شهدت منطقة أريحا في الضفة الغربية المحتلّة محطة مفصلية في شهر شباط / فبراير الماضي، حينها اقتحم جيش الاحتلال المخيم فيها، "عقبة جبر"، وسط تصدٍ ووقوع اشتباكات مباشرة، ما شكّل شرارة انطلاق العمل المسلّح في المخيّم ثمّ في المنطقة، مع تشكّل "كتيبة أريحا" التابعة لسرايا القدس. ما يعني أن حالة المقاومة التي بدأت شمال الضفة (جنين، نابلس، طولكرم، طوباس) تتمدّد تدريجيًا، وقد وصلت الى شرقها، بعد مؤشرات مقاومة أيضًا في جنوبها في رام الله.
كتيبة أريحا
اعتبر تاريخ السابع عشر من شهر تموز / يوليو 2023 الانطلاق الرسمي لـ "كتيبة أريحا"، فيما كان المجاهدون قبلها يتصدون لاقتحامات قوات الاحتلال، المتكرّرة في الأشهر الأخيرة، لأريحا ومخيمها.
في الرابع والعشرين من شهر تموز/ يوليو 2023، اقتحمت قوات الاحتلال بالتزامن أريحا ومخيمها، وطولكرم ومخيم "نور شمس"، ونابلس ومخيم "عسكر". وأعلنت الكتيبة أن "مقاتليها استهدفوا قوات الاحتلال بعمليات إطلاق نار في مختلف مناطق المخيم، خلال الاقتحام"، بالإضافة الى استخدامهم للعبوات المتفجّرة.
أفشلت مواجهة الكتيبة هدف الاحتلال من الاقتحام، اذ إنّ قواته لم تتمكّن من الوصول الى أحد المقاومين المطاردين على الرغم من حصارها لمنزله داخل المخيّم. وهو أيضًا ما فشل به الاحتلال في الوقت نفسه في طولكرم ونابلس وقبله في جنين ومخيمها خلال معركتي "بأس الأحرار" (في التاسع عشر من حزيران / يونيو 2023) و"بأس جنين (في الثالث من تموز / يوليو 2023).
كتيبة "عقبة جبر"
رصدت الإحصاءات الفلسطينية أنّ اعلى نسبة انتهاكات من الاحتلال، كانت من نصيب مخيم "عقبة جبر" 307انتهاكات أسفرت عن 42 شهيدًا فلسطينيًا وإصابة 373 آخرين، من ما مجموعه 1561 انتهاكًا للاحتلال بحق المخيمات الفلسطينية منذ بداية العام الجاري 2023 ولغاية تاريخ 24/7/2023.
بالتزامن أيضًا، تصاعدت المقاومة في المخيم ضمن إطار "كتيبة عقبة جبر"، التي تخوض اشتباكات مع الاحتلال منذ آذار / مارس الماضي، حين فرض الاحتلال حصارًا دام نحو أسبوعين على المخيم. ولتتابع الكتيبة مواجهاتها، الى جانب الالتحام مع جنين ونصرتها خلال المعركة الأخيرة (بأس جنين).
أعلنت كتيبة عقبة جبر في اليوم نفسه على بدأ العدوان الإسرائيلي على جنين أن مجاهديها "تمكنوا من استهداف حاجز (dco) بصليات كثيفة من الرصاص، مشدّدة "جهادنا مستمر وسلاحنا مشرع في كل الساحات". وواصلت الكتيبة في اليوم التالي على استمرار العدوان، من استهداف الحاجز، بالإضافة الى مستوطنة "الفيرد" بـ بصليات كثيفة من الرصاص بشكل مباشر رداً على العدوان بحق أهلنا في جنين". وقد وثّقت الكتيبة هذه العمليات ضمن مقاطع مصوّرة نشرها إعلامها الحربي.
في 17/7/2023، تصدت الكتيبة لتوغّل آليات الاحتلال العسكرية ضمن المخيم، وخاضت الاشتباكات بـ "صليات كثيفة ومتتالية من الرصاص بشكل مباشر"، فيما اضطر الاحتلال الى استقدام التعزيزات، وأدى الاقتحام الى ارتقاء شهيد فلسطيني.
بذلك، تؤكد المقاومة في الضفة أنها تسير ضمن منحنى تصاعدي واحد، يبدأ بالعمليات الأولى في استهداف الحواجز والتصدي بالرصاص، ثمّ تطوّرت في جنين وبعدها نابلس وتبعتهما طولكرم في تصنيع العبوات الناسفة المحليّة وإدخالها الى الميدان لاستهداف آليات وجرافات الاحتلال. كما انتقلت الى إدارة القتال، وجعل المخيمات أرضية العمل والتخطيط ضمن بيئة شعبية حاضنة. وهنا يمكن القول بأن أريحا ليست بعيدة عن هذا المسار، كما أنّ مختلف مناطق الضفة ستكون أرضًا للمقاومة ما استطاعت ومع الأخذ بعين الاعتبار خصوصيّة وظروف كلّ منطقة.
الكاتب: غرفة التحرير