زينب عقيل
في خطاباتهم خلال اجتماع منظمة شانغهاي وهي مجموعة الأمن الإقليمي التي أسستها الصين، ركز قادة الدول المؤسسة على أجنداتهم الوطنية. وفي البيان المشترك، أكد القادة على نظام عالمي يتميّز "بتعدد أقطاب أقوى، وزيادة الترابط والاعتماد المتبادل"، كما تعهدوا بالسعي نحو هذا التشكيل. كما أيدت الدول مبادئ السيادة وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول وسعت إلى "التنفيذ المستدام" لاتفاق خطة العمل الشاملة المشتركة مع إيران الذي انسحبت منه الولايات المتحدة في عام 2017. كما تم ذكر إلغاء الدولار ومعارضة العقوبات الأحادية الجانب في البيان.
بحسب النظام الدولي ثمة جغرافيتين رئيسيتين هما أوراسيا والمحيطين الهندي والهادي، وفي حين كانت أوراسيا حقيقة جغرافية لعدة قرون، تسعى منظمة شنغهاي للتعاون إلى تحصيل هوية جيوسياسية. مع دخول الهند وباكستان عام 2017، يبدو دخول إيران في هذه الدورة كعضو دائم مسألة طبيعية للمنظمة التي تتخذ من آسيا الوسطى مركزًا لها، وهي تطوق تدريجيًا أجزاء من جنوب آسيا وغرب آسيا أو ما يعرف بالشرق الأوسط. وهذا سيضمن استمرار منظمة شنغهاي للتعاون بل واستمرارها في النمو في المستقبل المنظور.
انضمام إيران إلى المنظمة
وقعت إيران مذكرة التزامات للانضمام إلى منظمة شنغهاي للتعاون في 15 سبتمبر. وكما أعلن وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبد اللهيان على صفحته على إنستغرام، "من خلال التوقيع على وثيقة العضوية الكاملة في منظمة شنغهاي للتعاون، دخلت إيران الآن مرحلة جديدة من مختلف التعاون الاقتصادي والتجاري والعبور والطاقة". من المقرر أن تدخل عضوية إيران الكاملة حيز التنفيذ اعتبارًا من نيسان/أبريل 2023. ولكن من الآن فصاعدًا، سيسمح لإيران الآن بحضور اجتماعات الأعضاء في المنظمة. في حين كانت تتمتع بوضع مراقب فقط في السابق.
وألقى الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي، كلمة في اليوم الثاني من القمة، مؤكدا على أهمية الحفاظ على علاقات وتفاعلات وثيقة مع جميع دول المنطقة، بما في ذلك دول منظمة شنغهاي للتعاون. وأضاف أن سياسة إيران الخارجية تركز على أن يكون لها وجود فعال في الأنظمة الإقليمية والعالمية.
دخول إيران يحقق فوائد للتعددية
الواقع أن قبول إيران كعضو كامل العضوية في منظمة شنغهاي للتعاون سيفتح أفقًا جديدًا للتعددية. وسيكون مفيدًا ليس فقط لإيران ولكن للمنطقة بأسرها. جادل العديد من المحللين بأنه حتى لو لم تكن إيران قادرة على جني العديد من الفوائد الفورية من الانضمام إلى منظمة شنغهاي للتعاون، فإن ذلك يشير إلى استعداد إيران لمتابعة علاقات أقوى مع الصين وروسيا، أقوى عضوين في المنظمة. وقد سلطت وسائل الإعلام الإيرانية الضوء على خبر عضوية إيران في منظمة شنغهاي للتعاون كدليل على أن إيران والصين "تقتربان بشكل كبير"، مع التأكيد على أن الضغط المحتمل من الصين وروسيا كان عاملًا في قبول إيران في المنظمة.
تعزيز للنظامين الاقتصادي والسياسي في إيران
يعد الانضمام إلى منظمة شنغهاي للتعاون نجاحًا لإيران على الصعيدين الاقتصادي والسياسي. منذ عام 2018، عندما انسحب دونالد ترامب من اتفاق طهران النووي مع القوى الكبرى بما في ذلك روسيا والصين، عانى الاقتصاد الإيراني بشدة. لذلك، فإن الانضمام إلى منظمة شنغهاي للتعاون سيفتح آفاقًا جديدة للتجارة والتعاون مع الدول المجاورة التي تساعد إيران في المقابل على حل تحدياتها الاقتصادية.
رفع قيمة المنظمة لحلّ التحديات الإقليمية
ويتوقع الخبراء أن إضافة إيران إلى هيكل منظمة شانغهاي للتعاون سيرفع من القيمة الكبيرة لمنظمة شانغهاي للتعاون كمنظمة إقليمية. لدى منظمة شانغهاي للتعاون الآن جميع اللاعبين الضروريين لحل التحديات الإقليمية مثل الأمن والاتصال والتنمية الاقتصادية. فبعد أن أصبحت المملكة العربية السعودية أيضا شريكًة في الحوار، يمكن لمنظمة شنغهاي للتعاون توفير منصة لإيران والمملكة للعمل على حل خلافاتهما. من ناحية أخرى، ستكون فرصة لباكستان وإيران أيضا للجلوس إلى طاولة المفاوضات والتحدث عن القضايا الخلافية القائمة بين الدول المجاورة.
زيادة عدد المتحالفين ضدّ الولايات المتحدة
بالنسبة للصين، فإن وجود إيران، بإمداداتها الوفيرة من الطاقة، في منظمة شنغهاي للتعاون أمر مطمئن مع تصعيد الصراع مع الولايات المتحدة. في عام 2021، وقعت الصين وإيران اتفاقا مدته 25 عاما للتعاون في مجالات تشمل النفط. وأشار تقرير لبلومبرج هذا العام إلى أن شركات التكرير الخاصة في الصين، أكبر مستورد للنفط الخام في العالم، تشتري الآن المزيد من النفط الإيراني مع ارتفاع المنافسة على الإمدادات من روسيا في آسيا.
ولدى روسيا كل الأسباب لوجود المزيد من الحلفاء على المنصة. ومن المرجح أن توقع بيلاروسيا، الحليف الإقليمي الوثيق لروسيا، على مذكرة التزامات، والتي ستؤدي لاحقًا إلى العضوية الكاملة.
إلى ذلك، فإن عضوية إيران في منظمة شنغهاي هي مؤشر آخر على أن الدول ليست مكترثة لإرادة الولايات المتحدة وثمة المزيد من الدول المستعدة للتعامل مع إيران.