كان من المفترض أن تكون مهمة مجموعة لواء غولاني في طولكرم، مهمة روتينية، إلا أنها انتهت بوقوع النخبة في كمين محكم، عندما حاول هؤلاء، اقتحام المخيم في الضفة الغربية. وبعد تبادل إطلاق النار، وبدء خروج القوات الإسرائيلية من المخيم، تمّ توثيق صور لمقاومين قرب آثار الدماء، قالوا إنها لجنود إسرائيليين وقعوا في الكمين. وهو الأمر الذي يطرق بالحديد هيبة جيش الاحتلال، أمام مشهد الدماء والغنائم التي تفاخر بها المقاومون في طولكرم. وأظهرت هذه العملية المزيد من الفشل العملياتي للمؤسسة الأمنية العسكرية الإسرائيلية.
بالتوازي، تتواصل محادثات مكثفة بين كيان الاحتلال وحماس، عبر وسطاء لتحقيق التهدئة في غزة، "منعًا لاشتعال الوضع الذي قد يجر الطرفين إلى جولة قتال". وأوضحت القناة أن قطر "تُطلق صافرة التهدئة"، في الوقت الذي تنوي فيه المؤسسة الأمنية والعسكرية تقديم تسهيلات عاجلة للقطاع، بما في ذلك زيادة عدد العمال بمقدار 1500 ليصبح عدد العمال من غزة 20 ألفًا، لكن يتعين على المستوى السياسي أن يعطي الضوء الأخضر لذلك. وأضافت القناة إن الاعتقاد في إسرائيل، أنه "طالما تم الحفاظ على الهدوء النسبي على حدود قطاع غزة، فإن الموافقة على تسهيلات جديدة في المستقبل القريب، ستساهم في تهدئة المنطقة، حيث ترى المؤسسة الأمنية والعسكرية ضرورة بذل الجهود كافة لمنع السخونة الأمنية في الوقت الحالي، لأن ذلك قد يضر بمفاوضات التطبيع مع السعودية".
الواضح أنّ أطراف اتفاق التطبيع، في سباق مع الوقت لحل المسائل العالقة، والجدول الزمني ليس في صالح أحد، مع اقتراب الانتخابات وإقالة مكارثي، واعتماد نتنياهو سياسة التأجيل لحل التشابك المعقد في الملفات الداخلية والاستحقاقات المنتظرة في الكيان. إلى ذلك، يدرك المستوى السياسي في الكيان أن المطالب السعودية في الملف الفلسطيني ليست ذات قيمة بالنسبة لها وليس أكثر من كونه غطاء شرعي، لكن يبقى إيجاد مخرج لا يتعارض مع رأي المعسكر القومي المتدين. يحاول نتنياهو، بكلّ الوسائل، تجنّب كل ما يراه معكّراً لـ "إنجاز" اتفاق التطبيع مع السعودية، الذي يحتل صدارة اهتمامات الكيان والبيت الأبيض. كما يلجأ إلى تحييد الأصوات الداعية إلى عدم الاستجابة لمطالب الفصائل الفلسطينية في القطاع، ومطالب الردّ بقوة على العمليات الفدائية، وهو ما أظهره استبعاد وزير "الأمن القومي" إيتمار بن غفير، من حضور جلسة المشاورات الأمنية. وبالفعل، خرج الاجتماع الأمني بتوصية للحكومة بتقديم تسهيلات لغزة خلال الفترة المقبلة، تلبية لمطالب فصائل المقاومة.
وفي إطار جهود التطبيع، كشف مسؤولان أميركيان مطّلعان لموقع "واللا" الإلكتروني، إن رئيس "معسكر الدولة"، بيني غانتس، وصل (الأربعاء) إلى واشنطن في زيارة "غير معلنة"، اجتمع خلالها مع مستشار الأمن القومي الأميركي، جيك سوليفان، ومسؤولين آخرين، في البيت الأبيض. وأوضح الموقع أن زيارة غانتس إلى واشنطن تجري ضمن بروفيل منخفضٍ وبوتيرة غير مألوفة، حيث لم يعلن مكتبه مسبقًا عن سفره إلى الولايات المتحدة، أو عن اجتماعاته المخططة. ويأملون في البيت الأبيض، حسب موقع واللا، أن تحظى العملية بدعم واسع في الجهاز السياسي الإسرائيلي – بما في ذلك وسط المعارضة، خصوصا على ضوء حقيقة أنها يمكن أن تتضمن تنازلات إسرائيلية للفلسطينيين. علمًا أن غانتس كان أعلن مرات عديدة أنه في حال تحقق اتفاق مع السعودية، فإن حزبه سيصوت لصالحه في الكنيست، لكنه لن ينضم إلى الائتلاف الحكومي، وذلك على العكس من موقف رئيس المعارضة يائير لابيد، الذي زار واشنطن قبل أسابيع، وأوضح في محادثاته مع مسؤولي الإدارة الأميركية، وكذلك علنا، أنه يُعارض اتفاقا يتضمن موافقة أميركية على تخصيب اليورانيوم على الأراضي السعودية.
الكاتب: غرفة التحرير