السبت 12 حزيران , 2021 11:39

النفط العراقي.. بين حاجة لبنان والعرقلة الأميركية

لا تزال أزمة المحروقات تشكل ضغطاً على لبنان حكومةً وشعباً. لا حلول جذرية من قبل الدولة للأزمة حتى الان، كل ما يعرض هو عبارة عن حلول جزئية، باستثناء ما عرضه الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله حول استيراد الحزب للنفط مباشرة من إيران في حال تلكؤ الدولة اللبنانية عن ايجاد الحلول البديلة، وحتى العرض العراقي الهام والضخم بتزويد لبنان بمليون طن من النفط الخام، الذي يساعد على حل الأزمة مرحلياً بانتظار ايجاد حل دائم لأزمة المحروقات والكهرباء، قد تكون أمام استيفاءه عقبات حتى الآن، ومنها الضغط الأميركي الذي يتعرض له البلدين لبنان والعراق، فأميركا حتى الآن وإن كانت تجد أن أهون الشرين لتزويد لبنان بالمحروقات هو العراق بدلاً من لبنان إلا أنها لا تزال تمارس الضغوط لكي يستمر الحصار الاقتصادي وتستمر الأزمات الخانقة التي تجد فيها معاقبةً لحزب الله.

كان الاتفاق بين لبنان والعراق، حتى الأمس القريب مدار أخذ ورد، بانتظار تعامل لبنان معاملة المثل وفق الاتفاق السابق، عبر تزويد العراق بالكوادر الطبية التي تريدها، إلا أن ذلك لا يزال خارج قدرة الحكومة اللبنانية، وأمام عجز الدولة اللبنانية عن ذلك، اقترحت دفع الأموال مقابل النفط. 

لكن يعلم العراق أن الدولة اللبنانية تمر بأزمة ولا تستطيع الدفع إلا أنه وافق على ذلك، وهنا يعتبر مراقبون أن الشرط الأول كان تذرع من حكومة الكاظمي نتيجة الضغوطات التي يتعرض لها، وإنه لا يستطيع تخطي واشنطن خاصةً أن العراق مقبلاً على انتخابات ولا يريد الكاظمي اللعب في مستقبله السياسي.

يعلق الخبراء ايضاً على مسألة دفع الأموال بشكل مستغرب من الدولة اللبنانية علماً أنها مفلسة نوعاً ما، وكان يمكنها أن تنفذ الشرط الأول، وهو ما اثار شكوك حول مسألة الفساد المستشري في لبنان.

ومن ناحية أخرى، يتوقف مراقبون حول الدور الأميركي في تعطيل زيارة الوفد الحكومي اللبناني برئاسة رئيس الحكومة حسان دياب إلى العراق لتوقيع اتفاقيات التبادل والتعاون الاقتصادي والصحي بين البلدين وحصول لبنان على النفط والفيول من العراق مقابل خدمات صحية ومنتجات زراعية وصناعية لبنانية، يقول مراقبون أن واشنطن كانت وراء الضغط على الكاظمي لتأجيل زيارة الوفد اللبناني المقرّرة، وبالتالي منع إتمام وإنجاز الاتفاق ببن البلدين، والذي في حال تحققه سوف يؤدي إلى انفراجة تخفف من حدّة الأزمة لناحية توفير فاتورة النفط والفيول وإيجاد سوق مهمة لتصدير الإنتاج اللبناني، وبالتالي خفض فاتورة الاستيراد وتقليص الطلب على الدولار، واستطراداً الحدّ من ارتفاع سعره في السوق الموازية، مما ينعكس إيجاباً على الوضعين الاقتصادي والنقدي.

حتى الآن، لا تزال الأمور على الرغم من التأكيدات بحصول لبنان على مليون طن من النفط العراقي، غير واضحة حول كيفية وصول النفط واستخدامه، وفي المقابل هناك تخوف من أن يعرقل الأميركيون ذلك في اللحظات الأخيرة من أجل معاقبة الدولة اللبنانية حيث أن رئيس الجمهورية العماد ميشال عون لم يرضخ لضغوط الخارج خاصةً فيما يتعلق بمسالة ترسيم الحدود، فضلاً عن نجاح قيادة حزب الله في إحباط الخطة الأميركية لتأليب البيئة الشعبية الحاضنة ضدّ المقاومة، وتحميلها المسؤولية مع حلفائه، عن الأزمة الخانقة التي يعاني منها اللبنانيون.

لذلك فإن كل شيء وارد، ومن الممكن أن تمنع واشنطن وصول النفط العراقي إلى لبنان، لذلك لا بد من التلويح بالورقة الأخرى الرابحة وهي الحصول على النفط الإيراني، والذي يعتبر ضربة قوية لواشنطن في حال حصوله، ويمكن أن تكون ورقة ضغط للقبول في حل النفط العراقي حالياً، لأنه كما ذكرنا آنفاً، فإن أهون الشرين عند واشنطن النفط العراقي بدلاً من النفط الإيراني.

هذا المقال يعبر عن رأي الكاتب ولا يعكس بالضرورة رأي الموقع


الكاتب:

د.علي مطر

باحث في العلاقات الدولية 

Dr.mattarali@gmail.com




روزنامة المحور