مع تزايد معدل الجريمة في فلسطين المحتلة بشكل مبالغ فيه تتجه الأنظار نحو الأسباب ومكامن الخلل وتكثر الأسئلة حول دور أجهزة الاحتلال الأمنية ومدى فعاليتها المزعومة في ضبط تجاوزات المستوطنين التي تصل إلى حد القتل العمد دون تبرير. وليس فقط للفلسطينيين المتواجدين في الشوارع أو المنازل بل بالمستشفيات والسجون أيضاً.
صحيفة هآرتس أشارت في مقال لها الى حجم الجرائم التي يرتكبها المستوطنون كما أعضاء الكنيست وقوات الاحتلال. حيث أكدت على انه "إذا نظرنا من بعيد فسنرى بوضوح أضلاع المثلث الثلاثة التي تنمو الجريمة وتزدهر بفضلها: أ-السلاح الذي مصدره قواعد الجيش والذي يتدفق بكمية كبيرة إلى داخل المجتمع العربي. ب-الشاباك الذي يتعاون مع المجرمين. ج-شرطة مشلولة بإرادتها".
النص المترجم:
توسلت والدة السجين الإداري مقداد القواسمي، كي يمنعوا عضو الكنيست إيتمار بن غبير من الدخول إلى الغرفة التي فيها ابنها، المضرب عن الطعام منذ 91 يوماً وهو الآن في مستشفى "كابلان". "لن يتحمل مقداد الزيارة. دخول بن غبير قد يتسبب بزيادة نبضه وضغط دمه ولن يتحمل ذلك. الزيارة ستقضي عليه"، قالت الأم. "إذا جاء، فمن شبه المؤكد أنه سيصرخ على مقداد ويقول له بأنه مخرب وإرهابي وأنه يستحق الموت. من فضلكم، لا تسمحوا له بالقدوم".
ماذا كنتم فاعلين لو كنتم مكان عضو الكنيست أيمن عودة، الذي كان حاضراً وقت اقتحام غرفة المريض؟ من جهة، هناك أم تطالب بإنقاذ ابنها من بين فكي كماشة هذا الأزعر. وفي المقابل، هناك الصحافي باروخ قره الذي يطالب، بأثر رجعي، بالسماح لبن غبير بتجسيد حصانته المقدسة. حصانة أمام كرامة المريض وسلامته؟ الخيار بأيديكم.
ما رأيكم أن يلقي نائب مدير مستشفى "كابلان"، د. ايتان لافون، عن كاهله واجبه المقدس (حماية المريض)، ويقبل توبيخ عضو الكنيست الذي ينوي اختراق خصوصية المريض، "استفزوا في مكان آخر". الخجل يخجل من تهرب نائب مدير المستشفى من المسؤولية الطبية".
هاكم الصورة من بعيد. بن غبير مسموح له -حسب رئيس الكنيست ميكي ليفي والصحافي المثقف قره- خرق خصوصية المريض. في حين أنه في الجانب الآخر لنفس العالم، يقف طاقم طبي للشرطة عشرات الدقائق قرب المصاب يعقوب أبو القيعان دون أن يقدم له مساعدة طبية تنقذ حياته، وبقي ينزف حتى الموت. أنتم تشاهدون اللامعقول في تجسده. فمن جهة، يتم التخلي عن المريض لزعرنة الفاشي، ومن جهة أخرى، يبقى المصاب ينزف حتى الموت بحضور طاقم طبي. في الحالتين حياة العربي تساوي قشرة ثوم.
ليس وحدها حياة العربي هي التي تساوي قشرة ثوم، بل أيضاً حصانة عضو الكنيست العربي. عندما تم دفع عضو الكنيست أحمد الطيبي من قبل جندي وتم منعه من زيارة الخليل، صعد الجيش ووسائل الإعلام على المتاريس وأثنوا على عنف الجندي، ولم يتم قول أي كلمة عن احترام حصانة عضو الكنيست العربي. ولكن عندما يقوم عضو كنيست عربي بواجبه الإنساني، يتم وضع سيف الصحافي الليبرالي على عنقه. هاكم توزيع العمل القذر بين صحافيي الدولة القومية اليهودية.
على كل الأصعدة، حياة العرب تساوي قشرة الثوم! المحكمة العليا تجد أنه من الصواب إغلاق ملف التحقيق في موت أبو القيعان. حقاً، لماذا نبش الجراح! فالأمر كله لا يعدو حياة عربي. وقد قال الكاتب دافيد غروسمان بعد إهمال حياة عمر أبو جريبان من قبل شرطيين وتركه على جانب الشارع: "لماذا؟ من الذي مات؟"، في المقابل، أغلقت النيابة العامة الملف ضد المشاركين في قتل موسى حسونة في اللد لنقص التهم. منذ متى يشكل قتل العربي تهمة؟
في هذه الأثناء، يواصل المجتمع العربي النزف، فكل يوم يحمل معه بشرى مؤلمة، وأحياناً أكثر من بشرى. ولكن إذا نظرنا من بعيد فسنرى بوضوح أضلاع المثلث الثلاثة التي تنمو الجريمة وتزدهر بفضلها: أ-السلاح الذي مصدره قواعد الجيش والذي يتدفق بكمية كبيرة إلى داخل المجتمع العربي. ب-الشاباك الذي يتعاون مع المجرمين. ج-شرطة مشلولة بإرادتها.
أنا على ثقة أن هناك من يشغلون وظائف، حتى في جهاز إنفاذ القانون، الذين تعنيهم مكافحة الجريمة جداً. إذاً، تعالوا نهمس في آذانهم بأن الساحة المركزية للحرب ضد الجريمة ليست في شوارع المدن العربي وميادينها. من فضلكم، لا تبحثوا عن قطعة النقد تحت المصباح، بل ابحثوا عنها في المكان الذي فقدت فيه: ابحثوا عن الفشل، وبصورة أدق، عن المؤامرة التي هي داخل مثلث الظلام هذا. كل الدلائل تشير إلى أن حياة العرب تساوي قشرة ثوم.
المصدر: هآرتس
الكاتب: عودة بشارات