ليس بجديد على شرطة الاحتلال الإسرائيلي ما قامت به من اعتداءات على الشاب العشريني "صالح النتشة"، فهي ومنذ العام 1948 تُسمى أم الإرهاب، وسجلها حافل بالاعتداءات والاعتقالات والقتل. لم يعترف كيان الاحتلال يومًا بالأخطاء التي يرتكبها بحق المدنيين وتحديدًا الفلسطينيين، فلطالما أوجد لنفسه ما يبرر لشرطته وقواته الاعمال الاجرامية التي يقومون بها، خاصةً القتل العمدي لنساء وشيوخ وأطفال تحت ذريعة "عمليات طعن لجنود الاحتلال".
انتظرت صحيفة هآرتس أربعين عامًا حتى علمت أن شرطة كيانها تمارس العنف ضد الفلسطينيين، ما دفعها أن تطالب وزير أمن الاحتلال الجديد أن يُفهم قوات الشرطة وظيفتهم الحقيقية، وجاء ذلك في افتتاحيتها والتي عنونتها بـ "صالح النتشة آخر ضحايا عنف الشرطة الإسرائيلية".
وكانت الصحيفة قد ذكرت أن الاعتداءات التي قامت بها شرطة الاحتلال ضد "النتشة" كانت من دون مبرر، مؤكدة على أن ما أساليبها في التعذيب تتعارض مع ما تقول به منظمة الأمم المتحدة، من الصعق الكهربائي المفرط، الرش برذاذ الفلفل، الرصاص المطاطي الموجه، وصولًا إلى الرصاص الحي.
النص المترجم:
صالح النتشة ابن العشرين عاماً من سكان القدس الشرقية، الذي يعاني إعاقة في قدميه، لم يتحرك بالسرعة المطلوبة، بحسب أحد عناصر الشرطة المتمركز بالقرب من بوابة نابلس يوم الجمعة الماضي. رداً على ذلك، استل الشرطي هراوته وبدأ بضربه على قدميه عدة مرات. فما كان من النتشة إلاّ أن شتم الشرطي، الأمر الذي جعله يهجم ورفاقه عليه ويجرّونه إلى مركز الشرطة فوراً. هناك تعرّض للضرب والرش برذاذ الفلفل والصعق بالكهرباء، وكُبّلت يداه بالأصفاد، واقتيد إلى التحقيق. بعد مرور وقت قصير أُطلق سراحه لعدم وجود أدلة ضده.
النتشة هو الضحية الأخيرة لعنف الشرطة الإسرائيلية غير المبرَّر حيال سكان القدس الشرقية. تحدث التقرير الذي نشرته "هآرتس" عن 8 حالات لشبان فلسطينيين اقتيدوا إلى مركز الشرطة في بوابة نابلس، حيث تعرضوا للضرب والإهانة. يُضاف إلى هذا العنف إطلاق لا مبرر له للرصاص المطاطي استهدف ظهر شابة فلسطينية وأصاب فلسطينياً في منزله، بالإضافة إلى الاستخدام المبالَغ فيه للصعق الكهربائي واستخدام القنابل الصوتية والمسيّلة للدموع، وهو ما أدى إلى جرح الكثيرين.
مؤخراً برز ضعف الشرطة: في معالجة ما حدث في ميرون، والتعامل مع الاحتجاج الفلسطيني الشعبي في القدس الشرقية، وفي الخضوع للحريديم في كل ما له علاقة بتطبيق إجراءات الوقاية من الكورونا، وفشلها في كبح العنف في المجتمع العربي. لكن كلما بدت الشرطة ضعيفة وتصرفت بصورة سيئة، كلما استخدم عناصرها المزيد من القوة على الأرض.
أمس جرى الحديث عن أن القائد العام للشرطة الكولونيل كوبي شبتاي قرر تخفيف الإجراءات التي تسمح للشرطة باستخدام الهراوات. الآن يستطيع ضابط صغير أن يأمر باستخدام الهراوات التي تحولت إلى سلاح منتشر، وكثيراً ما نرى الشرطة تستخدمها من دون ضرورة. الهراوة انضمت إلى سائر الأدوات التي تُستخدم من دون تمييز ضد الجمهور، وخصوصاً ضد الفلسطينيين على شكل عقوبة جماعية.
منذ بداية عملية "حارس الأسوار" تجمّع عدد كبير من الأدلة على عنف غير مبرَّر للشرطة، ومؤذٍ من خلال معاقبة أبرياء وإهانتهم، وهو ما يشجع على استمرار العنف. على الرغم من ذلك لم يبرز أي شخص في الشرطة لكبح هذا العنف.
مرّ أسبوع على دخول الوزير عومر بار ليف إلى وزارة الأمن الداخلي. لا يمكن توقّع شيء من الوزير السابق أمير أوحنا الذي كان الغرض من تعيينه إضعاف الشرطة. ليس أمام بار - ليف فترة سماح، ويجب عليه العمل منذ اليوم لكبح الشرطة ومعاقبة العناصر والضباط العنيفين، ودفعهم إلى فهم الوظيفة الحقيقية للشرطة - الدفاع عن المدنيين وعن حقهم في الاحتجاج، لا تهديدهم وضربهم.
المصدر: صحيفة هآرتس