تحوّلت قوات الحشد الشعبي في العراق إلى قوة إقليمية تؤرّق صُنّاع السياسة الأميركية في العراق والشرق الأوسط. وبين اتهامها بالتبعية لإيران، ووضع بعض فصائلها على قائمة الإرهاب، وأخيراً استهداف أبرز قادتها، تظهر من جديد قوات الحشد الشعبي كقوّة لا يمكن للعراق التخلّي عنها، بعدما قدَّمت، وما تزال، الكثير.
استهداف الأعداء (أمريكا-إسرائيل-حلف الناتو-دول الخليج) للحشد الشعبي
منذ اليوم الأول على تأسيسه تعرض الحشد الشعبي لهجمة كبيرة من أعداء محور المقاومة المتمثلة بالحليفين الأساسيين "إسرائيل" والولايات المتحدة الامريكية إضافة إلى حلفائهم من دول الخليج وحلف الناتو، ويظهر الاستهداف في عدة نقاط:
1. استهداف القيادات الأساسية الداعمة والمساندة لقوات الحشد الشعبي وعلى رأسهم القائد الشهيد أبو مهدي المهندس واللواء الشهيد قاسم سليماني لإضعافه وتفكيكه وتشتيت قواعده العسكرية والأمنية.
2. الاستهداف العسكري بالضربات الجوية للمواقع والتجمعات العسكرية لفصائل الحشد بهدف تعطيل وصولها لمواقع تنظيم داعش الإرهابي وتعطيل تقدمها.
3. تنفيذ عمليات اغتيال ضد الكوادر الميدانية في الحشد الشعبي واستهداف المقرات التابعة له.
4. الشيطنة والتشويه لقوات الحشد الشعبي واتهامه بالمذهبية والتطرف وبانتهاكات حقوق الانسان.
5. تصنيف قيادات وبعض فصائل من الحشد الشعبي ووصفها بالإرهاب.
6. العمل على اختراق صفوف قوات الحشد ومختلف الفصائل واستغلال الخلافات بين بعض القيادات فيه لتفكيكه والقضاء على بنيته العسكرية.
7. استغلّ الاعداء الحراك الشعبي الذي خرج في بغداد ومختلف المحافظات للتصويب على قوات الحشد الشعبي واتهامهم بقمع المتظاهرين واستهداف المقرات الدبلوماسية.
8. مطالبة بعض القوى السياسية الداخلية بنزع سلاح قوات الحشد الشعبي وحله.
9. تنفيذ بعض العمليات الأمنية المشبوهة ضد بعض مراكز الحشد والتي تحمل بصمات بعض القوى المدعومة خليجيا.
10. اتهامات وجهتها وسائل اعلام عربية وسعودية في إطار حملتها المبرمجة على قوات الحشد الشعبي حول القيام ببعض التصفيات والهجوم علی متظاهري التحركات الشعبية او ما يطلق عليه باسم تحركات تشرين.
إنجازات الحشد الشعبي
ورغم الاستهداف والاعتداءات المتكررة، استطاع الحشد الشعبي فرض نفسه ليس فقط على الساحة العراقية الداخلية، إنما ايضًا على الساحة الإقليمية حتى باتت التهديدات التي تطلقها قادة فصائل الحشد تؤرق أعدائه في الداخل والخارج، كونها تتحول من مجرد تهديد إلى تنفيذ وإنجازات، ولعل آخر تهديد لأمين عام كتائب سيد الشهداء، أبو آلاء الولائي، هي خير دليل "نريد تنفيذ عملية يصفها الجميع بأنها انتقام من واشنطن".
أما إنجازات الحشد الشعبي فلم تقتصر على العسكر، بل تعدته لتشمل السياسة والاجتماع والثقافة:
1- على المستوى السياسي
- الحشد الشعبي مظلّة واسعة تضمّ مروحة من التشكيلات والقطاعات
نجحت هيئة الحشد الشعبي في تحقيق الوظيفة الأمنية، وملأت الفراغ الذي خلَّفه انهيار الجيش العراقي في العام 2014.
تشمل قوات الحشد الشعبي قطاعات واسعة من المتطوعين الموالين لكل الأحزاب السياسية الشيعية، علاوة على متطوعين من المسيحيين والعرب السنّة والتركمان الشيعة. هذه المجموعات لها دوافع متباينة، فمثلاً سعى العديد من التركمان الشيعة إلى الحصول على رعاية الحشد الشعبي بهدف زيادة استقلاليتهم عن الأكراد ومواجهة أشقائهم التركمان السنّة الذين اندرجوا في صفوف الدولة الإسلامية.
أدّى فشل النواب السنّة في إقرار قانون الحرس الوطني في البرلمان، والذي كان سيُخضع المقاتلين إلى الوحدات العسكرية المحلية، إلى عدم وجود قوات رسمية قادرة على استيعاب المتطوعين، ما دفع السنّة الذين يريدون مقاتلة الدولة الإسلامية إلى الانضمام في البداية إلى قوات الحشد. توجّهت حركة الصحوة السنّية، التي تشكلّت من مجموعة قبائل السنّية والتي -كانت عاودت العام 2008 الارتباط بالحكومة المركزية وتلقّت أموالاً منها-صوب قوات الحشد الشعبي طلباً للمال والدعم. الاستثناء الوحيد هنا كان سنّة الموصل، بما في ذلك قبيلة شمّر، الذين عملوا عن كثب مع البيشماركة الكردية.
- مطالبة الحشد الشعبي والضغط باتجاه خروج القوات الامريكية والأجنبية من العراق:
امام التعقيدات التي تعيشها الساحة السياسية العراقية وتعدد وجهات النظر لدى السياسيين العراقيين حول مشروع اخراج القوات الامريكية والأجنبية من العراق، وامام تمسك البعض ببقاء هذه القوات على الأراضي العراقية، يبدو موقف الحشد وممثليه السياسيين مغايرا تماما، حيث يرفض الحشد الشعبي بمختلف مكوناته العسكرية والسياسية، بقاء القوات الامريكية والأجنبية على الأراضي العراقية ويضغط في اتجاه انسحابها دون تأخير. من المؤكد أن السياسيين يخوضون صراعات كبيرة داخل البرلمان والساحة السياسية، أما الحشد الشعبي فلديه قرار واضح وثابت وهو اخراج القوات الاميركية من العراق، وهذا ما جعل الحشد يتعرض للقصف من قبل هذه القوات الامريكية وتقديم العديد من التضحيات والشهداء في مواجهتهم.
- مشاركة الحشد الشعبي في العملية السياسية:
* أثبت الحشد الشعبي أن وجوده ضرورة لحماية العراق، وفي الوقت نفسه أضاف الى سجلّه مكاسب سياسية جديدة، رغم الضغوط السياسية الخارجية والداخلية لحلّه.
* يعتبر البعض ان الحشد الشعبي هو قوة عسكرية ولا يتدخل بالوضع السياسي في البلاد، لكنه يؤيد كل الخيارات السياسية التي تخدم مصلحة الشعب العراقي.
* يمثل تحالف الفتح المشاركة السياسية للحشد الشعبي في المشهد السياسي العراقي، لا سيما وان لديه نواب داخل البرلمان يدعمون مشروعه الوطني ويدافعون عن مصلحة العراق ووحدة شعبه واراضيه.
* رسالة الحشد هي وحدة العراق والدفاع عن البلد من الأخطار الداخلية والخارجية في مختلف المواقف.
هناك اعتقاد سائِد في العراق بأن الولايات المتحدة التي صنعت النظام السياسي بعد الاحتلال في العام 2003، لم تكن جادّة في بناء نظام عراقي قوي يُكافِح الفساد. وإذا كانت الولايات المتحدة تُمارِس الضغوط على الحكومات العراقية لحلّ هيئة الحشد الشعبي، فإن عليها أولاً إثبات حُسن النيّة في شدّ عَضد الدولة العراقية في مُكافحة الفساد، بدلاً من استهداف المؤسَّسة الوحيدة القادِرة على حماية العراقيين.
2- على المستوى الاجتماعي
- شعبية الحشد الشعبي وتمتعه بتأييد شعبي واسع بسبب قربه من الأوساط الاجتماعية والشعبية بمختلف اطيافها وما يقدمه من خدمات ومساعدات لعوائل الشهداء خاصة من الذين شاركوا في مختلف المعارك في مواجهة داعش.
- مشاركة الحشد في دعم الشعب في التصدي لجائحة كورونا والفيضانات وغيرها من المواقف تقوم بها الهندسة العسكرية والقسم الطبي للحشد الشعبي.
- تدخّلت قوات الحشد الشعبي لمؤازَرة الحكومة العراقية في مُكافحة الفيروس.
- القيام بحملات لتوعية الجماهير بمخاطر الوباء، وتقديم النصائح المهمة حول كيفيّة التعامُل معه. وقد نجح الحشد الشعبي في ذلك بسبب ما يتمتع به من مصداقية بين مُعظَم السكان، لما قدَّمه من تضحياتٍ كبيرةٍ - وما زال - في مواجهة داعش.
- تحرَّك مجموعات من الحشد الشعبي بين السكان ضمن فِرَق الدعم اللوجستية والطبية في عملية تطوّعية لدَعم السُلطات في بغداد والمُحافظات، وقيام الفرق ببعض الأنشطة الأساسية، مثل توزيع المواد الغذائية على العوائِل والأفراد المعزولين، وتعقيم الأماكن العامة والشوارع والمباني السكنية، وخصوصاً في المناطق التي شَهِدَت إصابات، ونقل المواد الطبية والصحّية الضرورية، وحملات التبرّع بالدم بين أفراد قوات الحشد.
- أهم نشاط كان في تبنّي الحشد الشعبي نقل جُثث المُتوفّين بسبب الجائِحة، والتكفّل بالدفن بحسب الشريعة الإسلامية. وكانت هذه مسألة مهمة للغاية، لتخوّف العاملين في القطاع الصحّي وعاملي شركات الدفن منها.
- انطلقت فرق من الحشد الشعبي باسم حملة "جنود الرَحْمة" لتقديم الدعم النفسي واللوجستي للعاملين في القطاع الطبي.
- ساهم الحشد في بناء مُستشفيات مؤقّتة ومُتَنقّلة في وسط العراق وجنوبه، في كربلاء وبابل والناصرية والسماوة، أطلقت عليها اسم "المهندس"، بالاستفادة من تجارب إنشاء المُستشفيات الميدانية العسكرية خلال الحرب مع تنظيم داعش.
- قدمت قوات الحشد خدمات عامة شأنها شأن القوات العسكرية والجماعات التطوعية المجتمعية حاليا في جميع انحاء العالم ويبدو أنها قوّضت مصداقية بعض مؤسسات الدولة الأخرى العسكرية والمدنية المفترض بها القيام بهذا الدور.
- أضاف الحشد إلى سجلّه مكاسب سياسية جديدة، رغم الضغوط السياسية الخارجية والداخلية لحلّه بحجّة انتفاء سبب وجوده.
- تسعى هيئة الحشد عبر فصائلها المختلفة إلى ملء الفراغ الحاصِل من تخلّف بعض مؤسَّسات الدولة في القيام بواجباتها لمواجهة الجائِحة.
3- على المستوى الثقافي:
- الحرص على تكريم أسر الشهداء الذين قدموا التضحيات في معركة تحرير العراق من الإرهاب ومواجهة المحتل الأمريكي.
- تنظيم اللقاءات والنشاطات والمؤتمرات التي تسلط الضوء على دور قوات الحشد الشعبي في تحرير العراق من الإرهاب.
- التأكيد على وحدة الدم والهدف بين مختلف الفصائل والتيارات المشاركة في الحرب على الإرهاب.
- التأكيد على البعد الإنساني والثقافي والعقائدي للحشد الشعبي الذي تأسس بفضل فتوى أعلى مرجعية دينية في العراق وعمل ولا يزال تحت راية هذه المرجعية.
- العمل على نشر منجزات الحشد الشعبي العسكرية والإنسانية من خلال برامج للدعاية والتثقيف سواء كان ذلك عبر وسائل الاعلام المرئية او الالكترونية او عبر وسائل التواصل الاجتماعي.
- مواجهة بروباغندا الاعلام المضاد الذي يعمل على تشويه صورة واهداف الحشد الشعبي من خلال تفنيد مزاعمه وتسليط الضوء على الاعمال الميدانية لقوات الحشد وملامسة الصدى الشعبي الداعم والحاضن له.
الكاتب: غرفة التحرير