أقر مجلس النواب الأميركي مشروع قانون يهدف إلى إجبار إدارة بايدن على تسليم شحنة من 3500 قنبلة إلى كيان الاحتلال، والتي كانت قد أوقفت بعد معارضة أميركية لدخول إسرائيلي إلى رفح. هذه الخطوة التي تغذي الانقسامات داخل الحزبين، يمكن وصفها "بالالتفاف السياسي" على الرئيس وتقديم المرشح الرئاسي على بعد أشهر قليلة من الاستحقاق الانتخابي، بمظهر يضر بصورته كرئيس وقائد عام للقوات المسلحة اذ أن التشريع من شأنه أن يقيّد صلاحيات الأخير ويشكك بولائه المطلق لإسرائيل، والذي كان قد وعد به. وهذا ما دفع البيت الأبيض لإصدار بيان فوري أكد فيه أن الرئيس سيستخدم حق النقض ضد الإجراء فور وصوله إلى مكتبه.
تم تمرير مشروع القانون بأغلبية 224 صوتاً مقابل 187 غالبيتهم من الجمهوريين، ومن بينهم 16 ديموقراطياً. ومن شأن القانون أن يقطع التمويل عن البنتاغون ووزارة الخارجية الأميركية ومجلس الأمن القومي إذا لم يفرج بايدن عن الشحنة أو إذا امتنع عن ارسال أي شحنة أسلحة مستقبلية إلى إسرائيل.
وذكر البيت الأبيض أن "مشروع القانون هذا يمكن أن يثير مخاوف جدية بشأن التعدي على سلطات الرئيس بموجب المادة الثانية من الدستور، بما في ذلك واجباته كقائد أعلى للقوات المسلحة والرئيس التنفيذي وسلطته في إدارة العلاقات الخارجية".
فتحت هذه الخطوة الباب أمام نقاش محتدم بين جناحي مجلس النواب. اذ أيّد الجمهوريون القرار وصوتوا لصالحه -ما عدا 3 نواب- معتبرين أن وقف شحنة الأسلحة لإسرائيل هو "تغيير بمسار الدعم المطلق لها"، ووقفوا خلف رئيس مجلس النواب مايك جونسون الذي قال "إن تهديد الرئيس باستخدام حق النقض ضد هذا التشريع ورفض زعيم الأغلبية في مجلس الشيوخ تشاك شومر طرحه للتصويت هي أعمال خيانة لأقرب حليف لنا في المنطقة". فيما اعتبر المعارضون من الديموقراطيين ان "مشروع القانون من شأنه أن يمحو عقوداً من القانون والسياسة الأميركية التي تضع معايير واضحة لحقوق الإنسان لجميع متلقي الأسلحة الأمريكية... لا ينبغي لأي دولة – بما في ذلك إسرائيل – الحصول على إعفاءات خاصة من هذه المعايير"، بحسب مركز المدنيين في النزاعات.
بموجب مشروع القانون-فيما لو شق طريقه بالفعل وتم اقراره-، قد لا يكون من الممكن للولايات المتحدة حتى مناقشة ما إذا كان ينبغي توفير الأسلحة للوحدات التي ارتكبت انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان أم لا. كما جادلوا بأن ذلك سيحد من قدرة الرئيس على إدارة السياسة الخارجية "بحريّة".
النائب كاثرين كلارك، اعتبرت بدورها أن "التشريع سيشكل قيداً غير مسبوق على السلطة التنفيذية للرئيس بايدن والسلطة التقديرية الإدارية لتنفيذ السياسة الخارجية للولايات المتحدة...إنه يحظر على إدارة بايدن حجب أو تعليق عمليات نقل الأسلحة الأمريكية إلى إسرائيل". مضيفة "يلغي التشريع أي إشراف تنفيذي أو سيطرة على تدفق الأسلحة الأميركية الممولة من دافعي الضرائب".
يوثق تبادل الاتهامات الحاصل بين الحزبين حقيقة الانقسام الحقيقي والحاد بين جناحي السياسة الأميركية، والذيْن يوظفا قضايا المنطقة بحسب ما يتطلبه البازار السياسي والمصالح الآنية قبل الاستراتيجية لهما. اذ ان الخلاف هنا، ليس على مبدأ تقديم الدعم لكيان الاحتلال بل على شكله. مع ان صقور السياسة الأميركية من داخل مجلس النواب وخارجه، كذلك داخل الإدارة، يدركون أن ما من رئيس سيدخل البيت الأبيض ويقطع الدعم الكامل عن المتورطة في الإبادة الجماعية في قطاع غزة -إسرائيل-. لكن المزايدات السياسية في هذه اللحظة التي تمر بها المنطقة بظرف استثنائي من جهة، وتقترب فيها الانتخابات الرئاسية من جهة أخرى، تجعل من معالجة أي حدث تأخذ منحى أكثر تطرفاً.
تشير صحيفة هآرتس العبرية، إلى وجه آخر لما كان يحصل داخل أروقة مجلس النواب. وقالت في تقرير أنه "بينما كان التصويت يجري، تظاهرت مجموعة من الموظفين الذين يطلقون على أنفسهم اسم "موظفو الكونغرس من أجل وقف إطلاق النار الآن" على خطوات مجلس النواب مطالبين رؤساءهم بالضغط من أجل وقف فوري لإطلاق النار".
وتنقل الصحيفة عن المتظاهرين قولهم "لقد استجبنا لمئات الآلاف من الرسائل من الناخبين الذين يطالبون بوقف فوري لإطلاق النار، وزيادة المساعدات الإنسانية، وإطلاق سراح جميع الرهائن... بعد تأجيج هذه الحرب بمليارات الدولارات من أموال دافعي الضرائب من الأسلحة لإسرائيل، يوشك أعضاء الكونغرس على إجراء تصويت لتجاوز الخطوات الهزيلة لإدارة بايدن نحو حماية المدنيين". داعين "بايدن والكونغرس إلى الاستماع إلى ناخبيهم وإنهاء الدعم الأميركي للهجوم الإسرائيلي على المدنيين في غزة على الفور قبل فوات الأوان".