خلال حرب الإبادة على الشعب الفلسطيني، شاركت الامارات بدعم كيان الاحتلال بالمال والسلاح وعززت اتفاقيات الشراكة بين الطرفين. وفي الوقت الذي قاطعت عدة دول مؤتمرات دولية لوجود ممثل الاحتلال فيها، استغلت الامارات هذه المحافل للقاء المسؤولين الاسرائيلين كما جرى في مؤتمر المناخ. غير أن الدور الذي تتطلع إليه الامارات في المنطقة، يمرعبر تقوية نفوذها السياسي، وهذه المرة من خلال استغلال الواقع المأساوي في قطاع غزة.
عاد مبعوث الرئيس الأميركي دونالد ترامب للشرق الأوسط إلى المنطقة خلال الأسبوع في وقت تسعى فيه إدارته للاستفادة من نجاح اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة. وخلال زيارته إلى السعودية، أسمع المسؤولين هناك، رغبة الإدارة في تطبيع العلاقات مع المملكة، وهو الأمر الذي تنتظره الأخيرة ايضاً.
وفي الوقت الذي تستغل بعض الدول العربية ما يحدث في قطاع غزة، للاستفادة منها كل على طريقته، كفرض التطبيع بالنسبة للسعودية مع اتفاق أمني مع الولايات المتحدة، وحياد الاردن ومصر عن مقترح تهجير الفلسطينيين إلى أراضي الدولتين، -بعد أن أخبر ترامب الصحفيين أنه يريد تهجير سكان غزة بالقوة، قائلاً إن الولايات المتحدة والدول الأخرى يجب أن "تنظف" الأراضي، التي وصفها بأنها "موقع هدم"، وفي وقت آخر كرر الاقتراح، قائلاً: "عندما تنظر إلى قطاع غزة، إنه كان جهنم"-ارتأت الامارات دوراً مغايراً.
في خضم الحرب الاسرائيلية على قطاع غزة ولبنان، صرحت الامارات بأنها "ستلتزم بقرارها إقامة علاقات أدفأ مع إسرائيل. وقال المستشار الدبلوماسي للرئيس الإماراتي، أنور قرقاش، في مؤتمر بدبي "لقد اتخذت الإمارات قراراً إستراتيجياً، والقرارات الإستراتيجية طويلة الأجل". كما شاركت مباشرة في تمويل الحرب من خلال شراكة بمصانع الأسلحة. وذكر تحقيق نشره موقع Balkan Insight، أن شركة Yugoimport-SDPR، وهي شركة تجارة الأسلحة الرئيسية المملوكة للدولة في صربيا ولها صلة بالامارات، قامت في عام 2024 بتصدير أسلحة بقيمة 17.1 مليون دولار على الأقل إلى إسرائيل عبر طائرات عسكرية إسرائيلية بالإضافة إلى طائرات مدنية.
كما أعلنت شركة "ثيرد آي سيستمز" للتكنولوجيا العسكرية، خلال شهر كانون الثاني/ يناير الجاري عن استثمار شركة "إيدج" الإماراتية فيها بقيمة 10 ملايين دولار أميركي، وهي أحد موردي الجيش الإسرائيلي، تطور تكنولوجيا يمكنها اكتشاف الطائرات المسيرة. وستستحوذ مجموعة "إيدج" ومقرها أبوظبي، على 30% من أسهم "ثيرد آي سيستمز"، وفق ما أفاد بيان نسب لـ"ثيرد آي سيستمز"، وهي شركة مدرجة في سوق الأسهم بإسرائيل.
اليوم، تناقش الامارات أيضًا لعب دور أمني في غزة، فهي توفر فرصة لتكفير دبلوماسي من نوع ما، بحسب تعبير صحيفة واشنطن بوست الأميركية. وبحسب الصحيفة إذا ساعدت الإمارات في الأمن أو إعادة الإعمار، فسيتيح ذلك لأبوظبي "إظهار قيمة اتفاقات إبراهيم للعالم العربي".
وتستغل الامارات جولة المحادثات المكثفة بين المسؤولين الاميركيين في الإدارة الجديدة، ومسؤولي حماس من جهة أخرى، إضافة لعدد من الدول العربية، لطرح اسمها كفاعل جدي في الملف الفلسطيني. حيث سيكون الأمن في غزة، أيضًا نقطة تركيز رئيسية لزيارة ويتكوف إلى إسرائيل، وفقًا لدان ديكر، رئيس مركز القدس للأمن والشؤون الخارجية، وهو مركز أبحاث إسرائيلي. وقال ديكر: "سوف يقوم ويتكوف برحلة لجمع الحقائق إلى غزة ... لفهم التحديات الأمنية المعقدة التي ستواجه إسرائيل في المستقبل"، ووصف زيارة ويتكوف المخطط لها إلى القطاع بأنها "تعكس تعمق مشاركة أمريكا في تدابير الأمن في قطاع غزة".
في خضم الصراع الخفي الذي يدور خلف الأبواب المغلقة، بينما تسعى كل دولة للحفاظ على مصالحها ومحاولة الاستفادة من الوضع القائم، تهرول الامارات مجدداً، كما فعلت في اليمن ثم السودان وغيرها الكثير من الدول، باستمرار الحروب لايجاد بوابة تدخل منها. لكن على ما يبدو أن الدور الموكل إليها إسرائيلياً يتعدى حدود الشراكة المعتادة بين طرفين، بل تلميع دور التطبيع في المنطقة، واغرائها بدور أكبر على المسرح الدولي.
الكاتب: غرفة التحرير