خلال خطاب ألقاه بداية عام 2020، توجه الامام السيد علي الخامنئي، إلى ألبانيا دون ان يسميها، بالقول: ان إحدى "الدول الأوروبية، وهي دولة صغيرة، ولكنها دولة مجرمة وشريرة حقًا في أوروبا، تحالف فيها عنصر أمريكي مع عدد من المرتزقة الإيرانيين، بائعي الوطن ضد الجمهورية الإسلامية".
لم تكن العلاقات الإيرانية- الألبانية يوماً على قدر رفيع من الانسجام. ولطالما عمدت الأخيرة إلى إثارة الاستفزازات لواشنطن بطرق مختلفة. كان من بينها، ما أبدته الحكومة الألبانية من تأييد لجريمة اغتيال الولايات المتحدة لقائد قوة القدس، الشهيد قاسم سليماني، إضافة لاتخاذ قرار بطرد دبلوماسيّيْن إيرانيين، نتيجة مشاركتهما في أنشطة غير مقبولة دبلوماسياً، على حد زعمها.
من ناحية أخرى، فقد شكّل اتخاذ، تيرانا، قرار منح اللجوء لأكثر من 3000 عضو ينتمون لمنظمة "مجاهدي خلق" -التي تصنفها إيران منظمة إرهابية-، عام 2013، ضربة أخرى للعلاقات بين البلدين. حينها، صرّح رئيس الوزراء الألباني، إدي راما، بأن "قبول أعضاء مجاهدي خلق يشكّل خطراً على ألبانيا. ومع ذلك، فإن ألبانيا تكرّم وتحافظ أيضاً على التّقاليد الألبانيّة" - ويعني بذلك الدّور السّابق للبلاد في حماية اليهود من النّازيين خلال الحرب العالميّة الثّانية. عندما امتنعت ألبانيا عن ترحيل يهوديّاً واحداً إلى ألمانيا النّازيّة.
وفي تفاصيل الخطوة الأخيرة، فقد قررت ألبانيا قطع علاقاتها الدبلوماسية مع إيران، وطلبت من الدبلوماسيين وموظفي السفارة بالمغادرة في غضون 24 ساعة. وزعمت بأن "تحقيقا خلص إلى أن طهران تقف وراء هجوم إلكتروني استهدف البلاد في 15 يوليو/تموز الماضي". وادعى راما، في بيان مصور ان "رد الفعل الصارم هذا.. يتناسب تماما مع خطورة وجسامة الهجوم الإلكتروني الذي هدد بشلّ الخدمات العامة، ومحو الأنظمة الرقمية، واختراق سجلات الدولة، وسرقة المراسلات الإلكترونية الداخلية الحكومية، وإثارة الفوضى والانفلات الأمني في البلاد".
من جهتها، قالت وزارة الخارجية الإيرانية في بيان إن "مزاعم ألبانيا بأن إيران تقف خلف هجوم سيبراني واسع النطاق نفذ في يوليو/تموز الماضي لا أساس لها من الصحة"، مضيفة أن "قرار تيرانا قطع العلاقات يعبر عن قصر النظر في العلاقات الدولية". ونسبت الخارجية الإيرانية الادعاءات التي وجهتها السلطات الألبانية ضد طهران إلى أطراف ثالثة، في إشارة إلى الولايات المتحدة وإسرائيل.
وكانت المنظمة قد شُكلت بدعم أميركي وعلاقات أجنبية مشبوهة، في ستينيات القرن الماضي، لما سمي بـ "الكفاح" ضد نظام الشاه بإيران، وتمركزت في العراق عقب انتصار الثورة الإسلامية في إيران عام 1979، وقامت خلال سنوات الحرب الإيرانية العراقية (1980-1988) بعمليات عسكرية ضد إيران انطلاقا من الأراضي العراقية.
يعيش أعضاء مجاهدي خلق في معسكر كبير شديد الحراسة بالقرب من مدينة دوريس السّاحليّة، على بعد حوالي 30 كيلومتراً (19 ميلًا) من العاصمة تيرانا. لكن، وبعد ان تعهّدت إيران بالانتقام من قتلة الشهيد سليمانيّ، فإنّهم قلقون بشكل متزايد على سلامتهم، على حد تعبير المستشار القانونيّ لجماعة مجاهدي خلق، بهزاد صفاري. وبينما جرى تشديد أمن المعسكر إنّ الجماعة لا تشعر بالأمان في أيّ مكان، على حد تعبيره.
الكاتب: غرفة التحرير