في الصراع المستقبلي بين سوريا وكيان الاحتلال الإسرائيلي، سيكون الجولان هو كلمة السر، وميدان الاشتباك العسكري الأول. لما يمتلكه هذا الجزء السوري، من موقع جيوستراتيجي مهم، أثر تاريخياً على الصراع العسكري، وسيؤثر مستقبلاً بالتأكيد على ذلك. خاصة، مع تصاعد عمليات الاستيطان الاسرائيلية هناك مؤخراً، والتي بدأت من خلال دفع أمريكي مباشر، عبر قرار الرئيس السابق دونالد ترامب، الذي اعتبر الجولان جزءاً من الكيان.
فمنذ أيام قليلة، بحثت حكومة الاحتلال برئاسة "نيفتالي بينت"، إقرار خطط وصفت بالكبرى، لتعزيز الاستيطان في الجولان. على الرغم من رفض المجتمع الدولي الاعتراف بشرعية التصرفات الإسرائيلية هذه، والتي تناقض كل القرارات الدولية.
وتقضي هذه الخطط التي وضعت على أساس زمني من 5 سنوات، بناء 3300 وحدة استيطانية جديدة في مستوطنة "كتسرين"(كبرى المستوطنات الإسرائيلية بالجولان)، وكذلك بناء 4 آلاف وحدة في "المجلس الإقليمي الاستيطاني في المنطقة. كما تقضي الى تشييد مستوطنتين جديدتين هما: "أسيف" و"متار"، على أن تضم كل واحدة منهما ألفي وحدة، فضلا عن مستوطنة "ترامب" التي أقرتها حكومة نتنياهو في حزيران 2019.
كما تنص هذه الخطط ايضاً، على أن تؤدي عمليات البناء هذه، الى مضاعفة عدد المستوطنين من 50 ألفا إلى 100 ألف. وقد رصد لتنفيذها ميزانية أولية حوالي مليار دولار أمريكي.
أهمية هضبة الجولان
_ تقع هضبة الجولان إلى الشمال من جبل الشيخ وإلى الجنوب من نهر اليرموك، وإلى الشرق من ريف دمشق وسهول حوران. وتطل على بحيرة طبريا ومرج الحولة غرب الجليل.
وتعتبر مدينة القنيطرة أهم مدينة فيها، التي تبعد 50 كيلومترا عن العاصمة دمشق.
_ تبلغ مساحتها الاجمالية حوالي 1800 كيلومتر مربع، يحتل منها الكيان ما مساحته 1200 كيلومتر مربع، وكانت تضم قبل الاحتلال 131 قرية و112 مزرعة.
_ وضع كيان الاحتلال نقاطا عسكرية في الهضبة، أهمها حصن في جبل الشيخ، على ارتفاع 2224 مترا عن سطح البحر. كما أقام قاعدة عسكرية جنوب الهضبة، وفرت له عمقا دفاعيا، وبات مصدر تهديد للعاصمة دمشق، عبر محور القنيطرة-دمشق، وكذلك عبر محاور سهل حوران.
_ تعتبر هذه الهضبة من أهم المصادر السورية للمياه، والتي كانت تؤمن حوالي 14 % من الحاجة الإجمالية. ومنذ السبعينيات، قام الإسرائيليون باحتلال حوالي 100 نبع مياه، وببناء 40 مجمعا مائيا وبركة اصطناعية، بهدف تخزين نحو 100 مليون متر مكعب من مياه الأمطار والينابيع، واستخدامها في ري المزروعات التابعة للمستوطنات.
كما قاموا بحفر 7 آبار لسحب المياه الجوفية، إذ يوفر الجولان للكيان ما نسبته 30% من استهلاكه السنوي للمياه.
_ لا يتوقف الاستغلال الإسرائيلي على المياه فقط، بل يتعداه الى الاحتلال الزراعي والصناعي، حيث تنتج المستوطنات الزراعية هناك حوالي 360 مليون دولار سنويا، موزعة على 700 منشأة زراعية، يعمل فيها نحو 1300 عامل.
كما تضم المستوطنات 28 مصنعا ومعملا، يعمل فيهم أكثر من 800 عامل، ويتنجون سنوياً حوالي 330 مليون دولار سنوياً.
_ أما على صعيد القطاع السياحي والخدمات، فتنتج المستوطنات هناك حوالي 122 مليون دولار سنوياً، من خلال 417 منشأة تضم منتجعات وموتيلات ومنشأة خدماتية، ويعمل فيها أكثر من 1400 عامل.
_ كما يعد الجولان من أهم الناطق التي تمد الكيان بالطاقة الكهربائية التي تولد من الرياح، بأكثر من 13 مشروع، وإجمالي يتعدى الـ 200 من التوربينات الهوائية.
بناء على هذه الأهمية، وما تشهده المنطقة من تصاعد في العمليات الاستيطانية، هل يكون الجولان ساحة الاشتباك العسكري الاول، ما بين سوريا والكيان في المرحلة المقبلة؟
الكاتب: غرفة التحرير