يخوض الداعمون للشعب الفلسطيني حرباً من نوع آخر تتمثل بإضعاف تمويل كيان الاحتلال و"رفاهية" جنوده خلال حربهم المستمرة على قطاع غزة. وبما أن الشركات الرأسمالية المتعددة الجنسيات لا تنظر إلى الإنسان كفَردٍ بل كرقم، أدرك الملتزمون بحملة مقاطعة الشركات الداعمة لإسرائيل، أنهم "رقماً صعباً" في حسابات الربح والخسارة، وأن للمواجهة ميادين عدة لا تقل أهمية عن الاشتباك من مسافة صفر.
في مقابلة له نقلتها 3 قنوات تلفزيونية أميركية يصل عدد متابعينها إلى الملايين من المشاهدين، سخر الإعلامي الناقد باسم يوسف من انحياز الشركات للكيان: "ماكدونالدز تقدم وجبات مجانية للإسرائيليين لأنه لا شيء سيجعلك تشعر بتحسن بعد قتل مجموعة من الأطفال الفلسطينيين، من وجبة سعيدة".
هذا الانخراط المباشر للشركات في الحرب إلى جانب إسرائيل، هو نتيجة حتمية للسياق الذي تأسس به الكيان. حيث لعبت الشركات الرأسمالية تلك، دوراً أساسياً في تأسيس البنية الاقتصادية الأولى وساهمت في خلق نوع من الثقة بإسرائيل "كدولة آمنة" باستطاعتها استضافة رؤوس أموال عالمية ودولية على الرغم من أن المنطقة حينها، لم تكن إلا جغرافية ساخنة مليئة بالبراكين السياسية العسكرية.
وبالعودة للدور الذي تأسس لأجله الكيان، -خدمة رأس المادة وإعادة انتاج المنظومة الحاكمة غربياً وأميركياً بالتحديد- يصبح الأمر مفهوماً. اذ تعد الشركات الرأسمالية قوتهم الضاربة. هذه العلاقة التكاملية بين الشركات الرأسمالية وكيان الاحتلال يمكن ترجمتها بالمصالح المشتركة. ويقول الدكتور في علم الاجتماع والدراسات الدولية في جامعة ويسكونسن، سيف دعنا، أن هؤلاء معنيون بأن تبقى افريقيا خاضعة حتى تستمر ستاربكس باستيراد طن القهوة من اثيوبيا بأقل من 20$ وتبيع كوب القهوة الواحد بدولارات عديدة. وبالتالي، فإن أي خلل في بنية السلطة الإقليمية التي تقوم به المقاومة الآن، من ضرب موازين القوى سيؤثر على هذه الشركات على المدى البعيد.
أدركت الشعوب على مدى العقود الماضية أهمية المقاطعة الاقتصادية في تغيير مسار الحرب بل والتأثير المباشر بإنهاء الحالة الاستعمارية لعدد من الدول.
لذلك، تواجه سلسلة مطاعم الوجبات السريعة ماكدونالدز دعوة للمقاطعة بعد أن أعلنت على إنستغرام أنها ستقدم آلاف الوجبات المجانية للمستشفيات وقوات جيش الدفاع الإسرائيلي. كما أعلنت عن خصم 50% للجنود الإسرائيليين على المواد الغذائية الأخرى.
"تحديث أننا تبرعنا بالفعل بالأمس ب 4,000 وجبة للمستشفيات والوحدات العسكرية، نعتزم التبرع بآلاف الوجبات كل يوم للجنود في الميدان وفي مناطق التجنيد، وهذا يتجاوز الخصم للجنود القادمين إلى المطاعم... افتتحنا 5 مطاعم لهذا الغرض فقط".
هذا الأسبوع، أعلنت ماكدونالدز البريطانية للتو عن تخفيض سعر بيغ ماك وماك ناغتس إلى 99 بنساً طوال شهر تشرين الثاني/ نوفمبر، واحتفل الكثيرون عبر الإنترنت بهذا الإنجاز، مع إشارة إلى أن المقاطعة تأتي بالنتائج المتوقعة لكنهم ذكروا متابعيهم بعدم "الوقوع في حيَلهم".
وإلى جانب المقاطعة الواسعة، والتي يقاوم بها المؤيدون للقضية الفلسطينية بقدرتهم الشرائية. قام ناشط في بريطانيا، بإطلاق عشرات الفئران الملونة بالأحمر والأبيض والأخضر، داخل أحد أفرع سلسلة مطاعم ماكدونالدز في مدينة برمنغهام الإنجليزية.
من جهتها تعهدت Disney بمبلغ 2 مليون دولار لمجموعات الإغاثة الإسرائيلية وستقوم الشركة بجمع تبرعات موظفيها حتى 25 دولار.
وفيما وصل هاشتاغ #BDS (الداعي للمقاطعة) لأكثر من 2.8 مليار على وسائل التواصل الاجتماعي، يتزايد القلق لدى الشركات من حجم التأثير المتوقع عند استمرار الحملة التي تلقى رواجاً عند جيل الشباب في كل أنحاء العالم وليس المجتمع العربي وحسب.
كما أفاد مستخدمو منصة X من مصر أن محلات ستاربكس قدمت تخفيضات بنسبة 80٪ تقريباً من ستاربكس فرابوتشينو:"في مصر... خصم 73 جنيه.. هذا جنوني. هذا لم يحدث من قبل. بالإضافة إلى ماركات بيبسي وكوكاكولا وغيرها، توقف الجميع عن شرائها تماماً، ومن يشتريها نعامله كمنبوذ".
ونشر مستخدم آخر يدعى ShahidkBolsen أنه "بعد 3 أسابيع فقط من المقاطعة، خفضت ستاربكس في ماليزيا ساعات العمل في جميع أنحاء البلاد بسبب الخسارة المدمرة للعملاء. ستكون الخطوة التالية هي إغلاق منافذ البيع الفردية والاختفاء الكامل في نهاية المطاف لستاربكس من البلاد".