دخل وقف إطلاق النار حيّز التنفيذ، ودخلت معه "إسرائيل" نقطة اللاعودة، مع خضوعها لشرط حركة حماس بالمبادرة لوقف إطلاق النار من جهتها، دون ان تتمكن من تنفيذ أي من أهدافها التي خاضت لأجلها معركة "حارس الأسوار"، كرهًا لا طوعًا ثبّتت بقرارها هذا معادلة جديدة، وانجازات للشعب الفلسطيني وللفصائل.
إنجازات المقاومة
فرضت الفصائل الفلسطينية طيلة الأيام الـ11 من معركة "سيف القدس" عددًا من الخطوط الحمراء لأي مواجهة لاحقة، وأثمر انتصارها نقاطًا عدّة:
- اعلان وقف اطلاق النار من جانب واحد، وهي سابقة، حيث كان يتم الأمر عادةً عبر وسيط ناطق باسم الطرفين.
- فرض معادلة جديدة قائمة على جمع مثلث الداخل والقدس والضفة بخط دفاعي واحد
- استحواذها على عنصر المباغتة، وانتقالها من مرحلة الدفاع إلى مرحلة الهجوم، الأمر الذي فرّغ بنك الاهداف العسكري والأمني الإسرائيلي.
- توسيع رقعة المواجهات، والانتقال من خوض القطاع "حربًا منفردة"، إلى دخول فلسطينيي الـ48 والضفة ومناطق الداخل الإسرائيلي إلى المواجهة، بعدما كانت ردود الفعل تقتصر على التضامن.
-وضع "إسرائيل" بأزمة لم تشهدها من قبل وهي انعدام سيطرتها على مناطق الداخل، بحيث يكون فلسطينيو 48 خصوصًا اللد، وأم الفحم رأس الحربة في أي مواجهة، وهذا ما ينذر بخطورة المرحلة القادمة.
- زعزعة الاستقرار الامني للكيان، بعد ان وسعت صواريخ الفصائل رقعة النار، لتصل إلى مناطق تصل إليها للمرة الأولى.
- قدرة المقاومة الفلسطينية على شلّ كيان الاحتلال عبر استهداف منشآت استراتيجية وحيوية أبرزها مطار بن غوريون ورامون الذي يبعد عن غزة حوالي 205 كلم، حقل تمار، خط انابيب إيلات-عسقلان وغيرها. وهذا يُعد ترسيخًا لقواعد اشتباك جديدة، حيث لا نقطة حيوية في العمق الإسرائيلي آمنة.
-استهداف القواعد الجوية، وهي ورقة لم تفصح عنها المقاومة حتى الساعات الأخيرة، ما يؤكد على امتلاكها لجيل جديد من الأسلحة والصواريخ، وهذا ما يفتح باب السؤال حول الإمكانات والقدرات التي لم تفصح عنها بعد، وإذا ما كانت تمتلك صواريخ مضادة للطائرات والبوارج بعد إعلان الناطق العسكري لكتائب القسام أبو عبيدة: "جهزنا أنفسنا لقصف تل أبيب لستة أشهر بشكل مستمر".
- كشف نقاط ضعف القبّة الحديدية، ووضع القيادة العسكرية والسياسية في مواجهة الرأي العام الإسرائيلي، بعد إدراكه انه يعيش في "وهم الأمن المطلق"، وان عليه أن يبقى جاهزا للنزول إلى الملاجئ في أي لحظة، ليس ليوم أو اثنين بل ربما لأشهر.
-اعتراف الكيان ان نقل تجربة حركات المقاومة إلى الفصائل الفلسطينية خاصة حزب الله قد تم بشكل ما، وهو أمر يخشاه بشدة، إضافة للقدرة الصاروخية التي فاجأه وصولها للفصائل، وهذا ما أكدّه الرئيس الأميركي جو بايدن باتصاله مع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسسي طالبًا " فرض قيود أكثر إحكاماً على غزة خلال المدّة المقبلة".
- التنسيق الشامل والمتميّز ووحدة الصف بين الفصائل، بكيفية وتوقيت ونوع إطلاق الصواريخ، الذي يؤسس لمرحلة جديدة من تطوير غرفة العمليات المشتركة.
-إعادة القضية الفلسطينية إلى العالمية، وارباك الدول المطبّعة.
-توحيد الشعب الفلسطيني وإعلان خيار المقاومة المسلحة.
هكذا حوّلت الفصائل الفلسطينية "إسرائيل" من قوّة هجومية كان قرار الحرب بيدها إلى مجرد "كيان" يحتاج إلى إعادة تأهيل بنيته الدفاعية والاستخباراتية، التي برهنت فشلها بتحديد أماكن إطلاق الصواريخ والتعامل معها طيلة السنوات الماضية من جهة، وفي تحقيق أهدافها من جهة أخرى، والسؤال هنا حول رأي الإسرائيليين بفشل قياداتهم في هذه الحرب التي كانت الأعنف منذ سنوات وقد بدأت الانتقادات اللاذعة والواسعة في الاعلام الإسرائيلي لحكومة نتنياهو وجيش الاحتلال؟ لكن ربما عدّاد الهجرة العكسية المتصاعد الذي ستشهده الفترة القادمة هو الذي سيجيب أكثر عن هذا السؤال.
الكاتب: غرفة التحرير