نهضت في جنوب لبنان أيام الاحتلال الإسرائيلي في فترة الثمانينات والتسعينيات العديد من التشكيلات العسكرية لمواجهة قوات الاحتلال وتحرير الأرض، ومن بينها المقاومة الإسلامية التي صارت اليوم حزباً له دوره وتأثيره العسكري بهيكلية وعتاد وصل الى مستوى امتلاك الصواريخ الدقيقة القادرة على تهديد الكيان الإسرائيلي المؤقت في عمقه. وعلى الرغم من تبنيه العقائد الاسلامية كأيديولوجية أساسية تحكم الصراع مع هذا الكيان، الا أن ذلك لم يمنع انضمام أطراف أخرى من كافة الطوائف والاطياف اللبنانية مع تجاوز كل الاختلافات، ضمن جناح خاص.
فبعد استشهاد السيد هادي، نجل الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله في أيلول عام 1997، وعند استقباله الحشود المعزّية، جاء للسيد نصر الله شبان من كل الطوائف، بعضهم من لبنان وبعضهم الآخر من دول عربية وإسلامية يطلبون الانخراط في صفوف المقاومة. وعلى إثرها تولّدت فكرة تشكيل سرايا خاصة تسمح لكل لبناني مهما كانت هويته السياسية أو الطائفية أو إمكاناته المادية والعلمية بالتطوّع العسكري تحت اسم "السرايا اللبنانية لمقاومة الاحتلال الإسرائيلي" والتي أُعلن عنها رسمياً بعد مرور 40 يوماً على شهادة السيد هادي.
بدأت المقاومة تدريب المتطوعين – الذين يقدّر عددهم اليوم بالآلاف - في معسكرات خاصة في مختلف المناطق، لتشارك السرايا في عدد من العمليات العسكرية بتشكيلاتها الكاملة -وقد وصل عدد عمليّاتها الى 200 - واستهدفت خلالها مواقع الاحتلال في الجنوب ومنها الطيري وجزين.
فيما كانت رصاصتها الأولى في 14 آذار عام 1998 وحينها استهدفت موقع الاحتلال في بلدة برعشيت وحداثا. وقد أصدرت السرايا بياناً جاء فيه: "لقد أردنا أن يسبق الفعل منا أي قول.. واخترنا هذا اليوم بالتحديد لنؤكد أن العدو الإسرائيلي لا يفهم منطق القانون والقرارات الدولية، وأن هناك منطقاً واحداً يفهمه هذا العدو هو منطق القوة...إننا نعلن ولادة السرايا اللبنانية لمقاومة الاحتلال الإسرائيلي والتي دخلت ساحة النضال والجهاد بعد أشهر عدة من التحضير والإعداد والتأهيل...لتعبر عن ثقة اللبنانيين بكل طوائفهم بخيار المقاومة".
وتطور عمل السرايا إلى دور مساندة حزب الله في العدوان الإسرائيلي على لبنان في تموز 2006. ثمّ انتقلت مهماتها الى الانتشار عند الحدود اللبنانية مع فلسطين المحتلة في نقاط محدّدة. وعملت على خدمة المجتمع اللبناني، من خلال توزيع مساعدات غذائية وتموينية وتعقيمية في مختلف المناطق مع بداية انتشار جائحة "كورونا" عام 2020.
الكاتب: غرفة التحرير