رغم الحرب والحصار المفروضين أمريكياً، يثبت السوريين شعباً ودولة، أن إرادتهم أقوى من ذلك. وأن بتصميمهم الذاتي على الصمود، يستطيعون مواجهة كل التحديات، التي إن وجدت فبسبب مواقفهم المبدئية الداعمة لخيار المقاومة، في فلسطين ولبنان أو أي مكان وجد فيه شعب يرفض الرضوخ وتحقيق المصالح الأمريكية، والقبول بوجود كيان الاحتلال الإسرائيلي.
فبعد 11 سنة على شن الحرب الكونية عليها، ولاحقاً من خلال إعلان ما يسمى بقانون قيصر، الذي يهدف الى تشديد الخناق على السوريين، ومنعهم من استيراد ما يحتاجونه من مواد غذائية وحيوية. أثبتوا من خلال قدراتهم الذاتية، ورعاية الدولة بكل أجهزتها، أنهم استطاعوا أيضاً في ميدان الحرب الاقتصادية، تحقيق ما عجزت عنه دول التطبيع للاحتلال أو الراضخة لإملاءات واشنطن وحكامها.
فمن خلال المعطيات والأرقام، نستطيع التيقن من مدى هذا النجاح. كما تستطيع أي دولة أخرى ترغب بتحقيق استقلالها وحريتها وسيادتها على مختلف الصعد، أن تستفيد من هذه التجربة الجامعة، للنهوض بأوطانها دون انتظار مساعدة أي من دول الغرب على ذلك.
2021 سنة حصاد النجاح
فبعد مرور ما يزيد على نصف عام 2021، تظهر الأرقام نمواً في الصادرات السورية على صعيد المنتجات الزراعية كالبطاطا، والكرز، والمشمش، والدراق. بالتزامن مع نموها على صعيد المنتجات الصناعية مثل: الصناعات الغذائية التي تحتل المرتبة الأولى، ثم تليها العديد من الصناعات الهندسية والكيميائية ومواد التجميل.
ولا يقتصر النجاح على العام 2021، بل أيضاً شمل العام 2020 الذي تميز ببدء التعافي، حين حققت الصادرات زيادة تعدت نسبة ال 50% لتصل إلى 60 بالمئة، خلال أشهر حزيران وتموز وآب وأيلول، مقارنة بالأعوام السابقة.
التجارة الحرة
وعلى صعيد قطاع تجاري آخر، سجلت إيرادات المؤسسة العامة للمناطق الحرة، خلال الأشهر الخمسة الأولى من هذا العام، زيادة بمقدار3.6 مليار ليرة سورية، مقارنة بذات الفترة الزمنية من العام السابق. أما بالنسبة لعدد المستثمرين في مختلف فروع المناطق الحرة، فقد ازداد عددهم حتى نهاية أيار الماضي ليبلغ 829 مستثمراً، ما يعنيه ذلك من تأمين فرص عمل لأكثر من 5 آلاف عامل.
ويوجد في سوريا الآن 9 مناطق حرة موزعة على محافظات الرئيسية، تتميز بوجودها في المدن الرئيسة وقرب المرافئ أو المطارات والمنافذ البرية، ما جعل منها مراكز توزيع تجارية إقليمية.
زراعة القمح
يعد تأمين الاكتفاء الذاتي من مادة القمح خصوصاً في منطقتنا، من أهم العوامل التي ستساعد أي دولة، على ضمان حاجاتها الغذائية الحيوية. ووفق الأرقام الصادرة، يتبين أن سوريا قد استطاعت إعادة نشاط إنتاج هذه المادة من خلال أرقام نسبة الحصاد في المناطق المختلفة، وعلى سبيل الذكر لا الحصر:
_ مدينة حماه: حصد مساحة المحصودة من القمح بلغت 16244 هكتار مزروع بالقمح المروي أو البعل (السقي عبر مياه الأمطار).
بينما بلغت مساحة الأراضي المحصودة والمزروعة بالشعير 9590 هكتارا.
_ سهل الغاب: وصلت مساحة الأراضي المحصودة بمحصول القمح حتى الآن نحو 22 ألف هكتار (أراضي مروية وبعلية).
_ درعا: بلغت المساحة المزروعة بالقمح على أنواعه لهذا الموسم 86700 هكتار.
_ دير الزور: وصلت المساحات المحصودة 13 ألف هكتار من إجمالي يبلغ أكثر من 29 ألف هكتار.
مع الإشارة إلى وجود مطاحن عدة في مختلف المدن السورية، منها مطاحن مدينة "سلمية" بريف حماه الشرقي، التي تعمل بطاقة إنتاجية تصل إلى 425 طناً من القمح يومياً.
أنواع زراعية أخرى
وعلى صعيد الزراعات الأخرى، تزدهر زراعة النباتات العطرية والطبية مثل الكمون واليانسون وحبة البركة. حيث شهدت المناطق السورية مؤخرا توسعاً في المساحات المزروعة وإقبالاً متزايداً من قبل الفلاحين على زراعة وانتاج هذه الأنواع، لكونها قليلة التكلفة ومربحة مادياً، ولا تتطلب جهداً وخدمة كبيرة من قبل المزارعين.
ففي حماه فقط، تم تقدير إنتاج محصول الحبة السوداء ما يتجاوز 1076 طناً.
أما على صعيد زراعة الثمار، فنورد بعض الأرقام المهمة:
_ زراعة المشمش في محافظة حمص: بلغت تقديرات الإنتاج للعام الحالي حوالي 5747 طنا، مع الإشارة إلى أن 90% من المساحات المزروعة بالمشمش، تتركز في منطقة القصير، التي تدعي الوسائل الإعلامية العربية التابعة للولايات المتحدة الأمريكية، بأنها مهجورة من السكان، وتستخدم لأغراض عسكرية من قبل الجيش السوري وحلفائه.
_ بلغت نسبة المساحات المزروعة بالخضار الصيفية في درعا، أكثر من 2664 هكتاراً متجاوزة بذلك النسبة في الخطة المقررة البالغة 1292 هكتاراً.
_ أما في مدينة قارة المشهورة بزراعة الكرز، والتي تشكل نسبة 90 بالمئة من إنتاجها مخصصة للتصدير، فقد بلغت مساحة أراضيها المشجرة 6 آلاف هكتار، بعدد أشجار الكرز يصل إلى مليون شجرة، يتراوح إنتاجها ما بين 5 و6 آلاف طن سنوياً.
_وفي محافظة السويداء، تم تنفيذ خطة لإنتاج 231 ألف غرسة أشجار مثمرة للموسم القادم.
_ وعلى صعيد محافظة حمص، تقدر كمية إنتاج البطاطا الربيعية، بأكثر من 39 ألف طن.
الدولة دعم الشامل لا محدود
ولا يقتصر دور واهتمام الدولة السورية على إحصاء المحاصيل، أو تسجيل العائدات المالية فقط. بل هو دور قائم بالأساس على تخطيط برامج متنوعة، تساهم في عودة ازدهار القطاع الزراعي، وتطور آليات الانتاج، بالإضافة الى اجتراح الحلول للمشكلات والمعوقات. من خلال بعض النماذج التي تظهر وعملياً، ما يجب على الكثير من الدول اتباعه:
_ توزيع 3300 منحة زراعية على 3300 أسرة تعمل في الزراعة في ريف القنيطرة ضمن مشروع الدعم الحكومي للزراعات الأسرية.
_ تخصيص التعويضات لمزارعي البيوت البلاستيكية، التي تضررت مزارعهم خلال الحرب على سوريا.
_ توفير الدعم لقطاع انتاج بذار البطاطا، عبر تلبية احتياجات المزارعين من خفض لتكاليف مستلزمات الإنتاج، وإنشاء البيوت الشبكية، إلى توفير الاستشارات الفنية التي يقدمها مهندسين زراعيين متخصصين. بالإضافة لتشكيل لجان متخصصة تشرف على عملية الإنتاج بجميع مراحله. بغية تحقيق هدف الاكتفاء الذاتي بهذا المجال، خلال السنوات القليلة المقبلة.
_ تشجيع مزارعي محافظة درعا، على الاعتماد على الطاقة الشمسية المتجددة، لكي تساهم بتوفير استهلاك الوقود الذي يقوم بتشغيل الآبار والآلات الزراعية التي تعتمد عليه. بحيث يتم تمويل هذه المشاريع عبر قروض مصرفية مدعومة، بنسبة 70%، فيما يقسط المزارع نسبة ال 30% بطريقة مريحة، تضمن له تزامن تحقيق الربح مع تسديد القرض.
_ توفير المياه للمزارعين، عبر حفر الآبار وإقامة برك تجميع الأمطار، وإقامة مشاريع الري وجر المياه من السدود.
_ تنشيط قطاع الصناعات الغذائية، لاستغلال كل المحاصيل الزراعية. فقد وضعت وزارة الزراعة خطة، لتصنيف أكثر من 72 منتجاً ريفياً وبيعه بهذه الصفة الترويجية والتي تساهم في تسويقه أكثر.
_ إقامة معارض زراعية، مثل معرض "أغريتكس" الدولي لمستلزمات الزراعة والبيطرة، والذي يتيح الفرصة لجميع المهتمين بالقطاع الزراعي، بتوسيع معرفتهم، كما يفسح المجال أمام التبادل التجاري والخبرات بين الشركات المصنعة والمستوردة. ويقام هذا المعرض حالياً في منطقة معارض دمشق، وتشارك فيه أكثر من 30 شركة.
_ إقامة معارض تسويقية داخلية، مثل فعاليات مهرجان الخيرات في جرمانا بريف دمشق، الذي شاركت فيه حوالي 50 شركة محلية.
الكاتب: غرفة التحرير