لم تستطع الولايات المتحدة الأمريكية والقوى الباكستانية التي تدور في فلكها، بالرغم من نجاحهم في انقلاب الدستوري على عمران خان، من انهاءه أو الحد من شعبيته، بل العكس تماماً وهذا ما أكدّته نتائج انتخابات إقليم البنجاب.
وما زاد الطين بلّة، إصدار المحكمة العليا الباكستانية بالأمس، قراراً في القضية التي أثيرت قبل أيام بشأن التصويت على رئاسة حكومة إقليم البنجاب، بحيث أبطلت فوز "حمزة شهباز شريف" برئاسة حكومة الإقليم، لصالح " برويز إلهي تشودري" مرشح حزب حركة الإنصاف الذي يتزعمه خان.
وبهذا استطاع حزب الإنصاف استثمار اكتساحه للانتخابات في البنجاب، الذي يعد أكبر الأقاليم الباكستانية سكانا وأكثرها تأثيرها في المشهد السياسي، بحيث يمتلك هذا الإقليم أكثر من نصف مقاعد برلمان البلاد، وتكون الفرصة سانحة للفائز في انتخاباته المحلية، لكي يقوم بتشكيل الحكومة الفدرالية لاحقا.
وهذا ما دفع بعمران خان الى إعادة مطالبته، بإجراء انتخابات وطنية جديدة بعد فوز حزبه الكاسح، فقال عبر تويتر "أي مسار آخر لن يؤدي سوى إلى مزيد من الغموض السياسي والفوضى الاقتصادية".
أسباب نجاح عمران خان في هذه الانتخابات
_ تم إضافة ما بين 30 إلى 45 ألف ناخب جديد إلى سجلات الناخبين، والذين عادةً ما يصوتون للأحزاب وليس للأفراد.
_ ترشيح حزب الإنصاف لأعضاء لديهم شعبية أو من عائلات وعشائر مؤثرة، بالإضافة الى حصوله على دعم المجموعات الدينية (سنية وشيعية) في بعض الدوائر الانتخابية.
_ الحملة الفعالة لقيادة حزب الانصاف، خاصة بعد الـ 10 من نيسان / أبريل (تاريخ الإطاحة بحكومة خان)، والتركيز على الدور الخارجي في حصول هذه الإطاحة، رغم نفي خصومه المتكرر لذلك.
_ أداء عمران خان في التجمعات الانتخابية، الذي وصفه المراقبون والمتابعون بالمثير للإعجاب، بحيث كانت شخصيته عاملا حاسما من خلال حثه للناخبين على "الجهاد" وهزيمة "الخونة" وتحقيق الاستقلال الحقيقي للبلاد ومنع أي تدخلات خارجية، وهذا ما يلقى رواجاً عند الشعب الباكستاني.
_ الخلافات الداخلية حول ترشيح الأعضاء داخل حزب الرابطة الإسلامية التابع لشريف، وهو ما أدى إلى تقسيم القاعدة الشعبية لهم، بالإضافة إلى عدم وجود خطة واضحة لديهم أو حملة انتخابية قوية.
سيناريوهات مستقبلية
1)من المفترض أن يعلن رئيس الحكومة الفدرالية شهباز شريف الانتخابات المبكرة في البلاد.
2)إذا لم يفعل شريف ذلك، فهناك احتمال كبير بأن يلجأ رئيس حكومة البنجاب برويز إلهي، إلى حل برلمان الإقليم، وهذا قد يجبر شريف على حل البرلمان الفدرالي. كما أنه من الممكن أن يفعل رئيس وزراء إقليم خيبر بختونخوا الذي يسيطر عليه حزب الإنصاف سيناريو مماثل، وهذا ما سيزعزع بالتأكيد الحكومة الفدرالية.
وبالتالي فإن ما نشهده الآن في باكستان، يشبه الى حد كبير "ريمونتادا" مباريات كرة القدم، يخوضها لاعب الكريكيت السابق عمران خان ببراعة.
الكاتب: علي نور الدين