد في وقت لاحق من العملية خلال اقتحام موقع "علي الطاهر" عام 1987 وعملت قوات الاحتلال على أسر جثمانه.
الكاتب: غرفة التحرير