في تجربة هي الأولى من نوعها لناحية الحجم والأهداف، وبتعاون مشترك مع روسيا، أعلنت إيران إطلاق القمر الصناعي "الخيّام" بواسطة حاملة الأقمار الصناعية "سويوز" من قاعدة بايكونور في كازاخستان. وهي خطوة بالغة الأهمية من حيث الإعداد والتطور والتوقيت الذي يأتي في أوج الاعتراض الغربي على مختلف الأنشطة الإيرانية خاصة الفضائية منها، والذي يعتبرها محط "تهديد"، حسب زعمه.
وقد نجحت عملية الاطلاق، التي جرت عند الساعة 10:22 مساءً بتوقيت طهران، بعد اكتمال كافة المراحل الأولية للإطلاق بنجاح، كما تم وضعه في مداره النهائي البالغ 500 كيلومتر. في حين أكدت منظمة الفضاء الإيرانية ان القمر "الخيّام" مملوك للمنظمة، و "سيكون بنية تحتية مناسبة لإضفاء الذكاء على مختلف أنحاء البلاد، بأجهزة استشعار دقيقة بمختلف الأطياف".
مجهز بكاميرات عالية الدقة
ويعد "الخيّام" قمر صناعي للاستشعار عن بعد، يتلقّى تنفيذ جميع الأوامر المتعلقة بالتحكم والتشغيل من قبل خبراء إيرانيين مقيمين في القواعد الفضائية التابعة لوزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات. تم وضعه في مدار طوله 500 كيلومتر، للاستفادة من بيانات الرصد والصور المرسلة لمدة 5 سنوات ويبلغ وزنه 600 كيلوغرام.
وفي الوقت الذي زعمت فيه الولايات المتحدة ان إيران ستستخدم هذا القمر لأغراض عسكرية، لمراقبة القواعد الأميركية في المنطقة والتحركات الإسرائيلية، نفت طهران تلك الادعاءات، مؤكدة انه القمر أعد لأغراض مدنية في مجالات الزراعة والموارد الطبيعية والبيئة والموارد المائية والمناجم ومراقبة الحدود وإدارة الطوارئ.
برنامج محلي لتطوير صناعة الفضاء
تمتلك الجمهورية الإسلامية الآن، القدرة على تصميم وبناء أقمار صناعية للاستشعار بدقة تصوير تتراوح من 5 إلى 10 أمتار، وتعمل لتحقيق القدرة على بناء أقمار صناعية للاستشعار بدقة تزيد عن متر واحد وهذا الطريق يؤخذ على محمل الجد. وهو ما يعني العمل على زيادة دقة الكاميرات التي سيحملها القمر الصناعي أكثر فأكثر.
ويتم متابعة برنامج تطوير أجهزة استقبال الأقمار الصناعية المحلية مع برنامج مقنن ومحدّد مسبقًا ويعتمد على التقنيات المحلية بجدية وبجهود العلماء والمتخصصين من أجزاء مختلفة من الدولة. وبحلول نهاية هذا العام، ستستقر القدرة على إطلاق أقمار صناعية تصل إلى 100 كيلوغرام في مدار 500 كلم من الأرض وسيستمر هذا المسار حتى وصول التكنولوجيا الأصلية لاطلاق عدة مئات من الأقمار الصناعية.
لماذا انطلق القمر الصناعي الإيراني خيام بالتعاون مع روسيا؟
خلال السنوات الماضية نجحت إيران في إطلاق أقمار صناعية أقل من 50 كلغ في مدار 500 كيلومتر من الأرض، ثم في الخطوة التالية، إطلاق أقمار صناعية تصل إلى 100 كلغ في تم استهداف مدار الأرض البالغ طوله 500 كيلومتر بنهاية هذا العام. لكن فيما يخص القمر الصناعي "الخيام"، فهو يزن ما يقارب 600 كيلوغرام، ولعل السبب الرئيسي للتعاون الإيراني- الروسي في مشروع إطلاق القمر هو وزن هذا القمر الصناعي، الذي يبلغ نصف طن. ونظرًا لعامل الموثوقية العالي لمنصة Soyuz في إطلاق الأقمار الصناعية والدوران فيها، فإن العديد من الدول التي لديها دورة كاملة من تكنولوجيا الفضاء قادرة على إطلاق أقمار صناعية تستخدم أيضًا قاذفات روسية.
قلق إسرائيلي
من جهتها، اعتبرت صحيفة جيروزاليم بوست في مقال لها تعليقاً على اطلاق القمر "الخيّام" انه "للمرة الثانية خلال ثلاثة أشهر، تُحدث روسيا ضجة بشأن مساعدتها لإيران في مجال تكنولوجيا الأقمار الصناعية. إن مثل هذا التعاون والتقدم يثير قلق إسرائيل والولايات المتحدة إلى حد كبير لأن جوانب تكنولوجيا الأقمار الصناعية يمكن أن تكون ذات استخدام مزدوج لتطبيقها على توصيل الأسلحة النووية، بالإضافة إلى إمكانية تعزيز قدرات جمع المعلومات الاستخبارية للجمهورية الإسلامية بشكل كبير".
وتابعت الصحيفة "قال مسؤولون إسرائيليون مجهولون لشبكة KAN إنهم قلقون، بينما لم يفعل المسؤولون الأمريكيون علنًا سوى القليل لتبديد الغموض المحيط بالقضية. بالإضافة إلى ذلك، كان المسؤولون قلقين من أن طهران قد تحصل على صور وتمريرها إلى وكلاء مثل حزب الله وحماس لزيادة دقة وفعالية قوتهم التدميرية".
كان تقرير لصحيفة واشنطن بوست الأميركية في منتصف حزيران/ يونيو قد ذكر أن القمر الصناعي الجديد سيسمح "بالمراقبة المستمرة للمنشآت التي تتراوح من مصافي النفط في الخليج العربي والقواعد العسكرية الإسرائيلية إلى الثكنات العراقية التي تأوي القوات الأمريكية"، نقلاً عن ثلاثة مصادر لم تسمها - مسؤول أمريكي حالي وسابق ومسؤول حكومي شرق أوسطي رفيع يطلع على الصفقة، وعلى الاستخبارات العمل بجد لمتابعة هذه القضية".
الكاتب: مريم السبلاني