شكًلت أحداث الانقلاب العسكري في السودان العنوان السياسي والأمني الأهم لما سيحمله تبدّل المشهد في الخرطوم من أبعاد استراتيجية وخلط في أوراق تحالفاتها لتمركزها الذي صار محسوماً في الحلف الغربي والإسرائيلي.
وقد شهدت العاصمة الخرطوم، منذ أيام، انقلاباً قاده رئيس المجلس السيادي الفريق الأول الركن عبد الفتاح البرهان بواسطة الجيش ضد رئيس الوزراء عبد الله حمدوك، ليُقصي الحكومة المدنية التي بدورها كانت قد وصلت الى السلطة بعد الانقلاب على الرئيس السابق عمر البشير عام 2019، وقد سبقتها محاولة انقلابية في أيلول الماضي لكنها سرعان ما اجهضت.
ويبدو ان هذه الاحداث الفوضوية والمتوترة لم تكن عفوية - كما أغلب الحالات الانقلابية في دول العالم - فأيادٍ إسرائيلية وأميركية وخليجية يتبين يوماً بعد يوم أنها تعبث بالأمن والسيادة السودانية من خلف الكواليس.
التدخل الإسرائيلي:
وتأتي مؤشرات تدخل الكيان الإسرائيلي في كلام واضح في الاعلام العبري:
_ "وجود بصمات إسرائيلية في الانقلاب في السودان، والى أن البرهان أقرب الى التطبيع".
_ " إن الكيان الإسرائيلي يلعب دوراً كبيراً ومكثفاً في السودان منذ العام الماضي وحتى الأسابيع الأخيرة، وهناك نشاط كبير لجهاز الموساد، بل تعاون علني لمساعدة البرهان".
_ "إن مشاورات أجريت في الكيان الإسرائيلي بشأن الانقلاب في السودان، رجحت توقيع اتفاقية التطبيع".
_ "أن الانقلاب في السودان لم يكن مفاجأة".
التدخل الخليجي:
بالإضافة الى اعترافات من مسؤولين أمريكيين كُتبت في الصحف الامريكية تقول بتدخل دول خليجية في الانقلاب العسكري السوداني، وأرجعتها الى المقارنة بين ما يحصل من خطوات في السودان وما حصل أيام الاحداث في الدول العربية وخاصة مصر بين عامي 2010 و2011، وتشير الى ان " أن دور دول الخليج بات واضحا في الاستيلاء على السلطة وتعطيل التحول الديمقراطي في كل من تونس والسودان".
التدخل الأميركي:
نقلت الصحف الامريكية كلام المبعوث الأمريكي السابق في السودان بأنه "في الأسابيع المقبلة سيتم الكشف عن الحكومات العربية والساسة السودانيين الذين دعموا الحكم العسكري الجديد في السودان، في وقت وقع الانقلاب بعد زيارة المبعوث الأمريكي لمنطقة القرن الأفريقي جيفري فيلتمان الى السودان، لكن واشنطن معروفةً بتحقير أدواتها دائماً والتبرؤ من أعمالهم – التي دفعتهم اليها - لاحقاً.
وأضافت "يمكن للبرهان النجاح من خلال دعم الحلفاء الآخرين، مصر والسعودية والإمارات".
الأهمية الجيوسياسية للسودان
يتمتع السوادان البلد الواقع شمال القارة الافريقية بموقع جغرافي استراتيجي يجعل منه محط أطماع الكيان الإسرائيلي والولايات المتحدة وبعض من دول خليجية، ويشكّل حلقة وصل تربط بين شمال القارة وجنوبها، وبوابة مركزية لشرق ووسط وغرب افريقيا، وهو عند حدود البحر الأحمر ويسيطر على 750 كيلومتراً من الخط الساحلي، ويمتلك ميناء "بورتسودان" وتبلغ سعته حوالي 1.3 مليون حاوية سنوياً.
ويعد بورتسودان مركزاً لوجستياً وتجارياً مهماً، ويضم منطقة استثمارية ومصفاة نفط رئيسة، ومن خلاله يُنقل نفط جنوب السودان إلى العالم الخارجي. وكما ان منطقة شرق السودان تعتبر المنطقة التجارية الرئيسية في البلاد حيث تمر بضائع تفوق قيمتها 11 مليار دولار سنوياً.
بالإضافة الى انه يتمتع بوفرة ملحوظة في الموارد والثروات الطبيعية، ومن أبرزها اليورانيوم والنفط والكوبالت، وأهمها الذهب حيث يحظى بالمرتبة الثالثة في إنتاجها بين الدول الافريقية.
الكاتب: غرفة التحرير