ساعات قليلة فصلت بين لقاء رئيس الوزراء الإسرائيلي بوزير الخارجية الأميركي الذي أظهر اصطفافاً أميركياً إلى جانب رغبة بنيامين نتنياهو بعرقلة المفاوضات، وبين خطاب الرئيس الأميركي الذي ضرب يده على الطاولة في مؤتمر الحزب الديموقراطي مؤكداً جدوى مساعيه لوقف إطلاق النار. هذا التناقض الذي قد يصفه البعض "بالسريالي" بين تصريحات مسؤولين أميركيين يعملان في الإدارة نفسها، يعكس حقيقة الجهود التي تبذلها الولايات المتحدة لحماية الكيان لا لردعه. وعلى الرغم من أن جو بايدن رأى نفسه مضطراً لمهاتفة نتنياهو و"توبيخه" بعد تصريحات بلينكن، هناك من يعتقد أن الحديث لم يخل من تطمينات بجهوزية القوات الأميركية في المنطقة.
كان اقناع نتنياهو بإبداء مرونة أكبر بما يتعلق بإنجاح المفاوضات هي المهمة الأولى التي جاء بلينكن لأجلها. لكن الأخير الذي دخل مذخّراً بانتقادات للأداء الإسرائيلي في المفاوضات، خرج مصرحاً بما يتماشى مع رغبة نتنياهو باعتماد مسودة اتفاق تضمن له استئناف الحرب متى ما أراد.
وسائل اعلام إسرائيلية وصفت تصريحات بلينكن التي شدد فيها على موافقة نتنياهو على المقترح داعياً حماس لإبداء المرونة على أنها "طلقة أخيرة" على فرص التوصل لوقف إطلاق النار.
Met with @IsraeliPM Netanyahu to discuss efforts to de-escalate tensions and reach an agreement on the ceasefire and hostage release deal. I reaffirmed our ironclad commitment to Israel’s security and discussed how any escalation is in no party’s interest. pic.twitter.com/nitptDlnmF
— Secretary Antony Blinken (@SecBlinken) August 19, 2024
ويقوم مقترح نتنياهو على الاحتلال الدائم لمحور فيلاديلفيا ونتساريم ، وإطلاق الأسرى بحسب المعايير الإسرائيلية وبالتالي نفي عدد كبير من الاسرى إلى خارج فلسطين على بلد يمنعون فيه من ممارسة أي نشاط سياسي، إضافة لمنع حماس من المشاركة في إدارة القطاع وتفتيش المدنيين النازحين العائدين إلى الشمال "لمنع انتقال المسلحين".
صحيفة معاريف نقلت عن رئيس حزب العمل الإسرائيلي يائير غولان غضبه "منذ متى أصبح محور فيلادلفيا صخرة وجودنا وخطاً أحمر بالنسبة لنا؟ هذا مجرد وهم يروج له رئيس الوزراء الكاذب".
مفاوضون إسرائيليون ومسؤولون أميركيون قالوا إن مطلب نتنياهو الجديد بشأن الممر تحول إلى عقبة كبيرة أمام التوصل إلى اتفاق محتمل. يريد بايدن من نتنياهو تخفيف موقفه بشأن هذه القضية. وكان مسؤولون إسرائيليون ومصريون وأميركيون اجتمعوا في القاهرة لمناقشة ممر فيلادلفيا. واللافت، أن الوفد الإسرائيلي قدم خريطة، كان نتنياهو قد أرسلها، تظهر أن إسرائيل تخفض بعض قواتها لكنها تحافظ على تواجدها على طول الممر، وهي خريطة للمكان الذي سيبقى فيه جيش الاحتلال في غزة مؤكداً على أن هذا الأمر سيكون جزءاً من المفاوضات. على الرغم من رفض الحركة مناقشة هذا الأمر مشددة على أن الانسحاب من كامل القطاع هو شرط أساسي في أي اتفاق محتمل.
وينقل موقع أكسيوس الأميركي عن المصريين رفضهم لمطلب نتنياهو. فيما أبلغت الولايات المتحدة الكيان أن الخريطة لم تكن مجدية.
وفيما صرح نتنياهو إنه أبلغ بلينكن أنه طلب من الجيش البقاء مسيطراً على ممر فيلادلفيا بأكمله وأخبر عائلات الأسرى في غزة أنه ربما أقنع بلينكن بالموافقة، رد مسؤولو وزارة الخارجية وقالوا إن بلينكن لم يكن مقتنعاً وشددوا على أن الولايات المتحدة لا تتفق مع نتنياهو في هذه القضية. كما قال مسؤول أميركي للصحفيين إن "تصريحات نتنياهو المتطرفة ليست بناءة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار وتخاطر بالقدرة على المضي قدماً نحو اتفاق".
صحيفة هآرتس العبرية من جهتها قالت رداً على تصريحات بايدن أن "الشخص الذي يعارض الحرب لا يسلح أحد الجانبين. من يريد إنهاء حرب خطيرة وظالمة ينهي إمدادات الأسلحة. كما أن الشخص الذي يريد وقف الحرب لا يستخدم حق النقض لحماية أولئك الذين يريدون استمرارها". مشيرة إلى أن "كلمات بايدن المؤثرة، لا معنى لها عندما تكون هذه هي سياسة توريد الأسلحة والمساعدة لإدارته". مضيفة "هذه ليست الطريقة التي تنهي بها الحرب، بل هي الطريقة التي تؤججها بها، سيدي الرئيس".
الكاتب: غرفة التحرير